استهداف بنك بالضفة رفض التعامل مع حسابات أسرى ومحررين

08 مايو 2020
يتحكم الاحتلال بأموال الفلسطينيين ضغطاً وإذلالاً (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت مدينتا أريحا وجنين بالضفة الغربية المحتلة، فجر الجمعة، استهدافاً لفروع بنك عربي يعمل في الأراضي الفلسطينية، بعدما كشفت عائلات أسرى ومحررين خلال الأيام الماضية، عن رفض إغلاق البنك لحساباتهم، وهو ما اعتبره نشطاء وفصائل انصياعاً لقرار إسرائيلي بهذا الشأن.

وأطلق مجهولون النار، فجر الجمعة، على فرع بنك (ق.ع) في جنين، ما تسبب بتحطيم زجاج بوابته الأمامية وإلحاق أضرار مادية به، بينما ألقى مجهولون زجاجة حارقة على مدخل فرع البنك ذاته في مدينة أريحا. ووضع شبان ملصقات على واجهة فرع البنك في رام الله، تطالبه بالتراجع عن إغلاق حسابات عدد من الأسرى.

وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد سلسلة من التصريحات الرافضة والمحذرة من انصياع البنوك الفلسطينية لقرارات الاحتلال الإسرائيلي، واجتماع لمؤسسات تعمل في شؤون الأسرى ترفضها، وتطالب السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بتحمل مسؤولياتهما.

وفي وقت لاحق، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، أنه تم الاتفاق مع البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية على تجميد أي إجراء بخصوص حسابات الأسرى لديها عقب التهديد الإسرائيلي.

وقال اشتية على صفحته في موقع "فيسبوك": "يأتي ذلك بعد اتصالات أجريتها على مدار اليوم، مع إدارات البنوك وسلطة النقد"، مشيرا إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها لدراسة الأزمة ستجتمع وتقدم توصياتها خلال أيام، وهي مكونة من: سلطة النقد وهيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية البنوك ووزارة المالية.

وتابع: "على ضوء هذه التوصيات، سيكون هناك موقف موحد من جميع الأطراف بخصوص التهديد الإسرائيلي ضد البنوك التي تقدم خدماتها لذوي الأسرى والشهداء، وعليه فإن عائلات الأسرى تستطيع تفعيل حساباتها البنكية ابتداء من يوم الأحد، وسوف يناقش مجلس الوزراء الأمر هذا الأسبوع".

وقال اشتية: "نرفض التهديدات الإسرائيلية للبنوك بخصوص مخصصات الأسرى والشهداء ولن نخضع لها وسنوجد حلولا تحفظ حقوق الأسرى والشهداء وتحمي البنوك من بطش الاحتلال وأي إجراءات قضائية".

من جانبه، قال محافظ محافظة جنين أكرم الرجوب، في بيان صحافي، إن "التضامن مع حقوق الأسرى والاحتجاج على إغلاق بعض البنوك لحساباتهم لا يكون بحمل السلاح والخروج عن القانون والاعتداء على الممتلكات بشكل يسيء لمنظومة قيمنا الوطنية والأخلاقية ويهدد السلم المجتمعي".

واستنكر الرجوب "الاعتداء الآثم الذي تعرض له بنك القاهرة عمان في مدينة جنين"، فجر الجمعة، مع تأكيده على "قدسية ملف الأسرى والتفاف كل مكونات الشعب الفلسطيني خلفهم وخلف حقوقهم كاملة، وفي ظل ما تواجهه القيادة والحكومة الفلسطينية من ضغوط وابتزاز سياسي ومالي من دولة الاحتلال نتيجة لموقفها الثابت والراسخ خلف قضية أسرانا ومستحقاتهم بكل صلابة".

وأضاف الرجوب أن "المؤسسات الرسمية والأهلية وكل فعاليات شعبنا الفلسطيني كفيلة بحماية حقوق أسرانا بالوسائل القانونية عبر اتخاذ الإجراءات المناسبة. نعم لحقوق الأسرى والدفاع عن كرامتهم، لا وألف لا لإطلاق النار والاعتداء على البنوك".

من جانبها، أكدت سلطة النقد الفلسطينية، في بيان لها، أن حقوق أسر الأسرى والمحررين محفوظة لدى البنوك وسوف تنسق مع الحكومة حول ضمان استمرارية تلقيهم لمستحقاتهم، مشددة على أن اللجنة المشكلة بقرار من رئيس الوزراء باشرت العمل على تحليل المخاطر التي تلحق بمستحقات ذوي الأسرى وانعكاسات الأمر العسكري على البنوك العاملة.

