1.5 مليون عامل جزائري بلا حقوق..أجور زهيدة ودون حماية

02 مايو 2016
مواجهات متكررة بين الشرطة والعمال في الجزائر (الأناضول)
+ الخط -




حل عيد العمال في الجزائر، أمس، باحتفالات روتينية ووعود حكومية بزيادة الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية بلا تنفيذ.
وحسب قيادات عمالية لـ "العربي الجديد"، تخفي الأرقام الرسمية مأساة يعيشها أكثر من 1.5 مليون عامل في البلاد يتقاضون أجوراً زهيدة لا تكفي الاحتياجات الأساسية لأسرهم، حيث لا تتعدى دخولهم الشهرية 18 ألف دينار جزائري (170 دولاراً)، كما أن نحو 500 ألف منهم، أي ثلث العمال ليست لديهم عقود نهائية، حسب تقارير نقابية.

وفي هذا الإطار، حذر النقابي وعضو المكتب التنفيذي للنقابة المستقلة لمستخدمي القطاع العمومي مراد تشيكو، الحكومة من مغبة الالتفاف حول الزيادات في أجور العمال، التي تعد بها الحكومة من آن لآخر.
ويضيف تشيكو، لـ "العربي الجديد"، أن "الزيادات المقررة ليست مكسبا، بقدر ما هي استرجاع لحق ضائع وإجحاف في حق العمال استمر لعقدين من الزمن".
وتشير دراسات أجرتها نقابات مستقلة في البلاد، إلى أن حوالي 500 ألف عامل جزائري غير مؤمّنين اجتماعياً ويعملون براتب أدنى من الراتب الوطني الأدنى الذي أقرته الدولة.



وفي كل عام تتسابق الحكومة في إطلاق وعود متكررة، ومنها ما أعلنته عشية عيد العمال سنة 2015، بصب زيادات جيدة في أجور العمال، ثم فوجئ الجميع أن الزيادات لم تكن في مستوى التطلعات، خاصة أن هذه الزيادات شملت شريحة محدودة، ما يثير مخاوف العمال من تكرار هذا الأمر العام الجاري.
وحدّدت دراسة للفيدرالية الجزائرية للمستهلكين (جمعية حماية المستهلكين)، الأجر الذي يكفي المواطنين للعيش بكرامة بنحو 50 ألف دينار جزائري شهريا (490 دولارا) أي نحو 3 أضعاف متوسط الراتب الأدنى الحالي المحدد بـ 18 ألف دينار جزائري (170 دولارا) شهريا.
وهذا ما يعني، حسب الدراسة، أن أغلب موظفي القطاع العام يعيشون بأجور لا تضمن كرامتهم. ويمر اقتصاد الجزائر بحالة انكماش حاد بفعل تراجع مداخيل النفط، وارتفاع نسبة التضخم وتهاوي قيمة الدينار بـ 30% في سنتين.
ومن جانب ثانٍ، وحسب ممثلين للعمال، تبقى التعددية النقابية وما يترتب عنها من حقوق عمالية في الجزائر وفي مقدمتها إنشاء نقابات مستقلة وممارسة العمل النقابي، نقطة سوداء في سجل الحكومة الجزائرية التي عمدت إلى إجهاض العديد من المسيرات والإضرابات التي أقامتها النقابات المستقلة في البلاد، حيث تعرض الكثير من النقابيين إلى عمليات تحقيق من طرف الشرطة الجزائرية، التي لجأت نهاية شهر مارس/آذار الماضي، إلى وضع "دار النقابات"، التي تعد السقف الذي يضم النقابات المستقلة في العاصمة الجزائرية، تحت الحراسة المشددة وإخضاع زائريها إلى المسائلة، ومنع الاجتماعات داخلها.
وتحدث الانتهاكات لحقوق العمال، رغم إقرارها في الدستور الجزائري في المادة 70 التي يرد فيها أن "الحقّ النّقابيّ مُعترَف به لجميع المواطنين" وضرورة حمايتها من طرف قانون العمل الجزائري.
ويقول الناشط النقابي، رؤوف ملال، لـ "العربي الجديد"، إن "الشرطة الجزائرية تقوم يوميا بابتزاز النقابيين عند مدخل "دار النقابات"، وقد تعرضت للمنع من الدخول مرتين من طرف شرطيين بزي مدني"، ويتساءل حول الجدوى من منح التراخيص للنقابات إذا كان سيتم منعها من النشاط بحجة أنها تخدم الأيادي الأجنبية وتريد زرع الفتنة في البلاد.
وفي نفس السياق، يقول رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، صالح دبوز، لـ "العربي الجديد"، إن "هناك دستوراً يتم توجهيه للخارج يكفل الحقوق، وواقعيا أنت ممنوع في الداخل من التفكير والتعبير والتصرف".
وأخذت الاحتجاجات العمالية منحنى تصاعدياً في السنة الأخيرة، وأصبحت ككرة ثلج تكبر مع انتقال العدوى من قطاع لآخر، في ظل وصول العمال وممثليهم إلى طرق مسدودة مع أرباب العمل والوزارات المختصة، فتحول الشارع إلى منبر للعمال للتعبير عن سخطهم عن حالتهم الاجتماعية والمهنية المتردية، فتناوب الأطباء وعمال الشركات العمومية وغيرهم على النزول إلى الشارع لإسماع صوتهم، وحتى الشرطة الجزائرية خرجت في مسيرة هي الأولى في تاريخ البلاد طلبا لتحسين ظروفهم المادية.
ولعل أبرز حدث ميز الاحتجاجات العمالية في الجزائر خلال الفترة الأخيرة هي مسيرة "الكرامة" التي نظمها الأساتذة المتعاقدون والتي انطلقت، نهاية الشهر الماضي، من محافظة بجاية (شرق) نحو العاصمة على مسافة 400 كيلومتر، طلباً لعملية الإدماج في المناصب، والتي تحولت فيما بعد إلى "اعتصام الكرامة" دام لأكثر من أسبوعين قبل أن تفضه الشرطة، من دون أن ينال الأساتذة المتعاقدون مطالبهم، ما دفعهم إلى تنظيم مسيرة ثانية.



المساهمون