إيران وإيطاليا: عقد تأمين بملياري يورو أولى ثمار التعاون

06 اغسطس 2015
إيران وإيطاليا تعتزمان توقيع عقود تعاون نفطي (Getty)
+ الخط -
بعد انقطاع طويل المدى بين إيران وإيطاليا بسبب الحظر الاقتصادي، بدأت العلاقات بين البلدين في العودة إلى مسارها الطبيعي، عبر توقيع أول عقد بين طهران وروما، أمس، في قطاع التأمين بملياري يورو، وتوقع اقتصاديون إيرانيون في تصريحات لـ "العربي الجديد"، توقيع مزيد من العقود الاستثمارية الفترة المقبلة بالعديد من القطاعات، ولا سيما في النفط والغاز.
وتعتبر طهران أن روابطها الاقتصادية مع إيطاليا مختلفة مقارنة ببقية الدول الأوروبية، وهذا ما جاء على لسان وزير خارجية البلاد محمد جواد ظريف، خلال لقائه مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني، الذي وصل إلى طهران في زيارة رسمية أول أمس، فأشار ظريف إلى أن هذه العلاقات تتعدى كونها علاقات عادية، فيما أكد جنتيلوني على رغبة بلاده بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران خلال مرحلة ما بعد الاتفاق التي ستتقلص خلالها التحديات والعراقيل، بسبب إلغاء الحظر الاقتصادي بموجب الاتفاق النووي ذاته.
وحوّل الطرفان حديث النوايا عن تطوير العلاقات الاقتصادية إلى فعل عملي خلال زيارة الوفد الإيطالي الذي كان على رأسه وزير الخارجية الإيطالي، فضلاً عن وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فيدريكا غوييدي، فأعلنت الأخيرة عن توقيع اتفاقية تعاون بين شركة "ساتشه"، الإيطالية للتأمين وإيران، تبلغ قيمتها ملياري يورو، وأعربت أنها تأمل ببدء العمل سريعا مع إيران لتطوير العلاقات الاقتصادية في كل المجالات بين الطرفين.

وفي هذا الإطار، يقول عضو غرفة التجارة علي بهبود، لـ "العربي الجديد"، إن الاهتمام الإيطالي واضح بالاقتصاد الإيراني منذ سنوات، لكن تطور العلاقات قد تمت عرقلته بسبب الحظر الاقتصادي حسب رأيه.
وأضاف، أن إيطاليا تعلم أن طهران مهتمة للغاية بعقود التأمين المتعلقة بقطاع النقل، وهذا سبب توقيع أول عقد مع إيطاليا في هذا المجال بعد التوصل لاتفاق.
ويتوقع بهبود، توقيع المزيد من العقود مع إيطاليا في قطاع الاستثمار النفطي بشكل خاص خلال الأشهر المقبلة، وذلك بعد فك الحظر بشكل كامل حسب قوله، معتبرا أن العلاقات مع إيطاليا أسهل وأكثر سلاسة مقارنة ببقية دول الاتحاد الأوروبي، وأرجع ذلك إلى أسباب سياسية واقتصادية، حيث إن العلاقات بين البلدين غير متوترة تاريخياً، ما يسهل العديد من الأمور، حسب تعبيره.
وإبان لقائها مع وزير الاقتصاد الإيراني علي طيب نيا، أعربت غوييدي عن تشكيل لجنة عمل مشتركة بين الطرفين في المستقبل القريب، لتشرف على التعاملات التجارية والاقتصادية بين البلدين ولتركز على البحث عن طرق تطوير العلاقات بينهما.
ونقلت وكالة مهر الإيرانية عن طيب نيا، خلال اللقاء قوله إن ما يهم إيران خلال هذه المرحلة هو زيادة معدل صادراتها إلى الخارج، فضلا عن توقيع المزيد العقود في مجال الاستثمار وهو ما يهم إيطاليا في ذات الوقت على ما يبدو.

اقرأ أيضا: "العربي الجديد" يكشف عن مكاسب 5+1 من الاتفاق النووي

وأكد طيب نيا على أن إيطاليا ستزيد وارداتها من النفط الإيراني فور إلغاء الحظر الغربي عن هذا القطاع بموجب الاتفاق النووي، وهذا بعد تطبيقه عملياً خلال فترة أقصاها ستة أشهر.
اهتمام إيطاليا بالنفط كان واضحاً منذ أعوام، فبعد تسلم الرئيس حسن روحاني الرئاسة في إيران عام 2013 زار وفد من الخارجية الإيطالية العاصمة طهران، وكانت الزيارة الأولى لوزير خارجية إيطالي منذ عشر سنوات، وعقد حينها محادثات هامة بين الوفد الإيطالي المرافق للوزير ومسؤولين من وزارة النفط الإيرانية، أكدوا حينها على رغبة إيطاليا بالاستثمار في مجال النفط، فشجعت طهران على خوض المفاوضات النووية للتوصل لنتائج عملية ترفع العقوبات عن البلاد الأمر الذي يسهّل التعاملات في هذا القطاع.

وكما يبدو من تشكيلة الوفد المرافق للوزيرين الإيطاليين خلال زيارتهما الحالية لطهران نية روما بالاستثمار في مجالات وقطاعات إيرانية عدة، فقد رافقهما شخصيات من مؤسسات وشركات حكومية وخاصة، ومنهم من يمثل اتحاد المعارض الإيطالية، وغرفة الصناعة، فضلا عن ممثلين عن شركات تعمل في قطاع الكهرباء والطرق والنقل.
كما رافق الوفد مسؤولون في شركة فيات للسيارات، حيث تبحث طهران عن بدائل في هذا القطاع، وكانت إيران قد توجهت بالفعل إلى ألمانيا وإيطاليا لتشاركا هذا السوق مع فرنسا، فهذه الأخيرة كانت قد حصلت على عقود في قطاع السيارات خلال السنوات الماضية، لكنها أخلت بها بسبب العقوبات، فضلاً عن أخذها مواقف متشددة على طاولة الحوار مع الغرب، وهو ما يجعل طهران تبحث عن عقود وامتيازات جديدة.
واستمر خلال السنوات الماضية تبادل البضائع بين طهران وروما رغم الحظر ولكن بوتيرة ضعيفة، ووفق موقع الوكالة الإيرانية الرسمية فقد وصل ميزان صادرات طهران إلى روما خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري إلى 193 مليون و256 ألف دولار، فيما استوردت روما من طهران بضائع بقيمة 292 مليون دولار، وبالنسبة لأبرز البضائع المصدرة إلى إيطاليا فمعظمها غذائية، أما المصدرة إلى إيران تتنوع بين مواد تجميلية وعطورات وزيت زيتون وسلع بلاستيكية.
وكان حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل في وقت سابق من السنوات الماضية إلى 7 مليارات دولار، حسب إحصائيات رسمية، وأدت العقوبات التي فرضت على طهران بسبب برنامجها النووي إلى تراجع العلاقات الاقتصادية بينهما.
وفي هذا السياق يتجه الجانبان إلى تفعيل العلاقات التجارية، ونقلت المواقع الرسمية الإيرانية، أن الوفد الإيطالي اتفق مع المعنيين في إيران على زيادة أرقام التبادل التجاري المتواضعة حالياً، خلال الفترة القادمة مع زيادة الاستثمارات بمختلف المجالات.

اقرأ أيضا: الغرب ..اقتصاده وشركاته أكبر مستفيد من الاتفاق النووي
المساهمون