عودة الانتاج النفطي الليبي بعد توقف لمدة عام

30 اغسطس 2014
اعادة انتاج النفط الليبي (محمود تركيا،فرانس برس/getty)
+ الخط -
سقطت ليبيا في براثن الفوضى منذ سنوات، حين لم تستطع حكومتها الضعيفة السيطرة على ميليشيات ساعدت في إسقاط معمر القذافي عام 2011، وأدّت النزاعات المسلحة في ليبيا الى توقف انتاج النفط لمدة عام بعد سيطرة الجماعات المسلحة على الحقول النفطية، ما أدى الى خسارة الخزينة موارد مالية هامة، وبعد اتفاق الحكومة مع المجموعات المسلحة، بدأت ليبيا باستعادة دورها في الانتاج النفطي، وعادت حقول النفط الى العمل تدريجياً بعد اقفال دام اكثر من عام، وفي هذا الاطار، أكد ابراهيم العوامي مدير أدارة التفتيش والقياس في وزارة النفط الليبية، أن ثلاث ناقلات نفطية شحنت خام البرنت من ميناء السدرة النفطي، خلال الأسبوع الماضي محملة 1.8 مليون برميل، مشيراً الى انه يوجد في صهاريج الخزانات النفطية الممتلئة ستة ملايين ونصف مليون برميل تنتظر التسويق.

عودة النشاط النفطي

ويعد ميناء سدرة النفطي من اكبر موانئ تصدير النفط الليبية الرئيسية ويبعد حوالى 180 كلم شرق سرت، ويستخدم في تصدير النفط الليبي عبر خطوط أنابيب لنقل النفط من الجنوب تصل مسافتها لنحو 1400 كلم. وقال العوامي لـ"العربي الجديد": إن إجمالي المخزون الموجود في ميناء السدرة النفطي يبلغ 4.5 ملايين برميل، تم بيعه بالكامل لشركات عالمية، مضيفاً "أن هناك ناقلة رابعة دخلت امس الجمعة، لشحن 650 ألف برميل من ميناء السدرة".
وتابع: "ان إنتاج ليبيا من النفط ارتفع إلى 665 الف برميل يومياً، كما انه سيرتفع تدريجياً في الايام القليلة المقبلة نتيجة ضخ حقول شركة الواحة للنفط إلى ميناء السدرة"، مُشيراً إلى أن عمليات الضخ، حتى مساء اول من امس، كانت اقل من 70 ألف برميل، وهي تتحسن بشكل تدريجي، لأن انابيب النفط لم تعمل منذ ما يقرب العام تقريبا بسبب النزاعات المسلحة. وأكد مدير إدارة التفتيش والقياس، ابراهيم العوامي، أن انتاج ميناء السدرة الطبيعي يصل الى طاقته الطبيعية المقدرة بـ 320 الف برميل يومياً، في غضون عشرة أيام. وأشار إلى أن هناك ناقلات أخرى ستدخل الى ميناء رأس الأنوف، وميناء الحريقة خلال ألايام المقبلة، ما يعني ان ليبيا بدأت باستعادة دورها على الخارطة النفطية.

وتغذي أربعة حقول نفطية وهي الواحة، والسماح، وجالو، والظهرة، ميناء السدرة النفطي، وتديره شركة الواحة للنفط المملوكة للمؤسسة الوطنية للنفط بالمشاركة مع ثلاث شركات أميركية هي "كونوكو فيلبس"، و"ماراثون"، و"اميراداهيس".
من جهة اخرى، قال عمر الشكماك، وكيل وزارة النفط الليبية، في تصريحات صحافية سابقة، "أن الليبيين خسروا كثيراً من العملاء في الأسواق العالمية، عقب توقف التصدير لاكثر من عام"، مشيراً إلى أن بعض العملاء من السوق الدولية لجأوا إلى أسواق أخرى بعد تفاقم الأزمة فى ليبيا لتغطية متطلباتهم، واحتياجاتهم. وأوضح أن ليبيا تمكنت من استعادة جزء من عملائها وزبائنها القدامى، لافتاً إلى أنهم يسعون إلى استعادة باقي الزبائن، أو الحصول على عملاء جدد، حتى يعود المعدل إلى ما كان عليه قبل أزمة محاصرة الموانئ النفطية الليبية.

