موازنة 2018 في سورية... إعمار من دون مخصصات

27 أكتوبر 2017
موارد مالية لا تؤهل لإعادة الإعمار (فرانس برس)
+ الخط -
في حين تتراجع حصة الشق الاستثماري في موازنة العام المقبل لسورية، تتزايد تصريحات المسؤولين في حكومة بشار الأسد، حول إعادة تأهيل وإعمار المدن والمنشآت، ووضع مشروعات تنموية واستثمارية على خطة العام المقبل.

وتراجع الإنفاق الاستثماري في موازنة العام المقبل 2018، التي تم إقرارها، مساء أول من أمس، إلى نحو ثلث المبلغ المقرر في موازنة العام الجاري.

واعتمدت حكومة النظام السوري الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018 بنفقات إجمالية تقترب من 3.187 تريليونات ليرة سورية (6.2 مليار دولار)، منها 2.362 تريليون ليرة للإنفاق الجاري، و825 مليارا للإنفاق الاستثماري (1.6 مليار دولار).

وعلى الرغم من ضعف مخصصات الاستثمار، قال رئيس مجلس الوزراء في حكومة الأسد، عماد خميس، إن الحكومة حريصة على وضع رؤية لإعادة تأهيل كل منطقة يحررها الجيش، بالإضافة إلى وضع مشاريع تنموية واستثمارية لهذه المناطق، مشيرا إلى أن الزيارات الحكومية الميدانية المستمرة للمحافظات تهدف إلى الاطلاع على واقعها ورصد الموازنة العامة بالشكل المناسب للمشاريع الخدمية والإنتاجية التي تنعكس إيجابا على تنمية تلك المناطق.

ولفت المسؤول السوري، في تصريحات صحافية، إلى أن حكومة الأسد أطلقت، خلال العام الحالي، مشاريع بقيمة 186 مليار ليرة سورية، منها 100 مليار ليرة لمشاريع بإشراف الشركات الإنشائية الحكومية ووزارة الأشغال العامة والإسكان.

وفيما يتعلق بالخطة متوسطة المدى، أشار خميس إلى أنها الأوسع على صعيد لجنة إعادة الإعمار، ويتم المضي بها من خلال المشاريع المشتركة بين المناطق والبلدات في المحافظة، مشيرا إلى أنه تم تخصيص 50 مليار ليرة سورية في عام 2017 لإعادة الإعمار والبنى الأساسية الحكومية والإنتاجية، تم صرف 30 مليار ليرة منها حتى الآن.

ويرى اقتصاديون أن طرح رئيس حكومة الأسد يندرج ضمن بند الاستهلاك الإعلامي والترويج السياسي، لأنه لا يمت للواقع بصلة، سواء قدرة سورية الذاتية على تمويل إعادة الإعمار، بعد أن زادت خسائر الحرب وفق إحصاءات رسمية عن 275 مليار دولار، أو حتى من ناحية طرح إعادة الإعمار في كامل سورية، رغم أن أجزاء منها اقتطعت ضمن اقتسام نفوذ الروس والإيرانيين والأميركيين، على أرض الواقع.

ويقول الخبير الاقتصادي السوري حسين جميل، لـ "العربي الجديد": ليست العبرة في إقرار موازنة عامة بتريليونات الليرات، بل بما تعادله وفق العملات الرئيسية، إذ لم تزد موازنة العام المقبل عن 6.2 مليارات دولار، وهي توازي موازنات ما قبل الحرب، وليست الأعلى في تاريخ سورية، كما يروّجون، كما أن المهم في تأمين هذه المليارات بواقع تمويل الموازنات السابقة، والتي لم تنفذ أكثر من 20% من شقها الاستثماري، عبر العجز والاستدانة من صندوق الدين العام. فكيف سيتم إعادة الإعمار من هذه الموازنة؟!

ويضيف جميل لـ "العربي الجديد" قائلا: "إن قفزنا على البنية القانونية في سورية، المتعلقة بعقود الإعمار في وزارة الإسكان، والتي تعود لعام 1969، فهل لدى حكومة الأسد موارد مالية تمكنها من إعادة الإعمار كما قال رئيس الوزراء، وهي التي تتعذر بعدم وجود سيولة لزيادة الرواتب المثبتة عند 70 دولاراً، رغم ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفقر عن 85%".

واعتبر الاقتصادي السوري من إسطنبول، أن إعادة الإعمار في سورية لا يمكن أن تبدأ قبل الحل السياسي ووجود ممولين وتأمين قروض، لأن جم الأموال في الداخل، بما فيها الخاصة والحكومية، لا تكفي لإعادة تأهيل قطاع البناء فقط، بعد تهديم أكثر من مليوني مسكن ومبنى حكومي وخدمي، فضلا عن قطاعات الكهرباء والنفط والصناعة، التي تزيد خسائرها بأضعاف المرات عن الناتج الإجمالي السوري الذي تراجع من 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 27 مليارا العام الماضي.

ويرجّح مراقبون أن تتم إعادة إعمار سورية، بعد إقرار حل سياسي العام المقبل، ومن الدول التي تسيطر على الأرض، مع ترجيح أن يكون لروسيا التي وقّعت، في العاشر من الشهر الجاري، خلال انعقاد اللجنة العليا السورية الروسية حول التعاون الاقتصادي في مدينة سوتشي الروسية، الحصة الأكبر، بعد توقيع عقود إعادة إعمار القطاعات الأكثر تضرراً، كالنفط والكهرباء والمياه.

كما ستتولى إيران، بحسب المراقبين، إعادة إعمار بعض المناطق التي تسيطر عليها، خاصة أنها ضمنت حصة بخراب سورية، بعد توقيع عقود واتفاقات العام الجاري، منها في قطاعات الكهرباء والزراعة، وحصلت على عقد حصري في قطاع الاتصالات الخلوي.
المساهمون