بنوك إيران المعزولة ينتظرها انفتاح مؤلم على العالم

12 مايو 2015
بنوك إيران تنتظر حصتها من كعكة رفع العقوبات(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
قد تكون إيران على وشك إعادة الروابط المصرفية التي تربطها بالعالم بعد سنوات من العزلة، غير أن العودة لن تكون عملية سهلة، إذ إن نظامها المالي الإسلامي تطور على نحو سيؤدي إلى تعقيد العلاقات مع البنوك الأجنبية.

وتعاني البنوك الإيرانية من مشكلة القروض المتعثرة وعزلها عن النظام العالمي بسبب العقوبات المفروضة عليها، وهي في حاجة ماسة لاستئناف العمل مع البنوك الأجنبية، التي سيمثل لها العمل مع ايران فرصة كبيرة.

وبلغ إجمالي أصول البنوك الإسلامية في إيران 17344 تريليون ريال حتى مارس/آذار 2014، أي ما يعادل 523 مليار دولار، وذلك حسب أحدث بيانات البنك المركزي الإيراني. ويمثل هذا الرقم أكثر من ثلث إجمالي أصول البنوك الإسلامية على مستوى العالم.

غير أن ضعف الوضع المالي للبنوك الإيرانية والعلاقات الوثيقة التي تربطها بالحكومة المحلية سيزيد مخاطر التعامل معها. وخلال سنوات العزلة، طورت البنوك نظاما للتمويل الإسلامي يختلف في بعض جوانبه، بشكل ملحوظ، عن النظام السائد في الدول الأخرى ذات الغالبية المسلمة.

وقد تصعّب هذه الاختلافات على البنوك الأجنبية التعامل في إيران، بما في ذلك البنوك العاملة في أسواق مصرفية إسلامية كبرى أخرى في الخليج وبعض دول جنوب شرق آسيا.

قروض متعثرة

قد يبدأ رفع العقوبات في الأشهر المقبلة إذا توصلت طهران والقوى العالمية إلى اتفاق لتقييد البرنامج النووي الإيراني بحلول 30 يونيو/حزيران المقبل. ومن المنتظر أن يؤدي هذا الاتفاق إلى زيادة كبيرة في حركة التجارة والاستثمار في إيران.

وقال رامين ربيع، العضو المنتدب بشركة تركواز بارتنرز للاستثمار، ومقرها طهران، إن "هناك فوائد هائلة للبنوك الإيرانية، فأفضل إيراداتها كانت دائما من تمويل التجارة وخطابات الاعتماد".

وفي منطقة الخليج وأوروبا، أوقفت البنوك الإيرانية عمليات كبيرة في السنوات الماضية مثل فرع بنك مللي في وسط دبي. ومن الممكن أن تعود الحياة لهذه العمليات إذا رفعت العقوبات.

غير أن البنوك الإيرانية ليست في حالة جيدة تتيح لها استغلال هذه الفرصة.

فبينما كانت الحكومة تواجه العقوبات في السنوات الأخيرة، عملت على تثبيت أسعار الإقراض المصرفي دون مستوى التضخم، الذي تجاوز 40% عام 2013.

وبلغت القروض التي لا يسددها أصحابها 17% من إجمالي القروض عام 2013، لتمثل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حسب بيانات صندوق النقد الدولي.

وعملت إدارة الرئيس حسن روحاني، الذي تولى السلطة في أواخر عام 2013، على خفض التضخم بشدة، وساعدت البنوك على إصلاح قوائمها المالية.

وتوضح بيانات البنك المركزي الإيراني أن نسبة القروض المتعثرة والمشكوك في تحصيلها بلغت 13.2% من إجمالي القروض في مارس/آذار الماضي.

اقرأ أيضا:"صنع في إيران" يحتل الأسواق العراقية

ومن المتوقع أن يستغرق الانتعاش الكامل سنوات عدة. وربما تحتاج البنوك إلى مليارات الدولارات من رؤوس الأموال الجديدة عن طريق بيع صكوك أو حصص من أجل فتح مجالات عمل جديدة كبيرة.

وتكمن مخاطر أخرى في ارتباط البنوك بشكل وثيق بالحكومة. توجد في إيران ثلاثة بنوك تجارية مملوكة للدولة وخمسة بنوك حكومية متخصصة. ورغم أن الرئيس روحاني أعلن أنه يريد أن يلعب القطاع الخاص دورا أكبر في الاقتصاد، فإن كثيرا من البنوك التسعة عشر، التي توصف بأنها بنوك خاصة، تربطها علاقات بمؤسسات الدولة، وتعمل في ظل نفوذها.

التمويل الإسلامي

أقرت إيران، في عام 1983، تشريعا يحول نظامها المصرفي بالكامل إلى نظام إسلامي. لكنه نظام فريد من نوعه.

ورغم أن علماء الدين في مختلف أنحاء العالم يقولون إن التمويل الإسلامي يحظر دفع الفائدة، فما زال من الممكن للبنوك الإيرانية أن تبرم تعاملات أساسها الفائدة، كما أنها تحتفظ بالمعايير المحاسبية للبنوك التقليدية، حسب دراسة أجراها البنك المركزي الباكستاني.

وخلصت هذه الدراسة إلى أن "كل هذه الأمور تشير إلى أن ملامح الصيرفة الإسلامية في إيران تختلف اختلافا كبيرا عن الملامح الأساسية للمصارف الإسلامية في مناطق أخرى من العالم".

وتُستخدم معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، التي تتخذ من البحرين مقرا لها، على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم، لكنها غير مطبقة في إيران.

فعلى سبيل المثال، حظرت الهيئة في عام 2007 التعامل بالصكوك الإسلامية باستخدام عقد السلم، وهو نوع من عقود البيع الآجلة، غير أن هذا العقد يظل شائعا في البلاد.

وربما تصعب هذه الاختلافات على البنوك الإسلامية، بل والبنوك التقليدية أيضا، إقامة علاقات مع البنوك الإيرانية وإبرام تعاملات معها، على الأقل في البداية. وستحجم هيئات الشريعة في البنوك الخليجية عن إبرام تعاملات تبدو غير إسلامية مع مؤسسات إيرانية.

وقال مصرفي إيراني إن "المشاكل الرئيسية تكمن في التعاملات ذات الطابع الديني واستخدام المشتقات. إنهما مسألتان معقدتان للغاية في أي نظام مالي إسلامي، وفي إيران لدينا نهج مختلف جدا".

ومع ذلك، توجد بوادر تفيد بأن إيران بدأت تطور قنوات جديدة من شأنها تسهيل الاتصالات مع البنوك الأجنبية.

وقال مسؤول في هيئة الأوراق المالية والبورصات، المسؤولة عن تنظيم العمل في سوق المال، الشهر الماضي، إن الهيئة تسعى إلى تطوير منتجات صكوك بديلة.

اقرأ أيضا: 80 مليار دولار تعود إلى إيران من الاتفاق النووي

المساهمون