تآكل متسارع لاحتياطي النقد الأجنبي في الجزائر

09 مارس 2017
الاحتياطي يفقد نصف قيمته في ثلاثة أعوام (لوثر بيتر/Getty)
+ الخط -
تُظهر الأرقام الرسمية المتتابعة تآكلاً متسارعاً لاحتياطي النقد الأجنبي في الجزائر، التي كان يحوز مصرفها المركزي ثاني أكبر كتلة عملة صعبة في المنطقة بعد السعودية، قبل عامين ونصف العام. 
وقال رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، إن الحكومة تتوقع نزول احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، الذي يعد أهم الضمانات الرئيسية للتجارة الخارجية، إلى 96 مليار دولار في شهر يوليو/تموز المقبل، ما يعني أن الجزائر فقدت نصف ما كان بحوزتها من عملات صعبة خلال ثلاثة أعوام من أزمة انهيار أسعار النفط التي بدأت صيف عام 2014.
وتراجع احتياطي النقد الأجنبي بالجزائر من 192 مليار دولار بالنصف الأول من عام 2014 (قبل أزمة النفط) إلى قرابة 143 مليار دولار بنهاية 2015، فيما تتوقع الحكومة أن ينتهي العام الجاري 2017 باحتياطي نقد أجنبي عند مستوى 113.3 مليار دولار، وفق ما جاء بأرقام الموازنة العامة الجديدة، وأن يقل الاحتياطي إلى 1076 مليار دولار بنهاية العام المقبل 2018.
ويستغرب الخبير المالي، فرحات علي، كيف رفعت الحكومة من سقف توقعاتها في ما يتعلق باحتياطي البلاد من العملة الصعبة، حيث يقول في حديث مع "العربي الجديد" إن "الاحتياطي يعيش ضغطا كبيرا، خلفه ضعف نسبة مردودية الجزء الموظف كسندات في الخزينة الأميركية وسندات سيادية في أوروبا، تضاف إليه تقلبات أسعار الصرف بعد تدهور الدينار الجزائري وكل هذا مقابل تواصل انهيار عائدات النفط التي تُشكل 96% من مداخيل البلاد."
وبالرغم من أن حكومة سلال لا تزال تُبدي تفاؤلا بشأن السيطرة على احتياطي النقد الأجنبي، يُتوقع أن يستمر هذا التراجع لعدم قدرة الحكومة على تسيير الإنفاق العام من جهة، ولأسباب موضوعية من جهة أخرى منها حفاظ الخزينة العمومية والميزان التجاري على نفس مستوى العجز المسجل السنة الماضية.
ويتوقع الخبير الاقتصادي، جمال نور الدين، أن يبلغ عجز الخزينة العمومية قرابة 30 مليار دولار، فضلا عن عجز في الميزان التجاري قد يصل إلى 18 مليار دولار، مما يعني ضخ المزيد من الأموال لسد هذه الثغرات المالية. كما يرصد نور الدين أيضا بعض المشاريع الكبرى، التي تعهدت الحكومة بإتمامها خلال العام الجاري 2017، بعدما جمدتها السنة الماضية، تلك المشروعات لن تدخل في ميزانية التجهيز ما يعني اقتطاع نفقات مالية لإتمامها.
وقال جمال نور الدين، لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة تبني تفاؤلها بشأن السيطرة على مستوى الاحتياطي، على أمور ليست بيدها مثل ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 60 دولاراً للبرميل حتى نهاية السنة، في وقت تشير فيه الأرقام إلى أن معدل سعر النفط الجزائري (صحاري برنت) يبلغ 55 دولاراً للبرميل.
كما تراهن الحكومة الجزائرية على تقليص الواردات من 47 مليار دولار العام الماضي 2016 إلى 30 مليار دولار هذا العام، في وقت لا تنتج البلاد فيه نصف ما تحتاجه على الأقل.
وكان رئيس الوزراء الجزائري قد تعهد في أغسطس/آب الماضي، بأن احتياطي النقد الأجنبي لن ينزل عن عتبة الـ 100 دولار حتى نهاية عام 2019، مع الحفاظ على نسبة تضخم ما بين 4 و5% حتى العام نفسه.
المساهمون