المغرب يواجه تحدي الفوارق في الأجور والإنفاق

23 ابريل 2016
فوارق الأجور تثير احتجاجات العمال والمهنيين في المغرب (الأناضول)
+ الخط -
لا يُخفي تقليص دائرة الفقر في المغرب، الفوارق التي تضعه ضمن الدول التي توجد في مراكز متأخرة، حيث يتجلى أن الفوارق تمس، بشكل خاص، إنفاق الأسر، وإنتاج الثروة بين الجهات، والأجور التي تأخذ حيزا كبيرا من النقاش بين الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال في إطار الحوار الاجتماعي المنعقد حاليا بالمملكة.
وكشف المغرب مؤخرا عن تحقيقه لأكثر من 90% من أهداف الألفية في العام الماضي، والتي تهم القضاء على الفقر المدقع، إذ إن 0.1% في المدن و0.5% في القرى يعيشون بأقل من دولار واحد.
وتجلى، خلال ندوة نظمها البنك الأفريقي للتنمية قبل يومين بالرباط، أن الفوارق في المغرب تصل إلى مستويات مقلقة، حيث يحتل مراكز متأخرة في العديد من المؤشرات، فعلى مستوى إنفاق الأسر، يبدو أن 20% من الأسر الأكثر ثراء، تنفق 8.8 مرات ما تنفقه 20% من الأسر الفقيرة.
ولاحظ المشاركون في الندوة، أن الأجور عرفت منعطفاً حاسماً في نهاية القرن الماضي، حيث كانت الأجور في قطاع المال تعرف أعلى متوسط، قبل أن تحتل الأجور في الإدارة الحكومية، المقدمة.
غير أن الفوارق تعمقت بين الأجور في الإدارة وقطاع المال، والقطاعات الأخرى، فلم تعرف الأجور في الزراعة أي تغيير في الـ16 عاما الأخيرة، حيث احتلت المراكز الدنيا، متبوعة بالبناء والأشغال العمومية، خدمات النقل العمومي، والصناعة.
ويبدو أن الفوارق في الأجور بين فروع الأنشطة، أضحت مسألة بنيوية، فمتوسط الأجور في الزراعة لم يتغير، بينما تضاعفت في الإدارة بحوالي مرتين ونصف.


وتحتلّ الأجور اليوم قلب الحوار الاجتماعي الذي تخوضه الحكومة مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال، ففي الوقت الذي تشدد الحكومة على صعوبة الزيادة في أجور الموظفين الحكوميين مخافة تعميق عجز الموازنة، يعتبر رجال الأعمال أن الزيادة في القطاع الخاص متعذرة مخافة النيل من تنافسية الشركات.
وتشير الحكومة إلى أن كتلة أجور موظفي الدولة تصل إلى حوالى 11 مليار دولار، غير أن محمد هاكش، عضو الاتحاد النقابي للموظفين، يرى أن كتلة الأجور لا علاقة لها بعدد الموظفين، بل ترتبط بالفروق على مستوى الأجور بين الدنيا والعليا.
ويجسد العمل أبرز نموذج للفوارق في المغرب، حيث يصل معدله إلى 23% قبل عامين، مقابل 34% في عام 2000، غير أن نسبة العمل غير المؤدى عنه ترتفع إلى 40% في العالم القروي، على اعتبار أن أغلبه ينجَز داخل العائلة.
وإذا كانت المندوبية السامية للتخطيط، أكدت على أن المغرب اقترب من تحقيق أهداف الألفية، فإن اتساع الفوارق الاجتماعية، دفع هذه المؤسسة الحكومية، إلى التأكيد على أن ذلك يمكن أن يفضي إلى تقليص المكتسبات التي تحققت على مستوى تقليص الفقر النقدي ومتعدد الأبعاد ذي الصلة بالتعليم والصحة مثلاً.
ونبهت المندوبية في مناسبة سابقة، إلى أن الفقر شائع في الريف أكثر من المدن التي تنتشر فيها الفوارق الاجتماعية، معتبرة أن النمو الاقتصادي ساهم في ارتفاع الدخل الفردي، علما أن ذلك النمو، في تصور المندوبية، استفادت منه الفئات الفقيرة والطبقة المتوسطة.
وتعتبر المندوبية أن الفوارق في المغرب، تظهر أكثر على مستوى السكن والدخل وظروف العمل، ما يفرض في تصورها، تقليص الفجوة التي تنشأ من الفوارق عبر النمو الاقتصادي، بغية تفادي المساس بالتقدم على مستوى محاربة الفقر والهشاشة.
وتبدو الفوارق بشكل صارخ بين الجهات في المغرب على مستوى إنتاج الثروة، فجهتا الدار البيضاء والرباط، تنتجان، حسب المندوبية السامية للتخطيط، 48% من الثروة، بل إن الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، توفر 32.2% من الثروة الوطنية، بينما تنتج جهة مثل سوس 6.4% من تلك الثروة.