عقبات أمام دمج السوريين بسوق العمل في الدنمارك

06 مارس 2016
الدنمارك ترغب في الاستفادة من الأيدي العاملة الجديدة (Getty)
+ الخط -

 

مرت 3 سنوات منذ أن حضر الكهربائي عمر، والمعماري وليد، وعامل التمديدات الصحية فتحي، من سورية كلاجئين إلى الدنمارك، ورغم مرور كل هذه المدة لم يحصلوا على عمل.

يشعر الثلاثة القادمون من سورية بأن "مسألة دمج السوريين في سوق العمل تستند إلى أسس نظرية تمتد 18 شهراً، إلا أن اللغة تقف عائقاً بالإضافة إلى مطالب تعجيزية من قبل الشركات التي توظف عمالاً من رومانيا وبلغاريا وغيرها بدون أن يمروا بذات التعقيدات الإجرائية والمطالب اللغوية المطلوبة منهم".

وأجمع الثلاثة على مصاعب الحياة العملية التي واجهتهم وتخفيض المعونة الاقتصادية للحدود الدنيا، وأكدوا أنه على الرغم من رغبتهم في الالتحاق بسوق العمل لم تستطع المشرفة (الموجهة في البلدية التي يقيمون فيها) أن تجد لهم حتى مكان تدريب خلال عام كامل من المحاولات.

يبدو أن الفترة الحالية تحمل جدية لآلاف المقيمين كلاجئين في البلاد بعد أن جرى التركيز منذ مطلع العام الحالي، على مسألة إدماج سريع للاجئين في سوق العمل الدنماركي، مع تشديد القوانين المتعلقة باللجوء.

وبدأت "المفاوضات الثلاثية"، في كوبنهاغن، خلال الشهر الماضي، وهي تقليد سنوي متبع بين نقابة أرباب العمل والحكومة ونقابات العمال، وعنوانها الرئيسي لهذا العام "تشغيل اللاجئين"، وهي المرة الأولى التي تأخذ قضية اليد العاملة اللاجئة هذا الاهتمام واحتلالها أولوية تشير إلى أن دمج اللاجئين لا يمكن أن ينجح إلا عبر العمل والاحتكاك بينهم وبين الدنماركيين في أماكن الشغل. تلك المفاوضات تستمر حتى الوصول إلى اتفاق ملزم لأطرافه، وخصوصاً بأن نسبة كبيرة من اللاجئين، وحتى المهاجرين، يجدون أنفسهم بلا عمل ويعيش بعضهم على المساعدات والمنح المقدمة من البلديات التي يقيمون فيها.

أرقام رسمية صادرة عن وزارة العمل في كوبنهاغن تشير إلى تجربة اللاجئين، الشبيهة بتجارب الثلاثي السوري عمر ووليد وفتحي، إذ أنه وبعد مرور 3 سنوات على حضور اللاجئين فإن 3 من كل 10 لم يعملوا شيئاً لا في سوق العمل ولا على المقاعد الدراسية، وتلك الأرقام الصادرة عن الوزارة تشمل الملتحقين بدراسة اللغة ودورات الدمج، لكن واقع التشغيل يشير إلى بطالة أكبر بين اللاجئين، وهو ما تطمح حكومة يمين الوسط عبر تلك المفاوضات والقوانين الجديدة أن تجعله في أدنى مستوياته.

ووفق تصريحات جاءت على لسان رئيس حكومة الدنمارك لارس لوكا راسموسن، مؤخراً، فإنه "يجب أن يكون واضحاً من الآن فصاعداً بأن كل لاجئ يحصل على الإقامة عليه البدء فوراً في العمل". راسموسن، يرى أن الأموال التي يجري صرفها كمساعدات تشكل "عبئاً اقتصادياً، وبدل استخدامها على هذا النحو فإن تفعيل عمل اللاجئين واستخدام تلك المصاريف سيزيد ويوسع من الرفاهية في بلدنا".

وكانت الانتقادات التي واجهت الحكومتين الحالية والسابقة تتعلق دوماً بسياستها في مجال دمج اللاجئين، التي يراها البعض غير ناجحة ولم تؤد إلى ما هدفت إليه من استغلال اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة القادمة إلى البلاد.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يحمّل اللاجئين فشله الاقتصادي

ومن أبرز المنتقدين لتلك السياسات تبرز الغرف التجارية وقطاع الأعمال المنضوية تحت منظمة واحدة وهي "قطاع الأعمال" التي يقول مديرها ونائب رئيس "الصناعات الدنماركية" ستين بيلغوورد:" أثبتت السنوات العشر الماضية أن برامج الدمج الممتدة لـ3 سنوات غير مفيدة حتى في تعلم اللغة".

