إضراب عمال الزراعة السوريين في البقاع الشمالي

29 يوليو 2016
عاملات سوريات في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال منطقة البقاع الشمالي في لبنان تعيش على وقع التفجيرات الانتحارية التي ضربت بلدة القاع قبل شهر وتركت مخاوف في البلدات المجاورة، كرأس بعلبك ودير الأحمر وغيرها.

وفرض المحافظ، بشير خضر، سلسلة إجراءات وُصفت بالعنصرية تضمنت "منع تجول اللاجئين السوريين ليلاً، ومنعهم من قيادة الدراجات النارية"، مبررا ذلك بالتفجيرات وبتأمين سلامة مهرجانات بعلبك، التي انطلقت نهاية الأسبوع الماضي، رغم التهديدات الأمنية. ​

وتحولت التحذيرات الخافتة، التي أطلقها مزارعون لبنانيون وتجار من تداعيات هذه الإجراءات على القطاع الزراعي في البقاع الشمالي، إلى واقع بسبب تراجع أعداد اليد العاملة السورية في القطاع.

واضطر عدد من المزارعين اللبنانيين إلى الإعلان عن بيع معداتهم الزراعية "في خطوة تتأرجح بين التخلص من عبء الخسائر الاقتصادية وبين الاعتراض على المبالغة في تنفيذ قرارات منع التجول التي تستهدف العمال السوريين"، يقول أحد أعضاء الجمعية التعاونية للتنمية المستدامة في رأس بعلبك والجوار، لـ"العربي الجديد".

ولم تقتصر حركة الاحتجاج على الجانب اللبناني فقط، فقد أعلن عدد من عمال الزراعة السوريين، أول أمس الأربعاء، الإضراب عن العمل في بلدة دير الأحمر البقاعية، احتجاجا على توقيف 95 سوريّاً خلال مداهمة.

وانتشر خبر إعلان الإضراب عن العمل بسرعة في البلدة التي يكاد يتساوى عدد العمال السوريين فيها مع عدد المواطنين اللبنانيين. وسارع رئيس بلدية دير الأحمر، لطيف القزح، إلى إصدار بيان وصف فيه قرار الإضراب بـ"غير المحق"، مذكراً باعتماد اقتصاد دير الأحمر على الزراعة وعلى اليد العاملة فيها (السورية)".

وأكدت مصادر في البلدة، لـ"العربي الجديد"، أن الضغوط التي يمارسها عمال الزراعة السوريون على مالكي الأراضي الزراعية سبقت الإجراءات الأمنية "من خلال رفع سعر ساعات العمل قبيل مواسم القطاف فوق المعدل المعتاد نظراً لمعرفة العمال بحاجتنا الملحة إليهم، رغم منحهم الماء والكهرباء والأرض مجانا للإقامة فيها".

وأشار عضو الجمعية التعاونية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن "العامل السوري يتقاضى حوالي 9 دولارات أميركية مقابل 5 ساعات ونصف الساعة من العمل في اليوم، ويتدنى هذا المبلغ عند العاملات".

لكن هذا الأجر، الذي يعتبر جيداً نسبياً، لا يذهب صافياً إلى جيب العامل، بل يشاركه فيه "الشاويش، وهو المشرف السوري، الذي يتولى نقل عدد معيّن من العمال السوريين من مخيماتهم التي يقيمون فيها إلى الحقول للعمل، ويتقاضى مقابل ذلك نسبة تصل إلى ثلث الراتب اليومي أو أقل من ذلك بقليل".

وأضاف أن "أجرة الشاويش يمكن أن تصل إلى 700 دولار أميركي يوميا، لأنهم يشرفون على 400 عامل أو أكثر في وقت واحد". 

ويعود عمل السوريين في الحقول الزراعية البقاعية إلى عشرات السنوات، لكن العامل المستجد بعد الثورة السورية هو "استضافة العمال عائلاتهم كاملة في المخيمات التي يقيمون فيها، وهو ما أدى إلى المشكلة القائمة في العلاقة بين اللبنانيين والسوريين في المنطقة"، بحسب عضو التعاونية نفسه.

واليوم، يحاول المشرفون على التعاونيات الزراعية في البقاع الشمالي البحث عن حل وسط لتهدئة الهواجس الأمنية لأهالي البلدات، والحفاظ على إيرادات المحاصيل الزراعية المتنوعة من قمح وعنب وبطاطا وغيرها.

ويقوم الحل المقترح على "تفكيك مخيمات العمال السوريين وتوزيعهم على المشاريع الزراعية في المنطقة، على ألا يتعدى عددهم 20 عاملا في كل مشروع، ومنح اثنين منهم فقط الحق في استخدام الدراجات النارية بهدف تأمين حاجات المجموعة كلها".

لكن اعتماد هذا الحل دونه عقبات، ولا سيما مع ارتفاع حدة الخطاب العنصري في البلدات، وهو الخطاب الذي يعززه الجو السياسي العام في لبنان الرافض لاستمرار اللجوء السوري على الأراضي اللبنانية.

المساهمون