النيابة العامة المصريّة: مبارك أضرّ عمداً بأموال الدولة

29 ابريل 2015
الشهود أجمعوا على وجود سلوكيات ضارة بأموال الدولة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

حجزت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم الأربعاء، إعادة محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، في القضية المتعلقة باتهامهم بارتكاب جريمة الاستيلاء على أكثر من 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية، للحكم بجلسة 9 مايو/ أيار المقبل.

واستمعت المحكمة، اليوم، إلى ممثل النيابة العامة، الذي أكد، في بداية مرافعته، أن أدلة الدعوى جاءت مفصّلة متساندة وتباينت ما بين تقرير اللجنة الفنية وأقوال الشهود، ومستندات، وتحريات النيابة الإدارية وأقوال مجريها.

واستعرض ممثل النيابة أقوال بعض الشهود، موضحاً أن منهم من كان وثيق الصلة بالمتهمين وظل يعمل في الرئاسة حتى الآن، ومن بينهم المهندس محيي الدين عبد الحكيم فرهود، الذي أقر بأنه كانت هناك أعمال تتم بمقرات الرئاسة، وأعمال أخرى تتم في مقرات خارجية، من بينها شقة شارع المريلاند وشقتان بالعبور وأخريان بعباس العقاد، ومقرات أخرى، وهي مقرات خاصة ليس لها علاقة بمقرات الرئاسة، وإنها كانت تتم بشكل مباشر من مبارك، وتكليفات شخصية منه أو من نجليه.

وبعد ذلك، ترسل إلى اللواء سكرتير رئيس الجمهورية وقتها، جمال عبد العزيز، لمراجعتها ثم ترسل للشاهد الذي يعمل بمؤسسة الرئاسة، ثم ترسل لشركة المقاولين العرب، ليتم صرف مستحقاتها طبقاً لتعليمات مبارك من خزانة الدولة، وأنه تم صرف ملايين الجنيهات على الأعمال الخاصة له ولنجليه، بحسب الشاهد.

وتابع ممثل النيابة بأن الشاهد المذكور أكد أن مبارك كان يعلم بأنها تصرف من ميزانية وزارة الإسكان التابعة للدولة، وأن من أبرز الأعمال التي تمت هي الأعمال التي تمت في الفيلا رقم 161 بالقطامية بالتجمع الخامس، وأن هذه الأعمال استمرت من 2007 إلى 2011، إضافة إلى أعمال خاصة بفيلات بمدينة شرم الشيخ بتعديلات خط الكابلات الموصلة للفيلا لأنها متعارضة مع مصالح رجل الأعمال الهارب حسين سالم.

وأوضح الشاهد جمال عبد العزيز، بهذا الشأن، أنه أبلغ بأن تعديل الخط سيتكلف مبالغ باهظة بالملايين، وأنه على حسين سالم أن يتحمل نفقة تحويل الخط، فكان الرد على الشاهد بالحرف الواحد: "إنت مالك أنت تعمل إللي يأمر به الرئيس".

وأشار ممثل النيابة العامة بأن الأمر لم يقتصر على مبارك فحسب، ولكن امتدت يد العبث إلى أصدقائه، ومن بينهم حسين سالم بمبالغ تقدّر بأكثر من 30 مليون جنيه، وأخذ ينفق عليهم ببذخ، ليكون نموذجاً على رفاهية الحاكم وأسرته في الوقت الذي كان يدّعي فيه سوء الأحوال الاقتصادية والموازنة، وقال ممثل النيابة: "لا يمكن أن نتصور أن مبارك غاب عنه أنه ينفق من أموال الدولة على فيلاته الخاصة... أليس هذا إسرافاً في أموال الشعب المصري، وإهداراً للمال العام؟".

كما استشهد ممثل النيابة العامة بأقوال الشاهد عمرو محمود محمد خضر، المهندس بشركة المقاولون، والذي أُسند إليه الإشراف على مقرات مبارك، والذي قال إن دوره تنفيذ تعليمات مبارك وأفراد أسرته والتعامل مع مقاول من الباطن، موضحاً أن مبارك وأولاده وزوجته كانوا يعلمون أن مراكز الاتصالات التابعة لرئاسة الجمهورية هي من ينفق على أعمالهم الخاصة.

