صعوبات في تشديد الخناق على قطاع البتروكيماويات الإيراني

09 يونيو 2019
أميركا توسع عقوباتها على قطاعات التصدير الإيرانية (Getty)
+ الخط -

فيما استهدفت واشنطن أحد أهم مفاصل الاقتصاد الإيراني بفرضها عقوبات على أكبر مجمع للبتروكيماويات، يوم الجمعة الماضي، وسط تهديدات بتوسيع نطاقها لتشمل القطاع بالكامل، قللت طهران من أهمية هذه العقوبات، معتبرة أنها "غير قابلة للتنفيذ"، أو أنها تمثل "إرهابا اقتصاديا ضد الشعب الإيراني".

واعتبرت السلطات المعنية في قطاع البتروكيماويات الإيراني، وفقا لما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية، أمس السبت، أن العقوبات الأميركية على هذا القطاع "لا تمثل حظراً أو قيوداً جديدة على البتروكيماويات في إيران، وهي أكثر العقوبات غير القابلة للتنفيذ قد وضعت ضدها".

وقالت المصادر الإيرانية إنه بالنظر إلى قلة الدول المنتجة للبتروكيماويات، فإن إيجاد البدائل عن المنتجات البتروكيماوية الإيرانية أمر صعب، وإنها ليست متوفرة بشكل كبير في الأسواق، الأمر الذي يحدّ من خيارات المشترين الأجانب في البحث عن البدائل.

وفي السياق، اعتبر رئيس الشركة الوطنية لصناعات البتروكيماويات، بهزاد محمدي، أن "قطاع البتروكيماويات ليس قابلا للحظر"، لكنّه أكّد، في الوقت نفسه، أن بلاده "قد استعدت لأي ظروف، وأنه تم تشكيل فريق عمل لمواجهة العقوبات في هذا القطاع".

وأشار محمدي إلى أن "بيع المنتجات البتروكيماوية له ظروف أسهل، تختلف عن بيع النفط"، مضيفا أن تصديرها خلافا للصادرات النفطية "لا يتم من أماكن معروفة، ويتم بطريقة غير مرصودة، على عكس ناقلات النفط التي ترصد عبر أجهزة الرصد والاتصال".

وأضاف محمدي أن المنتجات في قطاع البتروكيماويات تتجاوز 350 منتجا، لذلك لا يمكن حظرها بسهولة، قائلا إن هذه المنتوجات الإيرانية، لها مشترون يبلغ عددهم المئات في عشرات الدول "لذلك صناعة البتروكيماويات الإيرانية تمتلك قدرة عالية في المناورة والمرونة".



وأعلن جعفر ربيعي، رئيس "مجمع الخليج الفارسي للبتروكيماويات"، الذي استهدفته العقوبات الأميركية الأخيرة، أن المجمع سيواصل عمله بكل هدوء، مشيرا إلى أن هذه العقوبات أداة واشنطن في حربها الاقتصادية ضد طهران.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت، في بيان، يوم الجمعة الماضي، فرض عقوبات جديدة استهدفت قطاع البتروكيماويات الإيراني، بذريعة دعمه المالي لـ"الحرس الثوري الإيراني".

وورد في بيان الوزارة، أن الإجراءات تشمل فرض عقوبات على أكبر مجموعة بتروكيماويات قابضة في إيران، وعلى شبكة واسعة من الوحدات ووكلاء البيع، مشيرة إلى أن العقوبات تستهدف 39 شركة بتروكيماويات تابعة ووكلاء بيع في دول أجنبية.

وأوضح البيان أن المجموعة مع فروعها، تمثل 40 في المائة من إنتاج إيران من البتروكيماويات، و50 في المائة من صادرات هذا القطاع إلى الخارج.

ويشكل قطاع البتروكيماويات مصدرا رئيسيا لعوائد إيران من العملة الصعبة، بعد النفط، حيث تجاوزت قيمة صادراته خلال العام الماضي 12 مليار دولار.

وبحسب البيانات الإيرانية، فإن القدرة الإنتاجية لقطاع البتروكيماويات، تبلغ 65 مليون طن سنوياً، تصدّر منها 22 مليون طن إلى 30 دولة، بقيمة 12 مليار دولار. وتخطط إيران لرفع مستوى الإنتاج في هذا القطاع بنحو 70 في المائة حتى عام 2021، ليصل إلى 94 مليون طن.

