الحوثيون يقايضون اليمنيين..الكهرباء مقابل فواتير فترة الانقطاع

26 يونيو 2016
انقطاع الكهرباء يفاقم معاناة اليميين (فرانس برس)
+ الخط -

عادت الكهرباء جزئياً، منذ منتصف يونيو/حزيران الجاري، إلى العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بعد انقطاع تام دام أكثر من عام ونصف.
وأعلن الحوثيون بشكل مفاجئ عن تشغيل محطة "حزيز" المحلية لتوليد الكهرباء جنوب شرق العاصمة والبالغ قدرتها الإنتاجية 130 ميجا واط، وذلك بشكل جزئي لمدة 5 ساعات يومياً، وكذلك تشغيل محطة "الكثيب" في مدينة الحديدة (غرب اليمن) ابتداء من منتصف الشهر الجاري لمدة 6 ساعات يومياً.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية، في نسختها الخاضعة للحوثيين، أن رئيس ما يعرف بـ"اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين وجه بتوفير مليوني لتر من مادة المازوت بشكل عاجل لمحطة "حزيز"، لتعود المحطة إلى العمل وتغذية المدينة بالكهرباء.

وأثارت العودة الجزئية للكهرباء في مدينتين فقط استغراب اليمنيين، حيث لا تزال 9 من المحافظات التي تخضع لسيطرة الحوثيين تغرق في الظلام.
ودخل اليمن نفق الظلام وانقطع التيار بشكل كامل منذ منتصف أبريل/نيسان من العام 2015، بسبب تعرض خطوط نقل الطاقة لأضرار كبيرة نتيجة الحرب.
وقالت مصادر في مؤسسة الكهرباء اليمنية لـ "العربي الجديد"، إن ثمة أهدافا تجارية يسعى لها الحوثيون من وراء إعادة الكهرباء جزئياً إلى مدينتي صنعاء والحديدة.
وأكدت المصادر، أن سلطة الحوثيين تسعى من خلال إعادة الكهرباء إلى تحفيز المواطنين والجهات الحكومية على دفع مديونية مؤسسة الكهرباء لديهم.

وقالت إدارة الشؤون التجارية في وزارة الكهرباء، إن الديون المستحقة للوزارة بلغت 84 مليار ريال (332.4 مليون دولار)، منها 34 مليار ريال (143 مليون دولار) ديون مستحقة للوزارة لدى المؤسسات الحكومية تمثل مبيعات عام ونصف، فيما بلغت لدى المواطنين 50 مليار ريال (197.5 مليون دولار) وتمثل مبيعات ثمانية أشهر.
وكان المدير العام لمؤسسة الكهرباء، أعلن مطلع العام الجاري، أن المؤسسة وصلت إلى حافة الإفلاس ولم تعد قادرة على صرف رواتب الموظفين، مؤكداً الحرص على سرعة عودة التيار الكهربائي لتتمكن من تحصيل الإيرادات .

وقال مصطفى نصر، الخبير الاقتصادي اليمني، إن مؤسسة الكهرباء والجهات الرسمية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وجهت بجباية قيمة فواتير سابقة وبأسعار خيالية لا سيما على أصحاب المحلات والشركات".
وأضاف نصر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التوفير الجزئي للكهرباء في صنعاء والحديدة، يهدف إلى جمع موارد مالية بالدرجة الأولى.
وتابع: "رغم أنها خطوة إيجابية أن يتم إعادة الكهرباء الرسمية، إلا أنه يفترض إعفاء أو جدولة الرسوم المتراكمة على المواطنين خلال الأشهر الماضية".
وأثار إصدار فواتير الكهرباء بعد عام من الظلام استياء اليمنيين، خصوصاً أن جماعة الحوثي تحايلت لتحميل المواطنين فاتورة متراكمة وبسعر جديد مرتفع من خلال إعادة الكهرباء لساعات.

