عقدت لجنة الزراعة في مجلس النواب المصري اجتماعاً طارئاً، اليوم الخميس، لبحث مماطلة الحكومة بشأن استلام محصول القطن من المزارعين لهذا العام، وإصرارها على تسلم القنطار بسعر 2500 جنيه، في الوقت الذي يطالب فيه المزارعون بضرورة رفع السعر إلى 3 آلاف جنيه على الأقل، منعاً لتعرضهم للخسائر نتيجة ارتفاع تكاليف زراعة المحصول.
وقال وكيل اللجنة، النائب هشام الحصري، إن "القطن أصبح حالياً للفلاح بمثابة القتيل اللي عاوز يدفن"، مضيفاً "تدهور زراعة القطن جاء نتيجة السياسات الحكومية المتخبطة، حيث انخفضت مساحة زراعة القطن في مصر من مليوني فدان إلى 100 ألف فدان فقط".
وأوضح الحصري أن الحكومة أعلنت أسعار استلام محصول القطن من المزارعين قبل موسم الزراعة، ما شجعهم على زيادة رقعة زراعته إلى 360 ألف فدان، وبعد موسم الحصاد لم تلتزم الحكومة بالأسعار المتفق عليها، بحجة أن الأسعار العالمية تشهد تراجعاً، والسعر المحدد بواقع 2700 جنيه لن يكون مجدياً بالنسبة لشركات قطاع الأعمال.
في حين طالب عضو ائتلاف الغالبية الموالي للحكومة، النائب مصطفى الجندي، باستصدار الحكومة قراراً باستلام القطن من الفلاحين فوراً، حفاظاً على مصداقية الدولة، مستطرداً "حرام اللي بيحصل ده... مصداقية الدولة على المحك... ومافيش دولة توعد وتخلف".
وأضاف الجندي: "أنا كده بضرب في سندي، وهو الفلاح... أيوة إحنا مع البناء، ومع إنشاء مشروعات رصف الطرق... لكن القطن مخزن في بيوت الفلاحين، ومش عارفين يصرفوه، وفي مزارعين مهددين بالحبس... والدولة عملت عام للشباب، وعام للمعاقين، فأين عام الفلاح... الفلاح المصري طلباته قليلة، وعلينا أن نخصص له هذا العام".
وقال النائب بدير عبد العزيز: "في عام 2011 تمت زراعة القطن الأميركي في مصر، وتسبب ذلك في خسائر فادحة للمزارعين... والفلاح أصبح الآن فريسة في يد التاجر"، مشدداً على ضرورة العودة إلى زراعة قطن (جيزة 2000)، والقطن كثيف الإكثار، مع إلزام الشركة القابضة للأقطان بسرعة استلام الأقطان.
وأشار النائب محمود هيبة إلى أن أزمة القطن الحالية تعود إلى تراجع الحكومة عن وعدها باستلام محصول القطن من الفلاحين بالسعر المتفق عليه، وهو ما تسبب في خسائر فادحة للفلاحين، متابعاً "ليه دائماً الفلاح مظلوم في البلد... والحكومة مصرة على العمل في جزر منعزلة عن الشعب... ولا يوجد أي تنسيق بين الوزارات المعنية".
في المقابل، جدد وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، التزام الحكومة باستلام محصول القطن من المزارعين بسعر يراوح بين 2500 إلى 2700 جنيه، مشيراً إلى أن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج خصصت 100 مليون جنيه لاستلام المحصول، على أن يتم تسلم 250 ألف قنطار فقط من البذور الرفيعة، و200 ألف قنطار من البذور الأخرى.
وزعم توفيق أن وزارة قطاع الأعمال تحملت خسائر تُقدر بنحو 2.7 مليار جنيه خلال استلام محصول القطن العام الماضي، وتواصلت مع البنك المركزي لتوفير السيولة لشراء 450 ألف طن قطن للعام الحالي، لكن البنك يريد أن تكون الفائدة تجارية بنسبة 16%، وما زالت تجرى محاولات لخفضها.
بدوره، قال وزير الزراعة عز الدين أبو ستيت، إن الوزارة ستحدد المساحات المزروعة بالقطن للعام المقبل بحيث تكون أقل من العام الحالي، لحين انتهاء وزارة قطاع الأعمال من إنشاء وتجديد المحالج، مع زيادتها خلال السنوات المقبلة، بدعوى أن الخطة الموضوعة من وزارة قطاع الأعمال هي المنقذ الحقيقي لتوسيع الرقعة المزروعة بالقطن.
وطالب أبو ستيت النواب بسن تشريع جديد يغلظ عقوبة حلج القطن خارج المحالج الرسمية والمصرح لها، خاصة أن التعديل الذي أقره البرلمان منذ فترة قصيرة، لم يجعل الحبس وجوبيا على هذه الجريمة، وبالتالي الأمر يحتاج لمزيد من التغليظ حتى يكون رادعا، خاصة أنه يؤثر على بذرة القطن، ويسبب خسائر بملايين الجنيهات، على حد قوله.
وتابع: "إن هناك تنسيقاً كاملاً مع وزارة قطاع الأعمال في ما يخص ملف القطن، والحكومة كانت بصدد البدء في استلام محصول القطن من الفلاحين، لكن بعض الشركات الخاصة التي أجرت الوزارة معها بروتوكولاً لتوريد المحصول لها تسببت في أزمة حالية، بعد انسحاب إحداها من الاتفاق".
وأشار كذلك إلى أن انتزاع بنك الائتمان الزراعي من وزارة الزراعة تسبب في تفاقم أزمة القطن هذا العام، خصوصاً أنه كان بمثابة الذراع المالي والتسويقي لها، لافتاً إلى أن الحكومة اضطرت للجوء للقانون لتحويل البنك إلى "مصرفي" نتيجة الخسائر الكبيرة به، وتراكم ديون الفلاحين، لأن السياسات البنكية للبنك المركزي تمنع البنوك من العمل التجاري.
وكان رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي، ممدوح حمادة، قد انسحب من اجتماع اللجنة النيابية اعتراضاً على حديث وزراء الحكومة، ورفض إعطائه الكلمة للحديث عن الأزمة، وهو ما دفعه للقول: "إحنا مش في محاضرة عشان نسمع بس... لازم نرد!".
فيما طالب نقيب النقابة العامة للفلاحين، عماد أبو حسين، وزير الزراعة بالتراجع عن قراره بخصوص تحديد سعر قطن الإكثار بواقع 2500 جنيه للقنطار من أقطان الوجه القبلي، و2700 جنيه للقنطار من أقطان الوجه البحري، باعتبار أن هذا السعر جاء متدنياً للغاية، ولا يصل حتى إلى حد الكلفة.