المغاربة يترقبون المصارف "الحلال"

07 أكتوبر 2014
المصارف المغربية تتجه نحو التمويل الإسلامي(فرانس برس)
+ الخط -
تتجه المملكة المغربية إلى الاستفادة من التمويل الإسلامي، بهدف استحداث وسائل تمويلية تساهم في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية التي وضعتها، وبدأ العديد من المصارف التقليدية في استعدادات لإنشاء فروع إسلامية لها عبر تحالفات مع مصارف أخرى محلية أو خارجية، وأبدت دول من مجلس التعاون الخليجي استعدادها للدخول في هذا المجال، ودخلت في مفاوضات جادة للمشاركة في تأسيس مصارف إسلامية جديدة أو فروع للمصارف التقليدية القائمة. 

ولم تخل المؤتمرات التي عقدتها، المصارف المغربية، لعرض نتائجها في النصف الأول من السنة الجارية، من توجهات لفتح مصارف إسلامية، على خلفية قرب الانتهاء من المسار التشريعي الخاص بالقانون المنظم لتلك المصارف.

وعبّر رؤساء أغلب المصارف عن سعيهم إلى استحداث التمويل الإسلامي، بشراكة مع مصارف لها باع دولي في هذا النوع من التمويل، فقد أكدوا أنهم بصدد بحث إمكانية التحالف مع مصارف أبدت الرغبة في الدخول بهذه التجربة.

وأكد إبراهيم بنجلون التويمي، المدير العام التنفيذي، لمجموعة المصرف المغربي للتجارة الخارجية، (ثالث أكبر مصرف في المغرب)، في تصريح لمراسل "العربي الجديد"، عن الرغبة في فتح مصرف إسلامي خلال العام المقبل، بشراكة مع مؤسسة عربية دولية رائدة في التمويل الإسلامي.

وأحجم عن ذكر هوية تلك المؤسسة، مشدداً على أن المصرف الإسلامي الذي يراد تأسيسه، سيكون فرعاً لمجموعة المصرف المغربي للتجارة الخارجية، وليس مستقلاً.

وفي ذات الاتجاه، قال محمد الكتاني، الرئيس التنفيذي، لـ "التجاري وفابنك"، لـ "العربي الجديد": "إن العديد من الشركاء الدوليين سعوا إلى جس نبض المجموعة، حول إمكانية زيادة رأسمال "دار الصفاء"، في ظل قرب اعتماد اللوائح التي تنظم عمل المصارف الإسلامية، علماً بأن "التجاري وفابنك"، الذي يعتبر أول مصرف في المغرب، كان قد أسس "دار الصفاء" في السنوات الأخيرة من أجل توفير المنتجات الإسلامية لزبائنه، غير أن نتائجه ظلت دون التوقعات".

وعبر أحمد رحو، الرئيس التنفيذي، للمصرف العقاري والسياحي، المصنف رابعاً في المغرب، عن أمله في دخول سوق التمويل الإسلامي، غير أنه شدّد على ضرورة انتظار تفاصيل أكثر، خاصة على المستوى الجبائي (الضريبي)، ناهيك عن التعديلات الواجب إدخالها على مدونة التجارة كي تستوعب المنتوجات الإسلامية مثل المرابحة والمشاركة.

وكانت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية في مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية من البرلمان)، صادقت نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على مشروع قانون يرخص للمصارف الإسلامية تحت اسم "المصارف التشاركية".

ويسمح هذا المشروع لجميع المصارف العاملة في المغرب، بتقديم خدمات إسلامية، مثل المرابحة، والمضاربة، والإجارة، والمشاركة، وأي معاملات تتفق مع تعليمات المجلس العلمي الأعلى، أعلى مؤسسة دينية في المغرب.

ومن المنتظر أن يصادق "مجلس المستشارين" خلال جلسة عامة على هذا المشروع في وقت لاحق من العام الجاري، لكنه لن يدخل حيز التطبيق إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية للمملكة.
وكانت وزارة الاقتصاد والمال، قد قدمت مشروع القانون إلى لجنة المال والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب في 12 فبراير/شباط الماضي، بعد مصادقة الحكومة عليه أواخر يناير/كانون الثاني الماضي.

