ركود العقارات ينتظر انفراجاً في المغرب

02 يناير 2017
ملايين المواطنين ينزحون من الريف إلى المدن (Getty)
+ الخط -
تسود حالة من الترقب في المغرب حول الإجراءات التي يفترض أن تتخذها الحكومة المقبلة، من أجل إخراج قطاع العقارات من حالة الركود التي تسيطر عليه منذ العام الماضي.
وكان الركود العنوان الأبرز في سوق العقارات في المغرب، منذ بداية العام الماضي، في ظل ترقب الأسر، خاصة من الطبقة الوسطى، لعروض تستجيب لاحتياجاتها.
ولا تلوح مؤشرات على انتعاش قطاع العقارات في المملكة بعد الركود الذي طاوله، علما أنه شكّل، في سنوات سابقة، قاطرة الاقتصاد المغربي، في ظل الامتيازات التي حظي بها من قبل الدولة.
ووجدت حكومة عبد الإله بنكيران، في نسختها الأولى، صعوبات جمة في إنعاش قطاع العقارات، فالأسعار لم تنخفض بشكل يواكب تراجع الطلب، كما لم يوفر عرضا يوافق تطلعات الطبقة الوسطى.
وذهب الاقتصادي المغربي إدريس الفينا، إلى أن ضعف القدرة الشرائية وتشدد المصارف في توزيع القروض يساهمان في ركود قطاع العقار في العام الجديد.
وأوضح، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الاتجاه الذي سارت عليه السلطات بتجميد الزيادة في الأجور في الوظيفة العمومية، يؤثر على القدرة الشرائية للأسر الراغبة في اقتناء السكن.
وشدد الخبير في قطاع العقارات، على أن سعي الحكومة للتحكم في كتلة الأجور من أجل عدم توسيع عجز الموازنة، يساهم في ركود سوق العقار في المملكة.
ووصل الحد الأدنى للأجور في الوظائف الحكومية منذ عامين إلى 300 دولار، بينما ما زال في حدود 250 دولاراً في القطاع الخاص، علما أن الاتحادات العمالية طالبت، في العامين الأخيرين، بزيادة في الأجور تصل إلى 600 دولار في الشهر.
ولاحظ الفينا، أن المصارف أصبحت أكثر تشدداً في توفير القروض للراغبين في الشراء والمستثمرين، فالاستجابة لطلب القروض الذي تعبر عنه الأسر باتت تستغرق أشهراً عدة.
وأفاد تقرير للبنك المركزي المغربي، المنشور في نهاية العام الماضي، أن القروض العقارية وصلت، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 24.7 مليار دولار، مرتفعة بنسبة 2.2% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
غير أن تفاصيل تلك القروض تشير إلى ارتفاع قروض السكن بنحو 5.2% لتستقر في حدود 18.8 مليار دولار، بينما تراجعت قروض الاستثمار في العقارات بحدود 6.2% لتصل إلى 5.6 مليارات دولار.
ويعتبر الفينا أن ضعف النمو الذي شهده العام الماضي، ستتجلى آثاره أكثر على القدرة الشرائية للأسر في العام الجديد، خاصة بالنسبة للسلع الدائمة.
وعبّر مستثمرون عن تخوفهم من آثار الزيادة في رسوم تسجيل العقارات على السوق، فقد رُفعت تلك الرسوم قبل شهرين من 1% من قيمة العقارات إلى 1.5%.
وبذلت فيدرالية المنعشين العقاريين، التي تدافع عن مصالح المستثمرين في هذا القطاع، مساعي لدى وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الإسكان من أجل التراجع عن تلك الزيادة، التي يمكن أن تفضي إلى رفع قيمة العقارات وانخفاض حجم التعاملات.

ويتصور إدريس الفينا، أنه إذا ما عمدت السلطات العامة، في العام المقبل، إلى اعتماد نظام مرونة سعر صرف الدرهم، فإن مثل ذلك القرار سيكون له تأثير على القدرة الشرائية.
ويتأهب المغرب لتفعيل مرونة سعر صرف الدرهم واستقبال أول المصارف الإسلامية في العام المقبل، في سياق يعتبره محافظ البنك المركزي المغربي، عبداللطيف الجواهري، متسم بتحسن المؤشرات الاقتصادية، خاصة على مستوى النمو وعجز الموازنة والمديونية.
ويشير الفينا، إلى أن قطاع العقار يمكن أن ينتعش عبر خفض سعر الفائدة الذي يصل في المغرب إلى 5%، بينما يتراوح في دول أخرى بين 1 و1.5%.
ويرى أن المركزي المغربي لم يشأ خفض سعر الفائدة الأساسي الذي يمكن أن تسترشد به المصارف، حيث حافظ عليه في حدود 2.25%، متوقعاً ألا يخفض المركزي المغربي سعر الفائدة الأساسي إذا عمد البنك المركزي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة في العام الجاري.
وتعقد أسر مغربية آمالا عريضة على المصارف الإسلامية التي سيشرع في العمل بها العام الجاري من أجل الإقبال على طلب قروض تخول لها شراء سكن.
وتوقعت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين (المقاولين)، أن يرتفع الطلب على السكن بقوة، في الأعوام المقبلة، حيث يؤكد إحصاء السكان والسكنى الأخير أن 6 ملايين شخص سوف يرحلون من القرى إلى المدن في الأعوام المقبلة، ما يستدعي توفير السكن لهم.
ولم تتوقف الفيدرالية عن المطالب في الأعوام الأخيرة بإقرار إجراءات من أجل تشجيع شراء السكن، والبحث عن صيغ جديدة لتمويل الاستثمار العقاري، بما يبعد الشركات عن الارتهان للمصارف.
وتشير بيانات وزارة الإسكان وسياسة المدينة المغربية إلى أن المملكة في حاجة إلى تشييد 1.57 مليون وحدة سكنية لتلبية الطلب على السكن، خصوصا في المدن، مؤكدة أن 87% من الطلب على السكن تعبّر عنه الأسر في المدن.
وأبدى وزير السكنى وسياسة المدينة، نبيل بنعبد الله، في تصريحات سابقة، نوعا من الارتياح عبر التأكيد أنه تم خفض العجز على مستوى توفير المساكن إلى 580 ألف وحدة، منتقداً حرص الشركات على تحقيق أرباح مرتفعة، لكن المقاولين ردوا على انتقادات الوزير بالمطالبة باتخاذ إجراءات لتلبية النمو المتوقع في الطلب على السكن.

المساهمون