عقود النفط

وفي المقابل، يرى مُحللون اقتصاديون أن الإنتاج النفطي لم يتعاف بعد، وأن عمليات بيع المخزون النفطي تتم عبر البيع الفوري، أي اقل من سعر السوق العالمي. وقال الخبير الاقتصادي الليبي، أحمد أبولسين، لمراسل "العربي الجديد": "لا توجد عقود آجلة لبيع النفط، وذلك لأن ميناء السدرة رفع عنه الحصار من قبل المُسلحين في منتصف يونيو، والعقود الآجلة تحتاج ثلاثة أشهر للاستلام".
وأوضح أن العقود الموجودة الان فورية، وتباع بسعر اقل من السوق العالمي، وأن الشركات النفطية تشتري المخزون الليبي نظير نقص العرض من العراق نتيجة الفوضى الأمنية، والحاجة إلى مخزون كاف للسيطرة على الأسعار والمضاربات العالمية، ولايوجد تعاف على المدى القريب للإنتاج النفطي الليبي نتيجة عدم الاستقرار الأمني في البلاد .
وفي غضون ذلك، انخفض أنتاج العراق بمعدل 140 ألف برميل يومياً، إلا أن أنتاج اوبك الاجمالي تجاوز حاجز 30 مليون برميل يومياً، مما سيضع عبئاً على الأسعار النفطية في الفترة المقبلة، كما ان الزيادة كانت من ليبيا التي بدأت بالعودة التدريجية للسوق وأنجولا التي دخلت السوق، بإنتاج جديد من قبل شركة "توتال الفرنسية" وكذلك بعد ارتفاع بسيط في الصادرات الإيرانية.

وتوقعت وزارة النفط الليبي أن يرتفع معدل الانتاج النفطي إلى 200 ألف برميل شهرياً حتى نهاية العام، بحيث يبلغ الإنتاج 1.2 مليون برميل يومياً، في حين بلغ معدل النصف الأول من العام 350 ألف برميل، وبالتالي سيرتفع الإنتاج إلى متوسط 600 ألف برميل يومياً، بحسب ماجاء في الموازنة العامة للعام الحالي. كما أن إيرادات ليبيا من النفط خلال النصف الأول من العام، بلغت 5 مليارات دولار، فيما وصلت الخسائر في الإيرادات نحو 10 مليارات دولار نتيجة إقفال موانئ تصدير النفط.
وتعاني صناعة النفط في ليبيا، والتي تعد أهم مصادر العملة الأجنبية، من مشكلات جمة، حيث بلغ إنتاج ليبيا من النفط قرابة 1.4 مليون برميل نفط يومياً، حتى منتصف عام 2013، قبل استيلاء مسلحين على موانئ نفطية في البلاد ليتراجع إنتاج النفط في البلاد إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً خلال شهر مارس/آذار الماضي.
وكانت مجموعة من المسلحين، بقيادة إبراهيم الجضران، قد تمكنت في يوليو/تموز الماضي، من السيطرة على أربعة موانئ نفطية في شرق البلاد، بهدف إنشاء إقليم فيدرالي في "برقة"، إلا أن المسلحين وافقوا في شرق ليبيا، في السادس من شهر أبريل/نيسان الماضي، على إنهاء تدريجي لحصارهم المفروض منذ العام الماضي، على موانئ "الزويتينة" و"الحريقة" و"رأس لانوف" و"السدرة" التي تصدر نحو 730 ألف برميل يومياً من النفط، وتشكل مبيعات النفط نحو 95 في المئة من إيرادات البلاد. وتتوقع ليبيا وصول العجز في الموازنة العامة للدولة لعام 2014، إلى 16 مليار دينار، بالاعتماد على إنتاج يومي من النفط يصل إلى 600 ألف برميل.
دلالات
المساهمون