لبنان مستعد لتعويم الليرة مقابل مساعدات صندوق النقد

15 مايو 2020
الأزمة المالية تتسبب في انهيار الليرة (فرانس برس)
+ الخط -
كشف وزير المالية اللبناني، غازي وزني، عن أن بلاده مستعدة لتلبية طلب صندوق النقد الدولي تعويم سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، لكن بعد تلقيها الدعم الخارجي، على أن يُعتمد في المرحلة المقبلة سعر صرف مرن.

وقال وزني في مقابلة مع وكالة فرانس برس، اليوم الجمعة: "يطالب صندوق النقد دائماً بتحرير سعر صرف الليرة. هم يريدون توحيد أسعار الصرف والتعويم، لكن الحكومة اللبنانية طلبت مرحلة انتقالية تمر بسعر الصرف المرن قبل أن نصل إلى التعويم".

وأضاف "علينا تعديل سياسة التثبيت إلى سياسة سعر الصرف المرن في مرحلة أولى وعلى المدى المنظور، وحين يصلنا الدعم المالي من الخارج ننتقل إلى التعويم".

في هذه الأثناء، أعلن مصرف لبنان المركزي في بيان، اليوم، أنه سيوفر الدولار للواردات بسعر صرف 3200 ليرة، "بهدف خفض أسعار المواد الغذائية".

ويجري تداول الدولار بأسعار صرف تزيد على أربعة آلاف ليرة في السوق الموازية للعملة الصعبة. ويوفر البنك المركزي بالفعل الدولارات لاستيراد القمح والوقود والأدوية بسعر صرف 1507.5 ليرات وهو سعر الصرف الرسمي.

ووفق البيان "سيتابع مصرف لبنان ضخ الدولارات النقدية التي يستحوذ عليها عبر المصارف، بغية تمويل الاستيراد بسعر 3200 ليرة لبنانية للدولار الأميركي، بهدف تخفيض أسعار المواد الغذائية".

وبدأت الحكومة اللبنانية، الأربعاء الماضي، أولى جلسات التفاوض رسمياً مع صندوق النقد الدولي، في خطوة تأمل منها الحصول على دعم مالي ملحّ للخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع. وطلبت الحكومة، مطلع الشهر الحالي، مساعدة رسمية من صندوق النقد، غداة إقرارها خطة إصلاحية تأمل عبرها في الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار.

ويعاني لبنان من أزمة مالية شديدة في الأشهر الأخيرة، أدت إلى تخلّفه عن سداد ديون هائلة بالعملة الصعبة للمرة الأولى، والبدء في محادثات إعادة هيكلة أواخر مارس/آذار الماضي.

وقال مصدر مطلع على المفاوضات مع صندوق النقد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "صندوق النقد لا يمانع مساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية الحادة، لكنه يضع في المقابل جملة شروط حتى يطمئن إلى أن الأموال التي ستؤمن للدولة اللبنانية لن تذهب هدراً،  كما حصل في تجارب سابقة أثرت كثيراً على الثقة الدولية بلبنان".

وأضاف المصدر أن "عنوان هذه الشروط هي الإصلاحات البنيوية الجدية التي على الحكومة اللبنانية أن تبدأ ترجمة وعودها في هذا المجال ميدانياً، بدءاً من ملف الكهرباء، واستقلالية القضاء، ومكافحة الفساد والهدر، وتعويم الليرة وغيرها من الخطوات الواجب القيام بها".

وتسببت التبعات الاقتصادية لإجراءات مكافحة تفشي فيروس كورونا في تفاقم مشاكل البلاد، المتمثلة في ضعف العملة وتراجع الاحتياطات وارتفاع نسبة التضخم.

وبات لبنان في مصاف الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث تجاوز الدين العام أكثر من 170% من الناتج الإجمالي المحلي. ومع تراجع احتياطات المصرف المركزي، الذي لطالما اعتُبر عرّاب استقرار الليرة منذ عام 1997، بدأت ملامح الانهيار المتسارع منذ عام تقريباً مع أزمة سيولة حادة وشح في الدولار.

وفرضت المصارف، منذ نهاية الصيف الماضي، قيوداً على سحب الدولار وتحويل الأموال. وتزامن ذلك مع انهيار الليرة، بينما وجه رئيس الحكومة حسان دياب انتقادات حادة، قبل أيام، إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بشأن هذا الانهيار، وجرى فتح تحقيق رسمي بشأن تلاعب الصرافين في سوق العملات.

وقررت هيئة مكافحة تبييض الأموال في لبنان رفع السرية عن عمليات مالية جرت بين البنك المركزي والصيارفة، بغية تقديمها إلى المدعي العام ضمن تحقيق بشأن التلاعب في سعر صرف الدولار في الأسواق.

وذكر بيان صادر عن وحدة الإعلام والعلاقات العامة في مصرف لبنان، اليوم، أنه تمت مراجعة العمليات التي جرت خلال الفترة الممتدة من الثامن من إبريل/نيسان حتى الخامس من مايو/أيار، مشيرا إلى أنه لم تتم عمليات أخرى مع الصيارفة بعد هذا التاريخ. وقال البيان إن "الهيئة أشارت إلى أنه لم يكن هناك أي تلاعب في سوق الصرافين ناتج عن عمليات مصرف لبنان".

وترغب الحكومة اللبنانية في خفض عدد المصارف التجارية من 49 إلى نحو النصف، وفق تصريحات وزير المالية لوكالة فرانمس برس، اليوم، وذلك في إطار خطة إصلاحية تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي.

وقال وزني إن "هيكلة المصارف ستتم خطوة بخطوة، وهناك خيارات عدة مطروحة للمعالجة، بينها الدمج وهو أمر طبيعي"، مضيفاً "في لبنان 49 مصرفاً تجارياً، ومن الطبيعي أن ينخفض الرقم إلى نحو النصف في المرحلة المقبلة".

المساهمون