وقال عادل قطقط، الناشط المحلي في مدينة الحديدة، إنه بعد أيام من إعادة الكهرباء جزئياً إلى المدينة، تفاجأ السكان بوصول فواتير الكهرباء. وقال: "يعاني الناس من انقطاع تام للكهرباء منذ أكثر من عام، وهناك من تكبد خسائر في شراء الواح الطاقة الشمسية، وشراء مولدات ووقود وحدثت كوارث ووفيات بسبب انقطاع الكهرباء وعندما عادت ولسويعات قليلة تأتي معها الفواتير في إجراء مستفز".
وكشف تقرير اقتصادي يمني عن أن إنفاق اليمنيين على شراء ألواح الطاقة الشمسية، بلغ حوالى 300 مليون دولار لمدة عام واحد فقط، وهي الفترة منذ نهاية 2014، حتى نهاية 2015".

ودفع انقطاع الكهرباء العمومية عن معظم المحافظات، اليمنيين إلى اللجوء للبحث عن مصادر بديلة للطاقة، منها توليد الكهرباء بواسطة المولدات التي تعمل بالبنزين والديزل ثم لجأوا إلى الطاقة الشمسية التي انتشرت محال بيع أدواتها في صنعاء وباقي المدن بشكل لافت، حيث يتراوح سعر أجهزة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية إلى ما بين 30 ألفاً و400 ألف ريال.
ويعاني سكان مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمين، من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وفاقم انقطاع الكهرباء من معاناة السكان.
وقال الناشط عبدالولي المنصوب في صفحته على موقع التواصل (فيسبوك): "عندما كان لدينا كهرباء سددنا الفواتير للمؤسسة، وإلى آخر فاتورة تم إصدارها، ولا يوجد متأخرات". واعتبر أن ما يحدث يمثل مقايضة واستغلال من مؤسسة الكهرباء بإصدار فواتير بمبالغ خيالية تصعق المستهلكين وتجعلهم يفضلون الظلام على ساعات الكهرباء القليلة".

وينتج اليمن 800 ميغا واط من الكهرباء، نصفها تقريباً من محطة مأرب التي تنتج 340 ميغا واط، في حين يتم شراء 460 ميغا واط من شركات خاصة للطاقة، علماً بأن احتياجات البلاد تناهز ألفي ميغا واط.
وبينما تعاني أغلب المناطق اليمنية من ترد في الخدمات، إلا أن الحكومة الشرعية بدت أكثر مرونة في التعامل مع فواتير الكهرباء حيث منحت المواطنين والقطاع التجاري تسهيلات في السداد وإعفاءات مالية.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، وجه رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بالبدء في تحصيل فواتير الكهرباء ابتداء من مايو/أيار الماضي، مع تسديد جزئي بواقع 10% للفترة من يناير/كانون الثاني وحتى نهاية أبريل/نيسان.

وشهدت مدينة عدن حرباً طاحنة بين الحوثيين والمقاومة الشعبية منذ مارس/آذار 2015 وحتى تحرير المدينة في يوليو/تموز من العام نفسه، وشهدت المدينة خلال هذه الفترة انقطاعا تاما للتيار الكهربائي.
كما أصدرت السلطة المحلية في محافظة حضرموت (شرق اليمن)، مطلع يونيو/حزيران، قراراً بإعفاء المستهلكين من نصف مديونية فاتورة الكهرباء، وذلك حتى فاتورة شهر مايو/أيار 2016، كما تم إعفاء القطاع التجاري من دفع 30% من استهلاك الكهرباء والمياه.
وكانت مؤسسة الكهرباء في عدن أطلقت مطلع مارس/آذار الماضي، حملة شعبية تحت اسم "الكهرباء في خطر" لمخاطبة المشتركين بضرورة سداد مديونية الكهرباء.

وبلغت المديونية حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2016 نحو 25.3 مليار ريال، منها 9.3 مليارات ريال مديونية الدوائر الحكومية، وأخرى موزعة على المواطنين والتجار بمختلف شرائحهم.
لكن الهام باشراحيل، الأستاذة في جامعة عدن، انتقدت المطالبة بسداد فواتير الكهرباء، بينما عانى المواطنون من انقطاع طويل للتيار وصيف حار، مضيفة أنه "طالما يتم المطالبة بسداد فواتير الاستهلاك فيمكننا إحضار كشف بما أنفقه المواطن من نقود في بدائل الطاقة، ومنها شراء مولدات لتوليد الكهرباء وتوابعها من ديزل أو إصلاحات".


دلالات
المساهمون