وأكد ممثل النيابة بأن المتهمين تأكد في حقهم سلوك مادي ضار للدولة، لم يقتصر على عدم قيامهم بالسداد، وأنه توافرت عناصر الجريمة للمتهم الأول، والاشتراك للمتهمين الثاني والثالث، مؤكداً أن شهود الإثبات أجمعوا على وجود تعليمات شفوية تصدر من المتهمين للأعمال وأن الإنفاق على الأعمال الخاصة بهم تتم من أموال الدولة.

وسمحت المحكمة لمجموعة من أنصار مبارك تُعرف باسم "آسفين يا ريس"، بحضور الجلسة وهم يحملون صوره، في الوقت الذي تمنع فيه المحكمة ذاتها برئاسة المستشار حسن حسانين، أهالي المتهمين من معارضي النظام في قضايا أخرى من رؤيتهم أو حتى إدخال الأدوية إليهم.

وقامت المحكمة بإثبات حضور المتهمين والدفاع الحاضر عنهم بمحضر الجلسة.

وظهر المخلوع ونجلاه مجتمعين في قفص الاتهام، حيث ارتدى مبارك بدلة "كحلية" اللون ونظارة شمس وربطة عنق، "كارفته"، كما ارتدى نجله جمال بدلة باللون ذاته، بينما ارتدى علاء بدلة رمادية اللون، وقاموا جميعاً بتحية أنصارهم بمجرد بدء الجلسة.

اقرأ أيضاً: أحكام الإعدام تخيف المستثمرين في مصر

وحضر ممثل هيئة قضايا الدولة أمام المحكمة وطالب المتهمين جميعاً بسداد تعويض مدني مؤقت قدره 100 ألف جنيه، جراء الأضرار التي وقعت على الدولة وأموالها ممثلة في مؤسسة الرئاسة.

وتأتي إعادة محاكمة مبارك ونجليه في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بنقض إلغاء الحكم السابق صدوره من محكمة الجنايات، بمعاقبة مبارك بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، ومعاقبة نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكليهما.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد سبق أن عاقبت مبارك، في مايو/ أيار الماضي، بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وعاقبت نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكليهما، وألزمتهم جميعاً برد مبلغ 21 مليوناً و197 ألف جنيه، وتغريمهم متضامنين مبلغاً قدره 125 مليوناً و779 ألف جنيه.

وسبق أن أمر النائب العام، المستشار هشام بركات، بإحالة ملف القضية إلى محكمة الجنايات، التي اتهم فيها مبارك ونجلاه وآخرون، بعد أن تم استكمال التحقيقات بمعرفة نيابة الأموال العامة العليا برئاسة المستشار أحمد البحراوي، المحامي العام الأول للنيابة، حيث تمت مواجهة مبارك ونجليه، خلال التحقيقات، بالاتهامات المسندة إليهم والأدلة عليها، وإثر ذلك سارعوا إلى سداد 104 ملايين جنيه لصالح الدولة، تمثل قيمة المبالغ المالية التي أظهرت التحقيقات أنهم قاموا بالاستيلاء والحصول عليها بغير وجه حق وبدون سند من القانون.

وكشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا، أن مبارك ونجليه علاء وجمال، حصلوا على منفعة تطوير وإنشاء المقرات المملوكة لهم ملكية خاصة، دون سداد مقابلها، وقاموا بتحميل ذلك المقابل على الموازنة العامة للدولة المخصصة لوزارة الإسكان والخاصة بموازنة مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية، بقيمة 125 مليون جنيه، على نحو ترتب عليه إلحاق الضرر بالمال العام، من خلال تحميل هذه الأموال على الموازنة العامة للدولة دون وجه حق.

وأظهرت التحقيقات قيام المتهمين (الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال)، بإجراء أعمال إنشاءات و"تشطيبات" وديكورات، في المقار العقارية الخاصة بهم بمصر الجديدة وجمعية أحمد عرابي ومرتفعات القطامية وشرم الشيخ ومارينا ومكاتب علاء وجمال مبارك بشارعي السعادة ونهرو بمصر الجديدة، وذلك في غضون الفترة من عام 2002 وحتى 2011 تاريخ تنحي مبارك عن السلطة، ودفع قيمة كلفة تلك الأعمال من الميزانية المخصصة لرئاسة الجمهورية.

وثبت من تقرير اللجنة المشكلة بمعرفة النيابة من الجهاز المركزي للمحاسبات وكلية الهندسة بجامعة عين شمس، ارتكاب تلك الجرائم بمعرفة المتهمين.

اقرأ أيضاً: محاكم مصر تغرّم المعتقلين السياسيين 24.8 مليون دولار

المساهمون