بالوثائق... قضية استيلاء رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق على أموال "مستشاري المحاكم"

15 سبتمبر 2017
مستند التحقيق مع بركات (العربي الجديد)
+ الخط -
حصل "العربي الجديد" على نص التحقيقات في القضية المتهم فيها رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق المستشار مصطفى محمود أحمد بركات، بوضع مخطط مع رجل الأعمال بديع السيد أحمد بدوي سويلم، الذي تربطهما علاقة وطيدة، للاستيلاء على أموال جمعية مستشاري محاكم الاستئناف المصرية.

وتخضع أموال جمعية مستشاري محاكم الاستئناف لرقابة وإشراف إدارة الجمعيات في وزارة التضامن، وقام بركات بتسهيل الاستيلاء على أموال "الجمعية" بنحو 8.5 ملايين جنيه.

والمخطط وفقاً للتحقيقات، كان عبارة عن اتفاق بين رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، مع رجل الأعمال، على الاستيلاء على أموال الجمعية عن طريق التحايل القانوني والادعاء بإقامة إنشاءات خاصة في قرية "العدالة" بالساحل الشمالي والمملوكة للجمعية، من قبل الشركة الخاصة برجل الأعمال، وصرف أموال بزعم هذه الإنشاءات التي لم تتم من الأساس.

المثير في القضية، أنه يتضح أنها بدأت منذ عام 2007، حيث كان وقتها القاضي المتهم يشغل منصب رئيس بمحكمة الاستئناف، إلا أن القضية نظراً لحساسيتها ومنصب المتهم وعلاقاته، ظلت "مجمدة" على مدار 10 سنوات كاملة، لم يُتخذ فيها قرارٌ إلا هذا العام من خلال قاضي التحقيق الذي تم انتدابه للتحقيق في القضية.

حيث أحال قاضي التحقيق، المتهمين -رئيس محكمة الاستئناف ورجل الأعمال- إلى المحاكمة الجنائية بعد ثبوت تورطهما في القضية واستيلائهما على أموال الجمعية، إلا أنهما تمكنا من الهروب خارج البلاد، وسيحاكمان "غيابياً".

القضية حملت الرقم 13 لسنة 2007 حصر تحقيق محكمة استئناف القاهرة، والتي قيّدت عقب فتح التحقيقات والانتهاء منها هذا العام، برقم 8136 لسنة 2017 جنايات قسم الأزبكية، وقد تولى التحقيق فيها قاضي التحقيق المستشار فتحي البيومي الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة.

وقد اتهم قاضي التحقيق في قرار إحالته القضية إلى المحاكمة الجنائية، كلاً من رجل الأعمال سويلم (78 سنة) مدير عام جمعية صائدي الأسماك، (هارب)، وبركات (80 سنة) رئيس محكمة الاستئناف سابقاً، (هارب)، بأنهما في تاريخ سابق على 30 سبتمبر/ أيلول 2010 بدائرة الأزبكية بمحافظة القاهرة، حيث الحيز المكاني لوقوع الجريمة، استولى المتهمان معاً بغير حق وبنيّة التملك على مال مملوك لإحدى الجهات العامة وهي "الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف"، بلغت قيمته 8 ملايين و45 ألفاً و747 جنيهاً.

وقام المتهم الأول، رجل الأعمال، بصفته المشرف والقائم بأعمال قرية "العدالة" الكائنة بالساحل الشمالي والمملوكة لجمعية مستشاري محاكم الاستئناف، بالاستيلاء بغير حق وبنية التملك على المال المملوك الجهة العامة سالفة البيان. وكان ذلك عن طريق الحيلة، حيث قام بصفته بتحصيل المبلغ المذكور مقابل أعمال، وثبت عدم وجود أعمال تقابلها، بل حصل على هذا المبلغ دون وجه حق، وأدخله في ذمته المالية.

كما قام المتهم الثاني رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، بتسهيل استيلاء المتهم الأول على المبلغ المذكور، من الأموال التي قام بتحصيلها من حاجزي قرية العدالة، إذ قام بتحرير شيكات للمتهم الأول حصل بموجبها على هذه الأموال بدون وجه حق.

وتضمنت القضية 4 شهود إثبات، جميعهم خبراء بوزارة العدل بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، حيث شكل قاضي التحقيق لجنة من خبراء وزارة العدل ضمت 3 خبراء، وهم شهود الإثبات الثلاثة الأوائل في القضية، بالإضافة إلى خبير هندسي وخبير حسابي، للوقوف على تفاصيل قيمة الأموال المستولى عليها.

