السيسي يمول المشروعات القومية من القروض وجيوب الفقراء

27 سبتمبر 2016
السيسي طالب البنوك بالفكة للمشروعات القومية (العربي الجديد)
+ الخط -

تبنت وسائل إعلام موالية للنظام المصري نشر سيل من التصريحات على لسان رجال أعمال وخبراء اقتصاد لتبرير مبادرة "الفكة" التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي ولاقت موجات من السخرية في الشارع المصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وطلب السيسي خلال افتتاحه مشروع بشاير الخير في الإسكندرية، من رؤساء البنوك الحصول على "الفكة" من المعاملات البنكية وتخصيصها لصالح المشروعات القومية، قائلاً لهم: "لو سمحتم أنا عايز الفلوس دي إزاي ماعرفش".

وتابع: "بنتكلم في معاملات لـ 20 أو 30 مليون إنسان لو الفكة جنيه و90 قرش، ممكن يبقوا رقم" ثم دوت القاعة بالتصفيق.

دعوات التبرع

ولم تكن هذه هي المبادرة الأولى لدعوة السيسي المصريين بالتبرع، فقد سبقتها دعوات كثيرة للتبرع دعماً للاقتصاد، ولاقت أيضا موجات كبيرة من سخرية المصريين، ففي فبراير/شباط 2015 دعا السيسي الشعب المصري للإسهام في النهوض الاقتصادي من خلال حملة "صبح على مصر بجنيه" التي أطلقها في مؤتمر رؤية مصر 2030، قائلاً "لو 10 مليون مصري ممن يمتلكون هاتف محمول صبحوا على مصر بجنيه واحد، يعني في الشهر 300 مليون جنيه وفي السنة 4 مليار جنيه للمساهمة في النهوض الاقتصادي".

وعقب وفاة والدته، في أغسطس/آب 2015 ، ناشد السيسي المصريين عدم نشر عزاء في الصحف ووسائل الإعلام، والتبرع بقيمتها، وذلك في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وفي الشهر ذاته دعا السيسي المصريين إلى التبرع لاستكمال ما وصفه بالمشروع القومي للأجيال القادمة المتمثل في جامعة زويل.

وفي 1 يوليو/تموز 2014 دشن السيسي صندوق "تحيا مصر" لدعم الاقتصاد، وقال في الشهر الأول من تأسيس الصندوق، وتحديدا في خطاب بمناسبة ليلة القدر، في 25 يوليو/تموز 2014: "عندنا مشكلة كبيرة.. المشكلة دي هي العوز.. وإحنا إن شاء الله مصممين نتغلب عليها.. وعشان كدة عملنا صندوق تحيا مصر ده"، معلنا "أنا عايز في الصندوق ده مش أقل من 100 مليار عشان نبني بلدنا بجد".

تبرير "الفكة"

وفي سياق السخرية من مبادرة "الفكة"، بالغ بعضهم في تبرير تلك المبادرة ومردودها الإيجابي في دعم الاقتصاد المصري، إذ توقع الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن توفر ثلاثة مليارات جنيه سنويا، في حالة خصم 50 قرشا لـ20 مليونا يتعاملون مع البنوك، بينما توقع الخبير الاقتصادي مصطفى النشرتي، تحصيل 120 مليونا سنويا بمتوسط 10 ملايين شهريا من جمع "الفكة" لافتا إلى أن هناك خمسة ملايين موظف قطاع حكومي ومثلهم في القطاع الخاص.

ويقدر مصرفيون قاعدة عملاء البنوك في مصر بنحو 12 مليون عميل، وهو ما يعتبره الخبراء قاعدة لا تتناسب مع عدد سكان مصر الذي يفضل نحو 90% منهم التعاملات النقدية عن البنكية.

وطالب وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، مدحت الشريف، بإنشاء صندوق يضمن تحصيل هذه "الفكة" من البنوك والمحال التجارية الكبيرة وتوجيه هذه الأموال للمشروعات الخيرية والسكنية ومحدودي الدخل.

كما اكتفى رئيس اتحاد المستثمرين العرب، جمال بيومي، بالإشادة بمبادرة السيسي، والتأكيد على أنها وسيلة جديدة للادخار الذي يساهم في البنية الأساسية للمشروعات القومية.

أما رئيس حزب "السادات الديمقراطي"، عفت السادات، فاعتبر أن مبادرة "الفكة" مطلب معنوي أكثر منه مادي باعتباره يعكس الرغبة الجامحة لدى السيسي في الاستفادة من كل قرش وتوجيهه للمشروعات القومية، بما يفيد الوطن والمواطنين، بحسب تعبيره.

وخارج سرب التبرير للمبادرة، عبر الإعلامي تامر أمين، عن اعتراضه عليها، وقال عبر برنامجه "الحياة اليوم" إن تصريح السيسي عن الفكة لم يكن موفقا، مضيفا: "مع كامل احترامي للسيسي لكن الـ20 مليون جنيه التي سيتم توفيرها من هذه المبادرة، لا تأتي شيئًا في اقتصاد مصر".

وتابع: "أنا مختلف مع الرئيس من حيث المبدأ، فلا يصح أبدا أن تُبنى مصر بالفكة، كما لا يصح أيضا أن يدعو الرئيس طوال الوقت للتبرع.. مينفعش أبدا نتعامل مع مصر على أنها كشك سجائر، نشتري منه علبة بـ29 جنيها، ونقول للبائع خلي الباقي عشانك".

قروض السيسي

ولم يكتف السيسي وحكومته بدعوات التبرع كأداة يتبعها لتمويل المشروعات الاقتصادية، فقد وقع السيسي والحكومة العديد من اتفاقيات القروض المكبلة منها قرض من الصندوق السعودي للتنمية بنحو 930 مليون جنيه مصري لتمويل تطوير مستشفيات قصر العيني القديم، بالإضافة إلى تمويل ميسر لمشاريع تنمية شبه جزيرة سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار، ومشروعات تنموية وخدمية للمساهمة في تعزيز البرنامج الاقتصادي بمبلغ 2.5 مليار دولار.

ووقعت الحكومة مع نظيرتها الروسية اتفاقية قرض لإنشاء محطة طاقة نووية بقيمة 25 مليار دولار، كما اكتملت اتفاقية مصر مع صندوق النقد الدولي في أغسطس/آب الماضي للحصول على  قرض 12 مليار دولار، بالإضافة إلى طلب قرض من الصين بأربعة مليارات دولار، وقرض من السعودية بقيمة ملياري دولار لتكملة مبلغ الستة مليارات دولار اللازمة للحصول على موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد على برنامج قرض الـ12 مليار دولار.

ووقعت مصر أيضا على حزمة تمويلات مع البنك الدولي لدعم برنامج الحكومة الاقتصادي التنموي بقيمة 8 مليارات دولار على مدار 4 سنوات خلال الفترة من 2015 إلى 2019، كما تم الاتفاق مع البنك الأفريقي للتنمية على حزمة أخرى من التمويلات تبلغ أربعة مليارات دولار.


المساهمون