5 مخاطر تهدد العالم في 2022 ... أخطرها النزاعات الجيوسياسية

21 ديسمبر 2021
المضاربون يضعون حسابات المخاطر وهم يغلقون محافظ 2021 (Getty)
+ الخط -

يدخل المستثمرون العام الجديد، 2022، وهم يواجهون خمس أزمات تهدد الاقتصاد العالمي وربما تحدث اضطرابات دولية تهز الاستقرار السياسي و"النظام العالمي" القائم منذ الحرب العالمية الثانية على التوازن السلمي في خدمة المصالح الاقتصادية بين الدول وينظم أداء الأسواق والتعاملات المالية ومسار التجارة العالمية.

أولى هذه الأزمات هي ارتفاع معدل التضخم واحتمالات ارتفاع الفائدة على الدولار في وقت تتزايد فيه الديون السيادية وديون الشركات. وثانيتها، أزمة الاضطراب الجيوسياسي في العديد من مناطق العالم الملتهبة التي تهدد باحتمال تفجر حروب جديدة في أوروبا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط.

وثالثتها، بروز التيارات الشعبوية بأوروبا وأميركا وتهديدها للديمقراطيات الغربية وبالتالي للاستقرار السياسي. ورابعتها، تحدي دول مثل الصين وروسيا لموقع الدولة العظمى، وهي الولايات المتحدة التي تشرف وتمول وتحمي أمن التجارة والبحار وتحفظ احترام المعاهدات الدولية الخاصة بالنقل الجوي وحرية الاتصالات.

وخامستها، أزمة متحورات كورونا التي انتهت إلى المتحور "أوميكرون"، سريع التفشي، والذي باتت تداعياته تهدد بإغلاق النشاط الاقتصادي مجدداً في بعض الدول. هذه الأزمات على الرغم من أنه يمكن حلها، إلا أن كلا منها تشكل مخاطر حقيقية على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في العالم، التي تعد من أهم لبنات الاستثمار والانتعاش الاقتصادي.

على صعيد التضخم، يرى صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة، أن ارتفاع معدل التضخم الذي يعني غلاء كلف المعيشة على المواطنين، كان من الأسباب الرئيسية في حدوث الاضطرابات السياسية والاحتجاجات في العديد من الدول النامية التي انتهى بعضها بإسقاط الحكومات ونشوء دول فاشلة، مثلما حدث في زيمبابوي حينما وصل معدل التضخم إلى أكثر من 1000%، أو ما يطلق عليه "هايبر إنفليشن" أو التضخم المفرط ويحدث حالياً في فنزويلا.
ويعيش العالم حالياً فترة من التضخم المرتفع ليس بالدول النامية فحسب ولكن أيضاً في الاقتصادات المتقدمة، ففي الولايات المتحدة وصل إلى أعلى مستوياته منذ 30 عاماً ليرتفع فوق 6%، كما يرتفع معدل التضخم أيضاً في أوروبا والصين وروسيا.

وبلغ معدل التضخم في بعض الاقتصادات الناشئة فوق 20%، كما هو الحال في تركيا في الوقت الراهن، الذي يشهد تدهور سعر صرف العملة التركية إلى 17 ليرة مقابل الدولار. ويقدر معدل التضخم بنحو 45% في إيران، حسب بيانات نشرة "بورصة آند بازار" التي تصدر في لندن وتتابع مسار الاقتصاد الإيراني. كما يواصل معدل التضخم ارتفاعه الجنوني في السودان ولبنان والعديد من الدول العربية غير النفطية.

يتخوف مصرفيون من أن يقود حجم الديون في بعض الدول إلى موجة إفلاس وسط الشركات وإلى عرقلة مسار التجارة العالمية والتمويلات البنكية وصناعة الائتمان بسبب مخاطر القروض

ويرى محللون أن العالم سيواجه خلال العام المقبل أزمة في التضخم مصحوبة بارتفاع في سعر صرف الدولار، وهو ما يعني غلاء سلع مهمة للحياة، مثل مشتقات البترول التي تدخل في الصناعة والسفر والنقل.

ومعروف أن البترول يباع بالدولار، وهذا يعني مزيداً من العبء المالي على الدول المستوردة للنفط وزيادة أعباء خدمة الديون، خاصة بالنسبة الدول الناشئة والنامية المثقلة بالديون.
على صعيد الديون السيادية، تدخل الولايات المتحدة العام الجديد بارتفاع كبير في حجم الديون السيادية وخدمتها، حيث يتجه الكونغرس الأميركي لرفع سقف الدين الأميركي بنحو 2.5 تريليون دولار، ليضيف إلى حجمه الحالي البالغ 28.5 تريليون دولار.

وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ستدخل العام الجديد، 2022، بدين قوامه 31 تريليون دولار وتفوق خدمته السنوية نصف تريليون دولار حتى بحساب الفائدة شبه الصفرية الحالية (0 ـ 0.25%).
وتشير بيانات صندوق النقد الدولي الصادرة الأسبوع الماضي، إلى أن إجمالي الديون العالمية التي تشمل الديون السيادية وديون الشركات وديون الأفراد ارتفعت إلى 226 تريليون دولار في نهاية العام 2020، وهذا أعلى مستوى للديون منذ الحرب العالمية الثانية.

ويتخوف مصرفيون من أن يقود حجم الديون في بعض الدول إلى موجة إفلاس وسط الشركات وإلى عرقلة مسار التجارة العالمية والتمويلات البنكية وصناعة الائتمان بسبب مخاطر القروض.

وبالتالي ربما تقود هذه الديون إلى أزمات مصرفية في بعض الدول تهدد خطوط الائتمان العالمية المفتوحة بين البنوك المركزية والبنوك التجارية.
في شأن الاضطراب الجيوسياسي، يشهد العالم حاليا العديد من المناطق الملتهبة التي ربما تفجر حرباً في أي لحظة، إذ هنالك نحو 7 نقاط ملتهبة في العالم، أخطرها أوكرانيا وتايوان والملف النووي الإيراني، حيث تهدد إسرائيل بضرب مفاعل آراك النووي في وقت اقتربت فيه إيران من صناعة السلاح النووي.

كما أن هناك نزاعا بين اليابان والصين على جزيرة سينكاكو ونزاعات بين دول النمور الآسيوية والصين في بحر الصين الجنوبي، كما أن كوريا الشمالية التي أصبحت دولة نووية يمكن أن تدخل في حرب مع كوريا الجنوبية.

وفي القارة الهندية توجد منطقة كشمير الملتهبة بين الهند وباكستان، وهناك نزاع حدودي في جبال الهملايا بين الصين والهند كاد أن يتطور إلى حرب في النصف الأول من العام الجاري.
وفي شأن بروز التيارات الشعبوية وخلخلتها للديمقراطيات الغربية التي تشكل أسس استقرار النظام العالمي الحالي، يلاحظ أن صعود التيارات الشعبوية واليمينية المتطرفة يتشابه إلى حد كبير مع الأسباب التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية، حينما نشأت في ألمانيا حركة قومية شعبوية قوية وصعدت للحكم وقضت على الديمقراطية لتنشئ حكما دكتاتوريا يقوده أدولف هتلر الذي زكى نيران الأحزاب القومية في أوروبا ومن ثم أنشأ تحالفات ثم انقلب عليها لاحقاً لتنشب الحرب العالمية الثانية.

ويلاحظ أن التضخم المفرط وارتفاع الديون السيادية في ألمانيا كانا المحرك الرئيسي للحركة اليمينية الشعبوية المتطرفة التي حملت هتلر للحكم، وأن التضخم وارتفاع الديون السيادية من بين مخاطر الاستقرار العالمي خلال العام الجاري والأعوام المقبلة.

إجمالي الديون العالمية التي تشمل الديون السيادية وديون الشركات وديون الأفراد ارتفعت إلى 226 تريليون دولار في نهاية العام 2020

وتتوالد الحركات الشعبوية مثل الفطر في أوروبا اليوم وتأكل من رصيد الأحزاب التقليدية الديمقراطية وتضعفها بالتدريج.

من بين هذه الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة الجبهة الوطنية في فرنسا التي تقودها مارين لوبان في فرنسا، والحزب الشعبوي في هنغاريا الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي فيكتور أوربان.
ومن المخاطر الكبرى على الديمقراطيات في أوروبا، أن هذه الأحزاب تعارض مشروع أوروبا الموحدة وتطالب بالخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، أي أنها تطالب بتفكيك الوحدة الأوروبية، كما ترفع ورقة طرد المهاجرين من البلاد. 

وقاد الزعيم الشعبوي اليميني المتطرف نايجل فاراج حملة بريكست التي نجحت في إخراج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.

على صعيد التحديات التي تواجهها القوة العظمى، وهي الولايات المتحدة، من الدول الصاعدة، تواجه أميركا التحالف الصيني ــ الروسي وتمرد دول إقليمية مثل إيران.

ويخلق التحالف بين بكين وموسكو أزمة على صعيد التمدد الاقتصادي الصيني والهيمنة على الأسواق في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، كما باتت موسكو من بين الدول التي تهيمن على تسعير النفط بعد انضمامها لتحالف "أوبك +".
من جانبها، تهدد مبادرة طريق الحرير أو "الحزام والطريق"، التي طرحتها بكين في العام 2013 وصرفت عليها حتى الآن قرابة تريليون دولار، بقتل النشاط الاقتصادي في أوروبا والدول الناشئة الأخرى.أما أوميكرون فبدأت آثاره مبكرا، حيث شهدت أسعار النفط، أمس، تراجعاً حاداً وسط مخاوف الأسواق من اتساع دائرة الإغلاقات.

المساهمون