الجزائر يستهدف أموال المغتربين مع تآكل الاحتياطي وإيرادات النفط

17 مايو 2016
جزائريون في مرسيليا بفرنسا (فرانس برس)
+ الخط -



قررت الحكومة الجزائرية التوجه خارج حدود البلاد، بحثا عن رؤوس أموال لتمويل مشاريعها، في ظل تآكل احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وانهيار إيرادات النفط.

وبعد إطلاق الحكومة أكبر عملية استدانة داخلية في تاريخ الجزائر، قبل أقل من شهر، من خلال طرح سندات دين داخلي تسعى من خلالها إلى جمع 25 مليار دولار، حسب توقعات وزارة المالية، قررت الحكومة الجزائرية التحول إلى الجزائريين المقيمين في المهجر، حيث تلقت القنصليات الجزائرية في أوروبا تعليمات بالترويج للقروض السندية، بهدف استمالة الجزائريين المقيمين في تلك البلدان للاكتتاب فيها.
ولم تتضح بعد آليات الاكتتاب في السندات الدولارية التي طرحتها الحكومة للمقيمين في الخارج، خاصة أن البنوك الجزائرية لا تتوفر على فروع لها خارج البلاد، كما لم تتضح العملة التي يتم بها الاكتتاب.

وكثيرا ما تلجأ الدول التي تعاني نقصا حادا في احتياطي النقد الأجنبي، أو عطباً ما في موارد العملة الصعبة، إلى طرح سندات دولارية على المقيمين في الخارج، عبر سفارات وقنصليات وزارة الخارجية. لكن مراقبين يقولون إن هذه الآلية تكون غير فعالة أحيانا، بالنظر إلى المخاطر التي تواجهها البدان المأزومة صاحبة الطرح.




إلا أن توجه بنك الجزائر إلى السماح للجزائريين في الخارج بفتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة داخل الدولة، ابتداء من يونيو/جزيران القادم، مع إمكانية سحب الأموال بالعملة الصعبة في الجزائر، وهو الأمر الممنوع في البلاد، تعتبر مؤشرات على طرح سندات دين محلي بالعملة الصعبة.

ويعتبر الخبير في الشؤون النقدية والمالية، علي خلاصي، أن "طرح سندات دين داخلي بالعملة الصعبة يعتبر انتحارا اقتصاديا بالنسبة للحكومة، لأنها ستُنفر الجزائريين عوض استمالتهم".

ويستند الخبير المالي في تحليلاته على مؤشرات سوق صرف العملة الرسمي والموازي، حيث يقول علي خلاصي لـ"العربي الجديد" إن "اليورو يساوي 125 دينارا جزائريا في السوق الرسمية، و180 دينارا جزائريا في السوق الموازية لصرف العملات، الذي يُمول أصلا من أموال الجزائريين المقيمين في الخارج".

وتابع: "يحتاج الجزائري الذي يقيم في فرنسا أو إسبانيا إلى 400 يورو لشراء سندٍ واحدٍ ذي قيمة 50 ألف دينار جزائري، مع إلزامية تعويضه بالدينار الجزائري بعد 5 سنوات، في وقت يعرض عليه باعة السوق السوداء 80 ألف دينار جزائري مقابل نفس القيمة".
وتترجم هذه المخرجات، حسب أستاذ العلوم الاقتصادية أحمد بن زروق: "التخبط الواضح الذي بات يلازم خيارات الحكومة الجزائرية، إذ لا يعقل أن نعرض على الجزائريين أمورا مثل هذه، والأدهى والأمرّ أن الدستور الجزائري المصوت عليه مؤخرا يميز بين الجزائريين المقيمين في الداخل والخارج".

ويمنع الدستور الجديد، مزدوجي الجنسية والمقيمين خارج البلاد، من تقلد مناصب المسؤولية أو الترشح في الانتخابات الرئاسية، هذا ما دفع أستاذ الاقتصاد بن رزق، إلى استنكار توجهات الحكومة من حيث اللجوء إلى هذه الشريحة لإنقاذ الاقتصاد المحلي.

وينتظر أن يسافر وزير المالية الجزائري، عبد الرحمان بن خالفة، إلى العواصم الأوروبية لمقابلة الجزائريين المقيمين بها، خاصة رجال الأعمال، وذلك فور انتهاء رحلته المكوكية التي يقوم بها داخل الجزائر، والتي تقوده في جولة حول البنوك والمصارف وشركات التأمين، وذلك بهدف الترويج للقروض السندية التي تعول عليها الحكومة الجزائرية لتمويل المشاريع الكبرى التي أطلقتها في الخطة الخمسية 2014 -2019.

وكانت الحكومة الجزائرية قد أدخلت تعديلات على خطة الاقتراض الداخلي، التي أطلقتها قبل أقل من شهر، في محاولة لاستمالة الجزائريين من أجل شراء سندات الدين الداخلي، بعد أن أشارت بيانات إلى عزوفهم عن الشراء بسبب غموض الجهة التي توجه إليها الأموال، وكذا تحسس الجزائريين من الفوائد الربوية.
وطرحت وزارة المالية، فئتين جديدتين من السندات الموجهة للاكتتاب في مايو/أيار الحالي، الأولى من فئة 10 آلاف دينار جزائري (90 دولارا) موجهة للعامة، ومليون دينار (900 دولار) لكبار المدخرين، في إجراء يهدف إلى توسيع دائرة المكتتبين، عبر طرح عروض متنوعة، بدلا من الاكتفاء بسندات وحيدة ذات قيمة تقدر بـ50 ألف دينار جزائري (490 دولارا).
وتوقع صندوق النقد أن تتحول الجزائر إلى إحدى أكثر الدول اقتراضاً بحلول عام 2021 إذا استمرت في نهج سياستها الاقتصادية الحالية. وأرجع الصندوق تنامي مؤشرات لجوء الجزائر إلى الاقتراض، إلى توقعات بأن تتجاوز احتياجاتها للتمويل احتياطيها من النقد الأجنبي، الذي تراجع في نهاية العام الماضي نحو 152 مليار دولار.




المساهمون