وكان المغرب اعتمد التمويلات البديلة (قروض إسلامية) منذ عام 2007، إلا أن كلفتها الكبيرة وفرض ضرائب كبيرة عليها، حالا دون إقبال المواطنين عليها.


وتفادى المغرب تسمية المصارف التي تنجز معاملاتها على أساس الشريعة بـ "الإسلامية"، إذ ارتأى تسميتها بـ "التشاركية"، تلبية لرغبة المصارف التقليدية التي تخشى أن يتحول عنها العملاء إلى المصارف الجديدة.

وكانت العديد من التقارير قد أكدت أن مصارف خليجية عبرت عن رغبتها في الترخيص لها بالعمل في المغرب، حيث تأتي الطلبات من الكويت والبحرين وقطر، لكن محافظ مصرف المغرب، يتجنب إعطاء تفاصيل حول المصارف الأجنبية التي تنوي فتح فروع لها في المغرب، حيث أكد في مؤتمر عقده قبل أيام، أنه سيتم سريعاً الشروع في فحص المشاريع التي تقدمها المصارف التشاركية.

ويعتبر الخبير المغربي في التمويل الإسلامي، بلقاسم بوطيب، أن مشروع القانون حول المصارف الإسلامية، يتميز باختلافه عن التشريعات الأخرى في العالم العربي الإسلامي، من أجل عدم إثارة حفيظة المصارف التقليدية.

وكان خبراء حزب العدالة والتنمية الإسلامي أكدوا، حين كان الحزب في المعارضة، أن المصارف الإسلامية والخدمات المالية التي تسوقها، يمكن أن تضيف نقطتين إلى معدل النمو الاقتصادي. هذا مبرر قد يبدو مقنعاً في بلد يسعى إلى تسريع وتيرة النمو من أجل معالجة معضلة البطالة.

وأشادت تقارير دولية بقدرة المغرب على تطوير نموذجها التنموي خلال السنوات الأخيرة، عبر استراتيجية تكتيكية تدفع إلى تحقيق النمو.

وأشارت إلى استهداف المملكة لنمو اقتصادي يبلغ 5% خلال السنوات المقبلة، عبر تحسين البنية التحتية وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وصنفت وكالة "موديز" في نظرتها المستقبلية للوضعية المالية والاقتصادية لعدد من البلدان، المغرب في خانة "مستقر" بعد أن كان يحتل درجة "سلبي"، معزية ذلك إلى إصلاح دعم مواد الطاقة والسياسة الصناعية.

وتشير تقديرات "دار الصفاء"، التابعة لمجموعة "التجاري وفابنك"، إلى أن المصارف الإسلامية في المغرب يمكنها تعبئة، نحو 90 مليار درهم، أي ما يعادل 9% من مجموع الادخار الوطني.

وتدعم دراسة أنجزتها مؤسسة "الاستشارات المالية الإسلامية وخدمات الضمان" IFAAS، هذه التقديرات، فقد توصلت إلى أن 97% من المغاربة مهتمون بالتمويل الإسلامي و9% منهم لا يفتحون حسابات مصرفية لاعتبارات دينية، و31% ينوون الانتقال من النظام المصرفي التقليدي إلى التمويل الإسلامي الذي يفتح الباب أمام قطاع المقاولات، ومؤسسات الدولة كي تستفيد من هذه الوسيلة المبتكرة.

وتتأهب الصيرفة الإسلامية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمغاربة، فقد أوضح تقرير أصدره المصرف المركزي المغربي في الصيف الماضي، تباطؤ وتيرة نمو القروض الموزعة وارتهان حظوظ الأسر في الحصول على قروض السكن والاستهلاك، بمستوى الدخل، وستدخل المصارف الإسلامية في منافسة جادة مع نظيرتها التقليدية في هذا المجال.
المساهمون