ويشير النقاش الجاري على هامش المفاوضات الجارية، وخصوصاً اهتمام يمين الوسط وتحالف الليبراليين ورجال الأعمال، إلى تقدم في المفاوضات الثلاثية في مجال تشغيل اللاجئين. فيبدو أن كبريات الشركات المنتجة للحوم "دانيش كراون" وسلسلة متاجر "إيكيا" ومنظومة المتاجر الدنماركية (مجموعة السوبرماركات الدنماركية) قدمت التزامات بأن تفتح أبوابها أمام المزيد من اللاجئين وتشغيلهم أو على الأقل تقديم أماكن تدريب وتأهيل لهم.

لكن أهم ما برز الفترة الأخيرة في هذا الإطار، هو خروج أكبر شركات الإنشاءات والإعمار الدنماركية "إن سي سي" بمشروع ستبدأ تطبيقه على الفور، وهو الأول من نوعه في البلاد، ويتمثل في قيام الشركة بتأسيس "مدرسة عمل"، وشركة البناء تلك معروف عنها انفتاحها على تدريب وتشغيل المهاجرين في السابق وتضم في إدارتها نقابيين يعتبرون على يسار الحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض.

تلك المدرسة التي من المقرر أن تباشر الشركة عملها شهر مارس/آذار الجاري، تستهدف اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة بين اللاجئين وخصوصاً هؤلاء الذين عملوا في بلادهم في قطاعات الإعمار وما يشمله من تمديد كهرباء والصحية لتحسين مستواهم المهني واللغوي بما يتماشى مع معايير سوق البناء الدنماركي.

وبحسب ما يقوله مدير ان سي سي، بيتر يوناسن، فإن "المنفعة ستكون متبادلة، إذ أن السوق يحتاج لليد العاملة الماهرة في قطاع البناء والتشييد وخصوصاً أن خلفية كثير من اللاجئين القادمين إلى بلدنا حديثاً هي خلفية مهنية في مجال الإعمار بشكل عام".

ينظر كثير من اللاجئين والمختصين والمهتمين بسوق العمل بإيجابية إلى خطوة الشركة العملاقة في الإنشاءات، وخصوصاً أن المدرسة ستشمل تعليم أساسيات اللغة بكثافة وتعلم السلامة في مواقع البناء وطريقة سير العمل والمصطلحات التي تستخدم مع بعض القياسات الهامة في الإنشاءات، وفق ما تذكره إدارة الشركة.

فكرة المدرسة تلك استوحتها الشركة من دورات سابقة قامت بها لتأهيل الضعفاء وفئة الشباب الدنماركيين سابقاً والذين حصلوا بالفعل على عمل في الشركة وشركات أخرى.

وإذا ما تمت المباشرة في بداية الشهر الجاري باستقبال العمال اللاجئين في الشركة فإن المجموعة الأولى، وفق بيان للشركة، ستكون جاهزة خلال 6 أشهر "إما للانضمام إلينا كزملاء في الشركة أو التشغيل في شركات زميلة في مجال البناء" بحسب ما يؤكده، يوناسن.
 
ووفق ما تؤكد الشركة فإن التزامها بالمشاركة في إدماج اللاجئين في سوق العمل سيتطلب أن تقدم البلديات مساعدة مالية شهرية للاجئ وتكاليف دورة اللغة في الشركة ويكون بعدها جاهزاً ليصبح عاملاً منتجاً غير محتاج للإعانة المالية الشهرية.

ويواجه اللاجئون السوريون مصاعب كبيرة في الدول الأوروبية، ويأتي ذلك في ظل عجز الاتحاد الأوروبي عن تسهيل تدفق المهاجرين وضمان توزيعهم على الدول الأعضاء الـ28، حيث قررت النمسا في 19 فبراير/شباط الماضي فرض حصص يومية على عدد الوافدين إلى أراضيها، حددتها بـ80 طالب لجوء و3200 يعبرون في طريقهم إلى دول أخرى، في حين شددت دول أخرى من إجراءات دخول اللاجئين.

 



اقرأ أيضاً:
اللجوء إلى أوروبا يرفع أسعار الجوازات السورية
انتعاش سوق سوداء للجوازات السورية في تركيا

المساهمون