فورة النفط تحول أميركا للتصدير بعد تخطي المنتجين الكبار

27 نوفمبر 2018
الشركات تمكنت من مضاعفة إنتاجها مقارنة بعام 2012 (Getty)
+ الخط -


في أكبر هبوط يومي منذ حوالي أربعين شهراً، انخفضت أسعار النفط خلال تعاملات، يوم الجمعة الماضي، بنسبة 7.7%، ليتجاوز إجمالي الانخفاض في سعر الخام 30% من سعره في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وليصل سعر نفط غرب تكساس المتوسط الأميركي إلى 50.42 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى له في أكثر من 12 شهراً.

وتشير الدلائل إلى أن تراجع توقعات النمو للاقتصاد العالمي هو السبب الرئيسي وراء الانخفاض الكبير في السعر، خاصة مع تسارع الإنتاج الأميركي من النفط، والذي أشارت التقارير الحديثة إلى نموه بأسرع معدلات له منذ 98 عاماً.

ومع تباطؤ معدلات النمو، بدأ منتجو ومصدرو النفط يشعرون بالقلق من استمرار الانخفاض في الأسعار، خاصة مع الإعلان عن المزيد من القدرات النفطية الجديدة في الولايات المتحدة.

وبعد الأزمة المالية العالمية في 2008، وفي محاولة لتوفير السيولة في الأسواق، اعتمد بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي سياسات داعمة لتخفيض معدلات الفائدة على الدولار، حتى وصلت إلى مستويات صفرية، واستمرت تلك المستويات لما يقرب من ست سنوات، قبل أن يشرع البنك الفيدرالي في رفعها من جديد قبل نهاية عام 2015.

وتزامناً مع معدلات الفائدة المنخفضة، توسعت شركات الأبحاث والاستكشافات النفطية الأميركية في الاقتراض، في محاولة لزيادة الإنتاج الأميركي من النفط، حتى أصبحت الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم، بإنتاج يومي وصل في أغسطس/آب الماضي إلى 11.3 مليون برميل يومياً، وفقاً لتقارير حكومية حديثة.

وتشير الأرقام غير الرسمية إلى أن شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول الماضيين قد شهدا ارتفاع هذا الرقم إلى 11.7 مليون برميل يومياً.

وقبل يومين، نشرت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء تقريراً، أوضحت فيه أن العقد الأخير شهد حفر الشركات الأميركية 114 ألف بئر في ولايتي تكساس ونيو مكسيكو، وأن هذه الشركات يمكنها إنتاج النفط من تلك الآبار، مع تحقيق أرباح، حتى في حالة وصول سعر الخام إلى ثلاثين دولاراً للبرميل.

وأوضح التقرير أن العام القادم سيشهد التغلب على عقبات النقل، حيث ستتم إضافة ثلاثة خطوط أنابيب، وهو ما يعني ضخ حوالي مليوني برميل نفط إضافية في اليوم. وتسببت عقبات النقل في العام الماضي في تكساس في قيام الشركات هناك ببيع البرميل بأقل من سعره بما يصل لعشرة دولارات لكل برميل، بشرط نقله بأي وسيلة بعيداً عن خطوط الأنابيب التي كاانت قد وصلت لأقصى طاقاتها هناك.

وشهد أغسطس/آب الماضي، وفقاً للبيانات الحكومية الأميركية، تجاوز الإنتاج الأميركي لمستوى 11 مليون برميل يومياً لأول مرة في تاريخ صناعة النفط بالولايات المتحدة، وتجري حالياً في هيوستن، عاصمة النفط في الولايات المتحدة، محاولات متزايدة من أجل تسريع نمو الإنتاج من النفط الصخري الأميركي، مع التمسك بضغط التكاليف، من أجل التمكن من الاستمرار في الإنتاج عند المستويات السعرية المنخفضة.

وأصبح نمو الإنتاج الأميركي، وخاصةً من ولايتي تكساس ونيو مكسيكو، ممكناً لأن تجار النفط قرروا عدم التوقف أمام ندرة خطوط الأنابيب، واتجهوا إلى استخدام عربات السكك الحديدية والشاحنات لنقل البراميل من الولايتين إلى أي جهة أخرى.

وتمكنت الشركات الأميركية من زيادة طاقة خطوط الأنابيب بشكل غير متوقع، عن طريق إضافة مواد كيميائية تعرف باسم "عوامل خفض السحب" لزيادة التدفق.

ويقول جون كولمان، مستشار النفط في شركة وود ماكينزي المحدودة، ومقرها هيوستن: "المزيد من وسائل النقل سيكون متاحاً في العام المقبل، والشركات تقوم بحفر الآبار في المنطقة (تكساس ونيو مكسيكو)، لكنها في الوقت الحالي لا تقوم باستغلال العديد منها. لقد أصبحت هذه الآبار خزاناً للإنتاج الجاهز للاستهلاك بمجرد دخول خطوط الأنابيب الجديدة في الخدمة".

وتشير الأرقام الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة، على غير المتوقع، تمكنت من مضاعفة إنتاجها من النفط مقارنة بعام 2012، وهو ما جعلها لاعباً هاماً في سوق النفط العالمية، يفوق دوره ربما دور السعودية وروسيا.

ومع الإعلان عن إنتاج الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، قال بوب ياوجر، مدير قسم المشتقات في شركة ميزوهو سيكيوريتيز يو اس ايه: "لم أتخيل أبداً أن أسمع مثل هذه الأرقام عن الولايات المتحدة".

واستفادت أميركا من طفرة الإنتاج الحالية على أكثر من صعيد، فمن ناحية تمكن قائدو السيارات من الحصول على الوقود المطلوب لسياراتهم بأسعار أقل مما كانت عليه خلال عطلة عيد الشكر العام الماضي (توافق الخميس الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام)، ومن ناحية أخرى، يساعد ارتفاع إنتاج النفط على خفض العجز التجاري للولايات المتحدة، الذي يمثل أحد أهم مصادر الصداع للادارة الأميركية.

ووفقاً لتقرير حديث من "آي اتش اس ماركيت"، تسبب انخفاض أسعار النفط في 2017، مقارنة بما كان عليه قبلها بعشرة أعوام، في تخفيض 250 مليار دولار من العجز التجاري للولايات المتحدة.

وأضافت صناعة الطاقة الأميركية في أغسطس/ آب أيضاً ما يقرب من 3 ملايين برميل من النفط الخام وغيره من المشتقات النفطية، حيث بلغ إجمالي الإنتاج في الولايات المتحده 15.9 مليون برميل يومياً.

ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، يتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 17.4 مليون برميل يومياً بحلول نهاية عام 2019، وهو ما سيخفض ما تحتاج أميركا لاستيراده إلى أدنى مستوى له منذ حوالي سبعين عاماً، ويقدر بحوالي 320 ألف برميل يومياً فقط، لتتزايد التكهنات حول إمكانية أن تصبح الولايات المتحدة مُصدِّراً صافياً للنفط.

المساهمون