نقص في أكثر من 200 دواء بالجزائر .. والمنتجون يطالبون برفع الأسعار

12 يونيو 2017
أدوية القلب والسكري على رأس قائمة العقاقير الشحيحة(Getty)
+ الخط -
تعيش صيدليات الجزائر ندرة في العديد من الأدوية منذ عدة شهور، فيما تبقى الأسباب وراء هذه الندرة محل تقاذف بين المنتجين والمستوردين الذين يحملون وزارتي التجارة والصحة مسؤولية غياب أكثر من 200 دواء من على رفوف الصيدليات.
وبين الحكومة التي تنفي وجود أزمة أدوية، يبقى المريض وحده من يعاني، في ظل استمرار ندرة بعض الأصناف، التي تعدّت الصيدليات وطاولت المستشفيات، التي باتت تسجل عجزاً في العقاقير المعالجة لبعض الأمراض منها القلب والشرايين والسكري.

وبحسب مسعود بلعامري، رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص، فإن "نقابته سجلت ندرة في 210 أنواع من العقاقير أغلبها مستورد، والبعض منها مصنع محلياً لكنه مفقود بسبب غياب المواد الأولية".
وأرجع بلعامري في حديث مع "العربي الجديد" نقص الأدوية إلى تأخر إفراج وزارتي الصحة والتجارة عن برامج الاستيراد، وهي عبارة عن رخص إدارية تحدد أنواع الأدوية والمواد الصيدلانية المعنية بالإجراء والكمية المسموح باستيرادها.
وقال إن "هذه الرخص تمنح عادة في الشهر العاشر من كل سنة أي في أكتوبر/تشرين الأول، إلا أنه لم يتم منحها في 2016، وتم تأجيلها إلى نهاية فبراير/شباط من العام الحالي وكانت بطريقة استثنائية وبكمية ضئيلة سرعان ما نفدت".

وعن الأدوية التي شهدت ندرة في المعروض، أوضح رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص أنها "أدوية متعلقة بالأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والتهاب الكبد الفيروسي وبعض المضادات الحيوية".
ولم تتوقف الندرة على رفوف الصيدليات بل تعدتها إلى صيدليات المستشفيات، التي باتت تجد صعوبة في ضمان حق دستوري وهو "العلاج المجاني للجميع" إذ أصبحت بعض المؤسسات العلاجية تطلب من المرضى أن يقتنوا الأدوية بأموالهم الخاصة، وكثيراً ما يتم جلب هذه الأدوية من أوروبا عن طريق تجار "الشنطة".
وكشف إلياس جليجل، عضو النقابة المستقلة للممرضين، أن "الصيدلة المركزية أبلغت المستشفيات بندرة بعض الأدوية ودعتهم إلى التعامل الحذر مع هذه الحالة".

وكانت نقابات الصيادلة وموزعو الأدوية قد حذرت في فبراير/شباط الماضي من حلول أزمة أدوية، حين طالبت وزارتي الصحة والتجارة بالإسراع في عملية الإفراج عن رخص استيراد الأدوية، التي تم وضعها من جانب الحكومة في إطار خطة لكبح فاتورة الواردات بعد أن تراجعت عائدات النفط.
وقالت حسيبة بولمرقة، رئيسة جمعية موزعي المواد الصيدلانية في حديث لـ"العربي الجديد" إنه من المؤسف عدم استجابة الحكومة للتحذيرات التي أطلقها فاعلون في قطاع استيراد وتسويق الأدوية.
وقالت بولمرقة: "الحكومة فضلت استعمال سياسة الهروب إلى الأمام من خلال رفضها الحديث عن وجود أزمة أدوية في الجزائر"، مضيفة أن "الحل اليوم هو في منح رخص مستعجلة للمستوردين ولمصنعي الأدوية من أجل استيراد بعض المواد الأولية، حيث يغطي الإنتاج المحلي للأدوية في الحالات العادية 61% من احتياجات البلاد، لكن هذه النسبة تقلصت اليوم بسبب غياب المواد الأولية".

وفي ظل هذه الظروف، سارعت شركات الأدوية إلى الضغط على الحكومة، حتى تسمح لها برفع أسعار العديد من الأدوية والاستفادة من بعض الإعفاءات الضريبية والجمركية.
وقال مراد صايجي، ممثل فيدرالية منتجي الأدوية في تصريح لـ "العربي الجديد" إن "المنتجين التقوا ممثلا عن وزارة الصحة ورفعوا لائحة مطالب أبرزها رفع الأسعار، وذلك بالنظر إلى ارتفاع التكاليف وانخفاض الدينار أمام الدولار الذي تشتري به الشركات المواد الأولية".
وأضاف صايجي أن هامش الربح في بعض الأدوية لا يتعدى 8%، فيما يكون هامش الربح مضاعفا إلى 10 مرات في حال تم استيراد تلك الأدوية، وبالتالي يصبح الاستيراد مربحا أكثر من الإنتاج المحلي.
وكانت الجزائر قد استوردت 23.6 ألفا طن من المنتجات الصيدلانية خلال العام الماضي 2016، مقابل نحو 26.9 ألف طن في العام 2015، بتراجع بلغت نسبته 12.26%، حسب أرقام صادرة عن هيئة الجمارك الجزائرية.

وارتفعت قيمة واردات الأدوية الموجهة للاستخدام البشري إلى 1.9 مليار دولار، مقابل 1.87 مليار دولار في 2015، أي بزيادة بلغت نسبتها 1.52%.
ولكبح فاتورة الاستيراد، اعتمدت الحكومة تدابير لضبط الواردات من خلال تشجيع الإنتاج المحلي، منها إصدار منشور وزاري في ديسمبر/كانون الأول 2016، حدد قائمة الأدوية المصنعة في الجزائر والممنوعة من الاستيراد تماما، لتوفير النقد الأجنبي.
وفي إطار سياسة الترشيد، تم تحديد قائمة المنتجات الصيدلانية ذات الاستعمال البشري، والمعدات الطبية المصنعة بالجزائر الممنوعة من الاستيراد، والتي بلغ عددها 357 صنفا دوائيا، ويضاف إلى هذه القائمة 11 صنفاً مدرجا ضمن المعدات الطبية المصنعة محلياً تمنع من الاستيراد كالحقن والضمادات.

وفي مقابل الانتقادات الموجهة للحكومة بتطبيق نظام التراخيص على استيراد الدوية، كان صلاح الدين وضاح، الناطق باسم عمادة الصيادلة الجزائريين قال لـ"العربي الجديد" في وقت سابق من العام الجاري إن "استيراد الأدوية يتحكم فيه أشخاص يملكون سجلات تجارة رسمية ويملكون مخابر معتمدة، وكثيراً ما يلجؤون إلى نشر الإشاعات والمضاربة لضرب الصناعة الجزائرية في مجال المواد الصيدلانية".


المساهمون