حيث أكد الشاهد الأول، عبدالرحمن عزت عبدالرحمن، خبير بوزارة العدل بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، أنه بعد إجراء المعاينة على الطبيعة على أرض وقرية "العدالة"، وقيام لجنة الخبرة الهندسية بالاشتراك مع شاهدي الإثبات الثاني والثالث، وهما رفعت محمد عليوة الشافعي خبير بوزارة العدل بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، وطه كمال طه خبير بوزارة العدل بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، انتهت اللجنة الهندسية التي تقدِّر الأعمال المنفذة على الطبيعة بقرية العدالة بالإضافة، إلى قيمة وضع اليد، مبلغ 8 ملايين و165 ألفاً و260 جنيهاً.

وأضاف أن الخبرة الحسابية أوضحت بعد الانتهاء من حساباتها، أن جملة المبالغ التي أمكن حصرُها من خلال الكشوف المالية والمقدمة من الجمعية، والتي تم صرفها لحساب مشروع قرية العدالة، من وضع يد ومبانٍ وتشطيبات ومرافق وخلافه، والتي قام بصرفها المتهم الأول بواقع مبلغ 17 مليوناً و261 ألفاً و7 جنيهات.

وأوضح الشاهد أنه بتصفية الحساب بين ما تم إنجازه من أعمال، وما تم صرفه من مبالغ مالية للمتهم الأول، تبين أن المبالغ المسددة للمتهم الأول (رجل الأعمال) فيها زيادة قدرها 8 ملايين و45 ألفاً و747 جنيهاً، وأن المتهم الأول قد استلم هذه المبالغ بصفته القائم بأعمال التنفيذ بقرية العدالة، وتقاضيه مبالغ مالية تفوق ما تم إنجازه من أعمال.

كما شهد أن المتهم الثاني رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، هو محرر الشيكات للمتهم الأول، والتي تم من خلالها صرف الأموال الخاصة بالجمعية، نتيجة لهذا المخطط الذي تم الاتفاق عليه من قبل المتهمين.

كما أكد الشاهد الرابع، إسماعيل محمود مرسي علي، خبير بوزارة العدل بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة، أنه بالانتقال إلى مشروع قرية العدالة الكائنة بالساحل الشمالي طريق (إسكندرية/ مطروح)، وبمعاينة الأعمال المنفذة بالقرية وحصْر قيمة الأعمال المنفذة على الطبيعة وأعمال التسوية والأسوار والبوابة وأعمال الكهرباء، وبتقدير قيمة الأعمال المنفذة على الطبيعة، تبين أنها تقدر بمبلغ 8 ملايين و165 ألفاً و260 جنيهاً.

بخلاف ما تم سداده من الجمعية لمحافظة مطروح وشراء الأرض موضوع العقد المؤرخ في 7مايو/ أيار 1999 وما تم سداده لاستشاري المشروع وتكاليف الحراسة على الأعمال وغيرها، ليتبين أيضاً أن المبالغ المسددة للمتهم الأول بزيادة قدرها 8 ملايين و45 ألفاً و747 جنيهاً، تمت بالاتفاق مع المتهم الثاني، وبتسهيل منه.

وقد تبين من التحقيقات وجود علاقة صداقة وطيدة تجمع بين المتهم الأول رجل الأعمال ومدير عام جمعية صائدي الأسماك، والمتهم الثاني رئيس مجلس إدارة الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، وذلك منذ عام 1993، وقت أن كان المتهم الثاني يتولى وقتها سكرتير عام جمعية مستشاري محاكم الاستئناف، وأنه نتيجة هذه العلاقة تم وضع المخطط لاستيلائهما على أموال الجمعية.

وقد تمكن المتهمان من الهرب خارج البلاد، خاصة أنه تبين أن القاضي سبق واتُّهم في قضية أخرى مماثلة، وهي القضية رقم 11312 لسنة 2012، حيث اتهم هو والمهندس زياد عبداللطيف فهمي، ورجل الأعمال نشأت عبدالمسيح شنودة، صاحب شركة مقاولات، ومحمد عبدالله زين العابدين، محامٍ، بتسهيل الاستيلاء على أراضي الجمعية، بما قيمته 15 مليوناً و120 ألف جنيه، في عام 2008.

وذكرت التحقيقات أن القاضي المتهم وافق على عرض البيع المقدم من بقية المتهمين، واستصدر موافقة مجلس إدارة الجمعية دون اتخاذ الإجراءات القانونية لمستندات ملكية الأرض، وأنه وقّع على عقد بيع الأرض دون الاطلاع على المستندات من الجهات المختصة.

وكذا أمر منفرداً بصرف المبلغ دون العرض على مجلس إدارة الجمعية لإقرار التعاقد، بالمخالفة للمادة 84 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، كما تسلم المتهمون المبلغ دون اتخاذ إجراءات التسجيل أو استلام الأرض، ما مكن المتهمين من الاستيلاء على المبلغ النقدي دون وجه حق، للضرر عمداً بالمال العام.

دلالات
المساهمون