وأشارت سلطة النقد إلى أنها تتابع عن كثب مبادرة بعض البنوك بإغلاق الحسابات تجنبا لتبعات تهديد سلطات الاحتلال، مؤكدة أنه "سوف تتم معالجة هذا الأمر وفق قانون سلطة النقد".

واستنكرت سلطة النقد الاعتداءات غير المسؤولة على أفرع البنوك، داعية الأجهزة التنفيذية لاتخاذ إجراءات رادعة بحق من أقدم على هذا العمل، مشيرة إلى أنها تتابع الهجمة غير المبررة على البنوك، فيما أكدت سلطة النقد وقوفها التام لحماية الجهاز المصرفي، والتي تعتبره قطاعا وطنيا بامتياز، وتعزيز دوره التنموي في ظل ما نواجه من معيقات اقتصادية يضعها الاحتلال أمام الفلسطينيين جميعا.

وشددت سلطة النقد على أنها لن تتخلى عن دورها في حماية أموال المودعين جميعا وفي إدارة ملف الحسابات لذوي الأسرى، وطالبت الجميع بالتعامل بحكمة بالغة وبشكل يضمن عدم إقدام الاحتلال على مصادرة أموال من البنوك كما حدث سابقا عام 2004، مستندة إلى الأمر العسكري ذاته الذي عدل حديثا في شهر فبراير/ شباط 2020.


وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، في تغريدة على موقع "تويتر"، صباح الجمعة: "قرار إغلاق حسابات الأسرى في البنوك يمس كرامة كل فلسطيني ومرفوض، وهو انصياع لإرادة الاحتلال. نتمنى خلق حالة إجماع وطني فلسطيني في حماية أسرانا وحقوقهم، والحفاظ على كرامتهم. إنهم فخر مجدنا وعزنا الوطني".

وكانت القناة العبرية "السابعة" قد كشفت، الشهر الماضي، عن تحذير إسرائيلي للبنوك الفلسطينية من التعامل مع رواتب الأسرى، وفق الأمر العسكري الذي وقعه القائد العسكري لجيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، والذي تعتبر بموجبه رواتب الأسرى أموالاً محظورة يجب مصادرتها.

وكانت القناة العبرية قد كشفت عن رسالة بعث بها مسؤول النيابة العسكرية الأسبق في الضفة، مدير معهد نظرة للإعلام الفلسطيني موريس هيرش، إلى البنوك الفلسطينية تحذرها من اعتقالات ومحاكمات.

وقال رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" منير الجاغوب، لـ"العربي الجديد": "إن قضية الأسرى بالنسبة لحركة فتح وكافة الفصائل الفلسطينية هي خط أحمر، لا يوجد من يساوم عليها ويتنازل عنها".

وأكد الجاغوب أن "كل الضغوطات الإسرائيلية تجاه مخصصات الأسرى والشهداء مرفوضة، وتم تشكيل لجنة برئاسة محافظ سلطة النقد وتضم وزير شؤون الأسرى وجمعية البنوك وممثلا عن وزارة المالية لدراسة التهديدات الإسرائيلية ضد البنوك التي تقدم خدماتها لذوي الشهداء والأسرى والجرحى ورفع التوصيات اللازمة".

وتابع "هذا احتلال عنجهي ويمكن أن يقوم بخطوات غبية ووحشية مثل مصادرة الأموال مباشرة من البنوك، لأن كل تفكير دولة الاحتلال ينصب على تنفيذ ما تعتقد أنه يخدم مصالحها كدولة احتلال".

ولفت الجاغوب إلى أنه "يجب أن ننتبه كيف يتعاطى العالم مع هذه الخطوة الإسرائيلية، ومن الواضح أن هناك سكوتا عالميا على هذه الخطوة الإسرائيلية، ومن المفروض أن تباشر اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء محمد اشتية بالعمل وتخرج بحلول".

وقال الجاغوب: "يجب أن نفكر بطرق خلاقة، لأن المعركة مع الاحتلال طويلة، وهذه ليست آخر جولة في معركتنا مع احتلال غاشم لا ينصاع لأي تشريعات وقوانين دولية وإنسانية، ولا أعتقد أن هناك مشكلة أن نعود لطرق أخرى لدفع مخصصات الأسرى دون الحاجة للبنوك".
المساهمون