أسواق المال تراقب بحذر قمة ترامب وشي جين بينغ

06 ابريل 2017
+ الخط -
تتركز عيون المستثمرين على نتائج قمة الرئيسين الصيني شي جين بينغ، والأميركي دونالد ترامب، التي بدأت في فلوريدا وتمتد ليومين.

ويمثل الرئيسان أكبر دولتين من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وتجمع بينهما علاقات بالغة التعقيد، حيث يبلغ حجم الاقتصاد الصيني 10 ترليونات دولار، فيما يقّدر الاقتصاد الأميركي بحوالى 18.86 ترليون دولار. وبالتالي، فإن نتائج هذه القمة ستكون مؤثرة على توجهات التجارة العالمية وأسواق المال والصرف.

ويرى الخبير في مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، إليك فيليبس، في مذكرة للعملاء على موقع المصرف، أن هذه القمة ستكون بداية للحوار بين الرئيسين اللذين يختلفان كثيراً في وجهات النظر والرؤى لقضايا العالم، وبالتالي من المتوقع أن يكون لنتائج اللقاء أثر كبير على أدوات الاستثمار العالمية، على الرغم من أنه يستهدف التعارف على بعضهما ومحاولة بناء علاقة في المستقبل، أكثر منه لقاء لنقاش عميق في الشؤون التجارية والسياسية والأيديولوجية.

وتتفق رؤية الخبير فيليبس مع تعليقات البيت الأبيض، يوم الأربعاء، على القمة في المؤتمر الصحافي الصباحي، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر: "اللقاء سيكون أولياً، وسيضع أطرا للنقاش المستقبلي بشأن التجارة والاستثمار"، وهو ما يعني أن ترامب ينظر إلى هذا الاجتماع على أساس أنه خطوة أولية.

ومن الواضح أن لدى ترامب رغبة في إجراء تحوّل رئيسي في مجرى التجارة العالمية وأدواتها، كما أنه ينظر إلى الصين على أنها أصبحت قوة مهددة لاستراتيجية "أميركا العظيمة" ومشروع "النظام العالمي" الذي يرغب في بنائه بعد تفكيك النظام العالمي الحالي.

لكن ما يفتقده الرئيس الأميركي، الذي وصل إلى البيت الأبيض منذ أكثر من شهرين، هو أنه ليست لديه استراتيجية شاملة للصين حتى الآن، حيث يجري عملية تجميع فريقه المتخصص في الشؤون الصينية، كما يقول الخبير فيليبس.

ويتمثل لُب الخلاف الاستراتيجي بين الطرفين في التجارة وما تسميه أطراف أميركية بالهيمنة الجيوسياسية للصين في آسيا، حيث يرى ترامب أن الصين أغرقت بلاده بالمنتجات الرخيصة، وأفلست بعض الصناعات، وفقد العمال وظائفهم، وبالتالي لا بد من معاقبة المنتجات الصينية بفرض الرسوم الجمركية المرتفعة عليها وعرقلة دخولها للسوق الأميركية.

وتظهر إحصاءات وزارة التجارة الصينية أن تجارة البضائع المتبادلة بين الطرفين تجاوزت 519.6 مليار دولار، في العام الماضي 2016، وهو ما جعل الصين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وجعل أميركا ثاني أكبر شريك تجاري بالنسبة للصين. ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح بكين، وهذا ما يُغضب ترامب.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
 
ويقدّر معهد بيترسون في واشنطن للدراسات الاقتصادية أن نسبة الضرائب، التي ينوي ترامب فرضها، تتراوح بين 35 و55%، ومثل هذه النسبة الضخمة قد تقود إلى حرب تجارية بين البلدين إذا لم يحدث تفاهم حقيقي بشأنها.

ويرى الخبير الأميركي أفيري غولدشتاين، الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة بينسلفانيا، في تعليق نقلته وكالة شينخوا الصينية، "إن العلاقات الثنائية تعود بالنفع على الولايات المتحدة والصين معاً".

ويقول إن إلقاء اللوم على الصين فقط في فقدان وظائف في قطاع الصناعة في الولايات المتحدة ليس صحيحاً، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بالمنافسة بين الأسواق العالمية والميكنة، التي تؤدي إلى إنتاجية أعلى وعمال أقل في المصانع.

وأضاف غولدشتاين، المتخصص في الشؤون الصينية، أن مستوى المعيشة للشعب الأميركي ارتفع بسبب المنتجات الصينية ذات التكلفة المنخفضة.

وفي ذات الصدد، ذكر تقرير أكسفورد الاقتصادي أن التجارة الصينية الأميركية والاستثمارات الصينية ساهمت في خلق حوالى 2.6 مليون فرصة عمل في الولايات المتحدة، والإسهام بحوالى 216 مليار دولار في النمو الاقتصادي الأميركي في عام 2015.

ويقول غولدشتاين، إن استراتيجية المواجهة بين بكين وواشنطن غير مفيدة للطرفين، كما أنها مضرّة للاقتصاد العالمي: "ينبغي ألا نحاول إبقاء الصين فقيرة أو نمنعها من القيام بدور أكبر في الاقتصاد العالمي، لكن يجب أن نحدد كيفية التعاون مع الصين في مواجهة مشاكل الاقتصاد العالمي وإدارة بعض الشؤون التجارية والمالية الصعبة التي تطرأ في الاقتصاد الدولي".

ورغم أن اللقاء قد لا يناقش، بشكل عميق، القضايا الخلافية، لكن هنالك مخاوف من حدوث توتر في القمة الأولى بين الرئيسين، إذ إن ترامب يضع مسألة العجز التجاري مع الدول على رأس أولوية علاقاته مع دول العالم، وتُعد الصين أكبر دولة من حيث الفائض التجاري مع أميركا، تليها كل من ألمانيا واليابان، كما أن ترامب يرى أن الصين دولة متلاعبة بسعر صرف عملتها اليوان، أي أنها تحدد لليوان سعراً منخفضاً للحصول على مزايا تنافسية لبضائعها على البضائع الأميركية.

لكن بدت بوادر ليونة، في الآونة الأخيرة، في مواقف ترامب تجاه الصين، حيث عدل عن إصراره السابق وتعهّد باحترام سياسة الصين الواحدة التي تعد حجر أساس للعلاقات الصينية الأميركية.

وسط هذه الاحتمالات، التي يضعها الخبراء لأول قمة صينية أميركية في عهد ترامب المنغلق والمتقلب، تبدو هنالك العديد من المجاهيل التي تصعب قراءاتها. ومن هذا المنطلق تتخوف الأسواق من نتائج هذه القمة.

المساهمون