أزمة الجزائر...شبهات تورط النظام بفساد طاول مجال الأعمال والغاز

21 مارس 2019
جانب من احتجاجات الجزائريين (Getty)
+ الخط -
بدأت ملفات الفساد والتجاوزات في تسيير شؤون الجزائر تطفو على السطح، مع تواصل الحراك الشعبي المناهض لنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المتمسك بالحكم، حيث تناولت وسائل إعلام تقارير عن تورّط الرئاسة في بيع الغاز الطبيعي إلى فرنسا بثمن بخس، وإهدار المال العام، عن طريق منح امتيازات لما يوصف بـ"الكارتل المالي"، الذي يضم رجال أعمال مقربين من بوتفليقة.

يعد رشيد نكاز، الذي رشح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية قبل قرار بوتفليقة إرجاءها إلى أجل غير مسمى، أول من كشف عن ملف إمدادات الغاز الجزائري بالمجان إلى فرنسا، على حد تعبيره، وذلك لدى استضافته في حوار أجرته قناة "سي 8" الفرنسية، مشيرا إلى امتلاكه "أدلة دامغة على تورط بوتفليقة وشقيقه سعيد في منح غاز الجزائر لفرنسا مقابل وقوفها في صفّهما".

وفي اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، قال نكاز، المتواجد في فرنسا، إن "شركة توتال الفرنسية تحوز عقودا طويلة الأمد وُقعت مطلع عام 2002، لاستغلال الغاز في محافظة ادرار جنوب الجزائر، تستحوذ من خلالها على 65 في المائة من الغاز المستخرج مجاناً، يحول إلى فرنسا، ولديّ كل الوثائق".

وأضاف نكاز، لـ"العربي الجديد"، أن شركة "توتال" كادت أن تحوز نفس الامتيازات قبل أربع سنوات، مع الغاز الصخري، حيث ظفرت بعقود للتنقيب واستغلال الغاز الصخري من دون المرور بمناقصات دولية مشهرة، ولولا انتفاضة الشعب آنذاك لتكرر نفس السيناريو، وللعلم قد تم استجوابي من طرف المخابرات والأمن الجزائري وقدمت الأدلة".

وتعتبر فرنسا، بالإضافة إلى إسبانيا وإيطاليا، زبائن للغاز الجزائري، الذي يغطي 90 في المائة من احتياجاتهم، وأعربت باريس ومدريد عن قلقهما من تواصل الحراك الشعبي المناهض لتمديد عهدة بوتفليقة الرابعة، لإمكانية تأثيرها على إمدادات الغاز نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.

ولم يتسن الحصول على تعليقات من المسؤولين عن قطاع الطاقة في الجزائر حول اتهامات نكاز، إلا أن تصريحاته لاقت تداولا واسعا في الشارع الجزائري، وحتى في بعض وسائل الإعلام الجزائرية.

وقال علي بن فليس، رئيس الحكومة في الفترة من 2001 إلى 2003 ورئيس حزب طلائع الحريات: "فعلا، هناك امتيازات في الطاقة قدمها النظام الحاكم، في السنوات الأولى من حكمه، إلى فرنسا، واقتصرت هذه الامتيازات على منح عقود غاز مخفضة الأسعار، وأخرى بالمجان لسنوات، وهذا ما دفعني إلى الاعتراض، ودخلت في صدام مع آل بوتفليقة آنذاك، ما أدى إلى إقالتي".

وأضاف بن فليس، لـ"العربي الجديد": "في 2002 صاغ النظام مشروع قانون محروقات، يفتح استغلال قطاع المحروقات الجزائري أمام الأجانب، واعترضتُ عليه وبعض الوزراء، وتم سحبه من البرلمان تحت ضغط الشارع والطبقة السياسية، لأنه كان سيضع ثروات الشعب الجزائري بين يدي قوى خارجية تدعم أقلية حاكمة هنا في الجزائر".

وليست هذه القضية الأولى التي يتم فيها إقحام اسم بوتفليقة ومحيطه في قضايا فساد كبيرة، وإنما طاولت الاتهامات أشخاصا مقربين بجمع ثروات بطرق مشبوهة.

ولعل أكثر الأسماء تداولا في هذه الاتهامات، رجل الأعمال علي حداد، الذي يعد أحد أذرع النظام المالية، وكان له نصيب كبير من شعارات الجزائريين ضد نظام بوتفليقة في المسيرات المليونية التي هزت البلاد، منذ 22 فبراير/شباط الماضي.

وكان مصدر مسؤول قد قال لـ"العربي الجديد"، يوم السبت الماضي، إن "السلطات وزعت برقية مؤكدة على المحطات الحدودية والمطارات والموانئ، لمنع مغادرة حداد البلاد"، مشيرا إلى أن "السلطات كانت أبلغت المعنيّ بأنه ممنوع من المغادرة وطلبت منه البقاء في البلاد".

ويعد حداد من بين أبرز المقربين من محيط الرئيس الجزائري، وتجمعه علاقة خاصة بشقيقه سعيد بوتفليقة، وحاز بسبب ذلك استثمارات وصفقات متعددة في قطاعات الإعلام والأشغال العمومية والطرق والبنى التحتية، رغم عدة تحفظات تقنية على المشاريع التي يقوم بإنجازها.

ولعب حداد دورا في جمع الأموال ومساهمات رجال الأعمال في تمويل الحملات الانتخابية للرئيس بوتفليقة منذ الولاية الرئاسية الثانية في عام 2004، ويملك إضافة إلى عدد من الشركات، قناة تلفزيونية وصحيفتين.

وقال الخبير الاقتصادي فرحات علي إن "فساد رجال الأعمال المقربين من بوتفليقة، وحتى بعض وزرائه، أمر جلي ولا يمكن إخفاؤه، كيف يمكن لرجل أن يخرج من العدم ويصبح مالكا لأكبر مجمع للأشغال العامة وثاني أكبر مجمع إعلامي، في ظرف وجيز، لولا تورطه في قضايا مشبوهة".

وأضاف علي، لـ"العربي الجديد"، أن "فساد محيط بوتفليقة كان من بين الأسباب التي دفعت الشعب الجزائري إلى الانفجار في وجه النظام. الكل أصبح يرى الفساد أمامه ولا يتحرك، الفساد بلغ حجمه أكثر من 60 مليار دولار، حسب تقرير الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد، منذ وصول بوتفليقة للحكم عام 1999".

المساهمون