لبنان يحاول دعم الليرة... ويبحث عن آلية لإصلاح الكهرباء

21 مايو 2020
مساعٍ لرفع سعر الليرة أمام الدولار (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
قال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب إن مصرف لبنان المركزي سيتدخل في السوق اعتبارا من اليوم الخميس لحماية الليرة اللبنانية، التي تسبب انخفاض قيمتها في رفع أسعار الأغذية وبقية السلع الأولية.

وشرح دياب في خطاب تلفزيوني: "تبلغت وعدا من حاكم مصرف لبنان بأن المصرف سيدخل في السوق اعتبارا من اليوم لحماية الليرة اللبنانية، ولجم ارتفاع سعر الصرف". وفقدت الليرة أكثر من نصف قيمتها منذ أكتوبر/ تشرين الأول.

وأكد مصرف لبنان المركزي اليوم الخميس أنه سيبدأ اتخاذ "الإجراءات الضرورية" للدفاع عن العملة المحلية اعتبارا من 27 مايو/ أيار، بما في ذلك توفير الدولارات لاستيراد المواد الغذائية الأساسية.

وفي التفاصيل، أعلن حسان دياب خلال تلاوته "برنامج إنجازات الحكومة" بعد مرور مئة يوم على نيلها ثقة مجلس النواب، أنّه سيتم دعم استيراد السلع الغذائية الأساسية وفقاً لجداول تم تحديدها وستكون هناك متابعة يومية لخفض أسعار المواد الغذائية وسيلمس اللبنانيون في وقتٍ قريبٍ تراجعاً في أسعار هذه السلع.

وقال، "يمكنني أن أعلن اليوم، أن الحكومة أنجزت ما نسبته 97 في المائة من التزاماتها في البيان الوزاري للمئة يوم، ونحو 20 في المائة من التزاماتها خارج المئة يوم في برنامج عمل السنة. كما يمكنني أن أعلن، أن الحكومة طلبت من الوزارات خفض نفقاتها التشغيلية بين 15 و20 في المائة، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض الإنفاق العام بين 4 و5 في المائة في موازنة 2020، على الرغم من أن الموازنة كانت متقشفة أصلاً".

وعدد رئيس مجلس الوزراء اللبناني بعض العناوين من برنامج الإنجازات، وهي إطلاق التدقيق في ميزانية المصرف المركزي، لأول مرة في تاريخ لبنان. دعوة الجهات المانحة للكشف عن الأموال المنهوبة واسترجاعها. إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وإقرار تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الاموال المتأتية عنه. وطلب إجراء التحقيقات بخصوص الأموال التي حولت إلى الخارج قبل وبعد 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

كذا أعلن دياب عن مشروع قانون يرمي الى رفع السرية المصرفية. واسترداد إدارة وتشغيل قطاع الهاتف الخليوي والتحضير لمناقصة عالمية. وإنجاز القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء والتنظيم القضائي. ووضع سياسة جزائيةٍ عامة عبر استبعاد التوقيف الاحتياطي إلا عند الضرورة. بدء المفاوضات لتلزيم استقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي.

إضافة إلى انتهاء المرحلة الأولى من التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية، والاستعداد للمرحلة الثانية. مشروع قانون يرمي الى فتح اعتمادٍ إضافي بقيمة 1200 مليار ليرة لبنانية في الموازنة العامة لعام 2020 يخصص لمواجهة الاوضاع المستجدة بفعل وباء كورونا.

وشدد دياب على أننا "تسلمنا الحكم، والبلد يغرق بسرعة قياسية. فهل كان بإمكان أي حكومة أن توقف هذا الانهيار الدراماتيكي؟ هل يمكن وقف الانهيار من قبل الذين تسببوا به ثم تركوه لحظة السقوط؟ فلندع جانباً، جدول جردة الحساب بعمل الحكومة خلال المئة يوم منذ نيلها الثقة، ولنتكاشف ونتصارح، بكل صدق وشفافية وواقعية".

وأشار دياب الى أنّه "بعد عشرة أيام فقط من نيل الحكومة الثقة، وعشية القرار التاريخي الصعب بالتوقف عن سداد الديون وفوائدها وإدارة مخاطر هذا القرار بحذر، ضرب إعصار كورونا السفينة، وحاول حرف مسارها، وفرض نفسه كأولوية في مصارعة التحديات، وتربع في أعلى صفحات يومياتنا، لكن ذلك لم يحبطنا ولم يثبط عزيمتنا ولم يعطل برنامج عملنا".

