العملة الإيرانية تتراجع خوفاً من إلغاء الاتفاق النووي

14 أكتوبر 2017
مخاوف من تدهور الريال الإيراني (كريم صهيب/فرانس برس)
+ الخط -
تراجعت أسعار العملة الإيرانية أمام الدولار، قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره النهائي بشأن الاتفاق النووي مع إيران أو إلغائه. وحققت العملة الأميركية مستويات عالية بزيادتها عن أربعين ألف ريال إيراني، (أربعة آلاف تومان)، الأربعاء الماضي، في السوق الحرة، بينما وصل سعر صرف الدولار في البنك المركزي إلى ما يزيد عن 3400 تومان.

حالة التذبذب التي تعرضت لها العملة الإيرانية قد لا تكون الأولى من نوعها، خلال الفترة الماضية، لكنها تأثرت بشكل أو بآخر بالمؤشرات السياسية الصادرة عن الإدارة الأميركية، والتي ستعلن عن استراتيجية شاملة جديدة في التعامل مع إيران.

وامتنع بعض الصرافين في إيران، الأربعاء الماضي، عن تبديل الريال بالدولار، بسبب ازدياد الطلب، عقب ارتفاع قيمته أمام العملة الإيرانية، وقام البنك المركزي بضخ مبالغ كبيرة من الدولار في السوق الحرة والمصارف الرسمية، في خطوة البنك لمنع تدهور العملة الإيرانية، في ظل طمأنة العديد من المراقبين على أوضاع العملة الإيرانية.

وقال عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني حسن حسيني شاهرودي إن أسباب تراجع العملة المحلية تتمثل في وجود جو سياسي متشنج على الصعيد الدولي، وهو ما يرتبط بشكل رئيس بمصير الاتفاق النووي، معتبرا أن هذا ينعكس بطبيعة الحال على الاقتصاد الإيراني ومؤشراته في الداخل.

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، توقع شاهرودي ألا تستمر هذه الظاهرة وألا تتحول إلى أزمة، مقللا من أهمية تبعاتها. وذكر أنه حتى لو قررت أميركا الخروج من الاتفاق النووي، فهذا لا يعني أن الاقتصاد الإيراني الذي خضع لعقوبات مشددة طيلة السنوات الماضية سينهار.

وأضاف أنه على البنك المركزي أن يتحكم في الأسعار، وعلى المسؤولين السياسيين في الإدارة الإيرانية التعامل مع الأمر من خلال التقليل من شأن التبعات المحتملة لخطط ترامب المرتقبة.

وفي سؤال عن التبعات التي قد تفرزها العقوبات الأميركية التي يتوقعها الكثير في الداخل الإيراني وخارجه، اعتبر شاهرودي أن سوق الصرف يتأثر بالمبادلات الاقتصادية ونسبة التضخم وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، مرجحا عدم استمرار الأوضاع المتذبذبة، قائلا إن الاتفاق النووي ألغى العقوبات الاقتصادية التي فرضت على بلاده، لكن لم تحل مشكلات إيران المصرفية حتى الآن، وهو ما يعني أن أي عقوبات قادمة لن تكون أسوأ مما مضى، وستعرف البلاد كيف تتعامل معها، أيا كان شكلها، حسب تعبيره.

وكان المستشار الاقتصادي للرئيس الإيراني، محمد نهاونديان، قال، في تصريحات صحافية على هامش اجتماع وزاري الأسبوع الماضي، إن تذبذب العملة المحلية وراءها عوامل نفسية ترتبط بالقرار الأميركي المرتقب، مضيفا أن الخطة الحكومية المرتبطة بأسعار الصرف لم تتغير، واصفا إياها بالموفقة، كونها حققت استقرارا نسبيا خلال الأشهر الماضية، فضلا عن نجاح الحكومة بتقليص نسبة التضخم الاقتصادي إلى ما دون 10%، وهي التي تجاوزت 35% في سنوات ماضية.

ونقلت وكالة إيسنا عن عضو غرفة التجارة ورئيس اتحاد الصادرات الإيرانية، محمد لاهوتي، إن تصريحات ترامب انعكست على سوق الذهب الذي ارتفع سعره، وهو ما يعني ارتفاع قيمة الدولار تلقائيا.

أما الخبير الاقتصادي مهدي الياسي فرأى، في لقاء مع "العربي الجديد"، أن ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية ليس جديدا من نوعه، ولا يمكن وصفه بالتدهور الحاد للعملة الإيرانية مقابل الدولار، وأضاف أنه في هذا التوقيت تقريبا من العام الماضي، انخفض سعر الريال أمام الدولار كذلك، بل وتجاوزت قيمة الدولار الأربعين ألفا، كما هو الحال في الوقت الراهن.

ورأى أن العوامل الداخلية كثيرة، ولا يجب ربط ما يحدث بأميركا وقراراتها وحسب، فهناك ارتفاع في الطلب على العملة الصعبة في إيران، ولاسيما على الدولار، خاصة مع اقتراب فترة إحياء "الأربعين" الدينية، والتي تأتي بعد عاشوراء، فيسافر عدد كبير من الإيرانيين إلى العراق، ويبدأون بتحويل أموالهم للدولار مبكرا.

وأشار إلى أن بعض المتلاعبين بالأسعار يجعلون المؤشرات تتغير، لكنه جدد التأكيد على أنه لا يمكن تصنيف ما يحدث تحت عنوان انهيار العملة الإيرانية.

وكان البنك المركزي الإيراني قد سمح، في نهاية العام الماضي، لبعض المصارف المحلية بتداول العملات الأجنبية وفق سعر صرف السوق الحرة، وجاء قراره هذا بعد انخفاض سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار في حينه، وبعد أن فقدت العملة المحلية ما يقارب 19% من قيمتها خلال ستة أشهر سبقت هذا تطبيق هذه الخطة.

وفي أغسطس/آب العام الماضي، حدّد البنك المركزي سعر 31 ألف ريال للدولار الواحد، ليكون السعر الأعلى له منذ فترة سنوات، ولتكون تلك هي المرة الأولى التي يقترب فيها السعر بشكل واقعي من ذاك المطروح في السوق الحرة، والتي يتلاعب تجارها بالأسعار غالبا، استنادا لتطورات الوضع الاقتصادي، وهو ما ينعكس على مؤشرات الداخل.

المساهمون