وبحسب البيانات، تعمل في الوقت الحاضر 55 شركة ومجمعا في إنتاج البتروكيماويات، وتوجد 64 وحدة إنتاجية أخرى قيد الإنشاء، من المقرر أن يتم تدشينها حتى عام 2024، لترتفع بعد ذلك القدرات الإنتاجية إلى أكثر من 130 مليون طن.



يتضح من طبيعة العقوبات الأميركية على إيران، خلال الفترة الأخيرة، أنها تستهدف بشكل أساسي حرمان هذا البلد من مصادرها من العملة الصعبة.

وبعد فرض حظر شامل على الصادرات النفطية الإيرانية، اعتباراً من الثاني من مايو/أيار الماضي، فرضت واشنطن، في الثامن من الشهر نفسه، عقوبات على قطاع التعدين والصلب، الذي يمثل ثالث مصدر للعملة الصعبة الإيرانية، والذي تبلغ قيمة صادراته أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً.

وحظرت واشنطن في العقوبات التي فرضتها على إيران، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد انسحابها من الاتفاق النووي، في الثامن من أيار/مايو 2018، قيام الكيانات الأجنبية بصفقات لشراء منتجات البتروكيماويات الإيرانية.

وأعلنت الخزانة الأميركية حينها، أن أي شركة أو شخص يعقد صفقة مع هذا القطاع الإيراني، يعرّض نفسه لعقوبات تشمل المنع من التعامل مع الولايات المتحدة.

وفي أول تعليق رسمي على العقوبات الأميركية الجديدة على قطاع البتروكيماويات، ندّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أمس، بهذه العقوبات، معتبراً أنها تمثل "إرهاباً اقتصادياً يأتي استمراراً لعداوة البيت الأبيض المستمرة للشعب الإيراني".

وقال موسوي إنه "كان يكفي مرور أسبوع، ليثبت زيف ادعاء الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) برغبته في التفاوض مع إيران"، واصفاً الضغوط الاقتصادية الأميركية القصوى على بلاده بأنها "سياسة فاشلة جرّبها رؤساء أميركيون سابقون، ومسار خاطئ لن يحقق أهداف هذه السياسة".

واعتبر موسوي أن "مزاعم مسؤولين أميركيين للتفاوض مع إيران خادعة وغير واقعية، تهدف إلى جلب اهتمام الرأي العام"، داعياً دول العالم إلى الوقوف ضد العقوبات الأميركية على بلاده، باعتبارها تشكل "انتهاكاً سافراً لمبادئ القانون الدولي".



وعلّق مدير قسم الاستثمارات في الشركة الوطنية الإيرانية للصناعات البتروكيماوية، حسين علي مراد، على العقوبات الأميركية الجديدة، بقوله إن الشركات الآسيوية ترغب في مواصلة العمل مع إيران وتجديد الصفقات التجارية معها، من دون أن تكترث للعقوبات الأميركية.

كما أكد رضا عباد زاده، أحد مسؤولي مجمع "الخليج الفارسي للبتروكيماويات"، أن العقوبات الأميركية على قطاع الطاقة الإيراني، بما فيه البتروكيماويات، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "لم تؤثر على صادرات منتجات هذا المجمع، وأنها لا تزال مستمرة من دون تراجع".

وأضاف أن إصرار المشترين الأجانب على تجديد الصفقات لعام إضافي آخر في ظل الظروف الراهنة "دليل على استمرار الصادرات البتروكيماوية بشكل طبيعي".

وقال الخبير الإيراني في شؤون الطاقة والبتروكيماويات، فريبرز كريمايي، إن قطاع البتروكيماويات يلبي حاجات عدد كبير من المستهلكين في العالم "لذلك ليس سهلا إيجاد بدائل عن المنتجات البتروكيماوية الإيرانية في الأسواق العالمية".

وأضاف كريمايي أن "حظر صناعة البتروكيماويات الإيرانية ليس ممكنا بسرعة، حيث تعتريه تعقديات وتحديات كثيرة مع مرور الزمن"، معتبرا أن "تنوع السلع البتروكيماوية الإيرانية المصدرة إلى الخارج يجعل من الصعب جدا حظر جميع هذه المنتجات المصدرة".