من جهة أخرى، اتجه لبنان إلى شركات عالمية لتصنيع محطات الكهرباء، ومنها جنرال إلكتريك، لترتيب تمويل لبناء قدرة كهربائية تشتد حاجته إليها، آملا الحصول على شروط مناسبة بمساعدة حكومات تلك الشركات.

وأبلغ وزير الطاقة ريمون غجر "رويترز" يوم الأربعاء، بأن لبنان عدل نهجه إزاء تلك العملية منذ تخلفه عن سداد ديونه السيادية في مارس/ آذار، وهو ما يعني عدم قدرته على عرض ذلك النوع من الضمانات السيادية التي يطلبها المستثمرون.

وقال في مقابلة: "العجز عن السداد أوجد مشكلة كبيرة في تمويل مشروعات البنية الأساسية في لبنان. ولهذا نحاول الالتفاف عليها".

تقول بيروت إنها تعتزم توقيع مذكرات تفاهم مع سيمنس وجنرال إلكتريك وميتسوبيشي وأنسالدو إنرجيا، للدخول في مفاوضات لاقتراح حلول ممكنة ماليا لبناء المحطات. وأضاف غجر لـ"رويترز": "تحدثنا إلى أربع شركات، جميعها عبرت عن رغبتها في تمويل حكوماتها مشاريع من هذا القبيل. ترغب جميعا في الاستثمار لأن شركات مثل تلك ليست لديها أعمال كثيرة حول العالم في الوقت الحالي".

ويعتبر إصلاح قطاع الكهرباء الذي يسجل خسائر حاسما، لبلد غارق في أزمة مالية تعد أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

ويراها المانحون الأجانب اختبارا لإرادة بيروت في إدخال إصلاحات تأجلت طويلا، ربما تساعد بدورها في الإفراج عن مساعداتهم لذلك البلد الذي يعاني ضائقة مالية. وستكون للشركات شروط مرتبطة بالتمويل، المتوقع أن يأتي من وكالات ائتمان التصدير.

وقال غجر: "نأمل أن نستطيع الوفاء بتلك الشروط، وإذا لم نستطع فسنعود إلى المربع الأول". وأمام لبنان ستة أشهر للتفاوض.

ولا يستطيع لبنان توفير الكهرباء على مدار الساعة منذ الحرب، مما يجعل الأسر تعتمد على مولدات خاصة مكلفة. وترتبط زيادة وتيرة انقطاع الكهرباء في الآونة الأخيرة بالأزمة: وقال غجر إن شحنتي وقود رابضتين قبالة الساحل لم يتسن تفريغهما على الفور لأن جي.بي مورغان، بنك المراسلة للبائع، كان قد وضع تعليقا ماليا على خطابات الائتمان اللبنانية. ووجدت هذه المشكلة طريقها للحل الآن.

وتستنزف مؤسسة كهرباء لبنان ما يصل إلى ملياري دولار سنويا من الخزانة العامة، اعتمادا على أسعار النفط. وحددت الحكومة مليار دولار ميزانية للمؤسسة هذا العام، وهو مبلغ قال غجر إنه سيكون كافيا بسبب تدني أسعار النفط.

لكن المبلغ المخصص لها العام المقبل، وهو 500 مليون دولار، لن يكون كافيا، وهو ما يعني أن الحكومة سيتعين عليها الحد من الخسائر وزيادة أسعار الكهرباء. وقال غجر إنه إذا لم يكن ذلك كافيا فستتحتم إعادة هيكلة الأسعار.

ويريد المانحون إنشاء سلطة تنظيمية في إطار الإصلاحات. وتعمل الحكومة على إدخال تعديلات قانونية لإنشائها، لكن تنبغي مصادقة البرلمان على تلك التعديلات. وذكر غجر كذلك أن الاهتمام بثاني جولة تراخيص لاستكشاف النفط والغاز البحريين في لبنان، والتي تختتم في أول يونيو/ حزيران، لم يكن كبيرا للغاية.

المساهمون