الاقتصاد الروسي يفتح نافذة جديدة على فيتنام

14 ابريل 2015
أسواق فيتنام هدفاً للصادرات الروسية (Getty)
+ الخط -
تكثف روسيا جهودها نحو مزيد من الاستثمارات المشتركة مع فيتنام، وتغري الأخيرة بإقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، في مسعى روسي لشغل الفراغ، لردم الهوة التي تفصلها عن الحضور الأميركي والصيني الكبير في الاقتصاد الفيتنامي، وتسعى بالتوازي مع ذلك إلى استخدام العملتين المحليتين في التبادل التجاري بين البلدين، بهدف تهميش العملة الأميركية الذي تسعى إليه موسكو مع جميع شركائها.

إغراءات لهانوي

قام رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، الأسبوع الماضي، بزيارة رسمية إلى فيتنام، وقع خلالها مع الجانب الفيتنامي خطة لتنفيذ 17 مشروعا استثماريا، بقيمة إجمالية تفوق 20 مليار دولار. وأفادت وسائل الإعلام الروسية بأن كلا الجانبين يطمح إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدين، بعد التراجع الذي سجله في عام 2014.
ويقول ميدفيديف إنه وضع التدابير الصحيحة لزيادة التجارة المتبادلة مع فيتنام، لترتفع إلى 10 مليارات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة. وترى موسكو أن أحد أساليب الانتقال إلى مستوى جديد من التعاون التجاري، هو إنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وفيتنام. وقال رئيس الوزراء الفيتنامي، نجوين تان دونج، في نهاية لقاءه مع ميدفيدف، إن الاتفاق على منطقة التجارة الحرة يمكن أن يتم توقيعه في النصف الأول من العام الجاري 2015.

وفي السياق، تنتظر موسكو أن تساهم منطقة التجارة الحرة بين فيتنام والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، في رفع مستوى تبادلها التجاري الثنائي مع فيتنام إلى 10 مليارات دولار بحلول العام 2020. علما بأن مستوى التبادل التجاري بين موسكو وهانوي لم يتجاوز 4 مليارات دولار سنة 2013. وهناك طموح روسي بانفتاح أسواق اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمام الصادرات الروسية.
وتضم هذه الدولة كتلة سكانية ضخمة تغري المصدرين الروس، حيث تضم كلاً من تايلاند، إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين وسنغافورة.

التجارة المتبادلة

وفي العلاقة بين هانوي وموسكو، ترجح كفة فيتنام. فبمحصلة العام 2013، بلغت صادرات فيتنام إلى السوق الروسية ضعفي الواردات من روسيا تقريبا (2.6 مقابل 1.4 مليار دولار). وتعد الأجهزة المنزلية من أهم الصادرات الفيتنامية إلى روسيا (1 مليار دولار سنة 2013) والملابس والأحذية (570 مليون دولار). في حين تحتل مستلزمات الصناعة العسكرية المرتبة الأولى في الصادرات الروسية إلى هانوي (340 مليون دولار)، ثم الإلكترونيات (112 مليون دولار)، فالوقود والمعادن (80 مليون دولار)، والأسمدة (46 مليون دولار).
وحسب هذه البيانات، يبدو أن روسيا لم تكن شريكا اقتصاديا كبيرا لفيتنام، بخاصة إذا علمنا أن صادرات الأخيرة بلغت العام الماضي 150 مليار دولار ووارداتها 148 مليار دولار، وأن حصة الولايات المتحدة الأميركية من الصادرات الفيتنامية بلغت 21%، وحصة الصين من الواردات الفيتنامية 21% أيضا.
ولتصحيح هذا الوضع تعرض موسكو على هانوي شروطا مغرية خاصة. في سياق ذلك، يقول رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف: "بالنسبة لنا، إنها ممارسة نادرة جدا، حين ندعو شركاء أجانب للتطوير والاستخراج على أراضي روسيا الاتحادية، لأن الأمور عندنا معدة بصورة ليست سيئة، ولكنها حالة استثنائية خاصة أعددناها لشركائنا الفيتناميين".
وفي مساعيها لتهميش العملة الأميركية، تحاول موسكو مع شركائها الانتقال إلى التعامل بالعملات المحلية.
وفي هذا السياق، قال رئيس بنك التجارة الخارجية الروسي، أندري كوستين، إن اقتراح استخدام العملتين المحليتين في التبادل التجاري بين روسيا وفيتنام سيكون جاهزا في مايو/أيار المقبل. وأضاف أن بنك التجارة الخارجية الروسي (في تي بي) وبنك الاستثمار الفيتنامي أعدا مذكرة التفاهم اللازمة، لإعداد خطة محددة لإجراء الحسابات بالعملتين المحليتين وتقديمها لحكومتي البلدين.


استثمارات نفطية

وفي مجال النفط، وقع البلدان مجموعة من الوثائق. وقد هنأ ميدفيديف عمال شركة "روس نفط" التي تعمل في فيتنام، على نجاحها في استخراج 10 ملايين طن من النفط من حقلٍ في شمال فيتنام. وقال للعاملين هناك عبر رسالة تلفزيونية: "ناقشنا مع زملائنا في القيادة الفيتنامية كيف نساعد مشروعكم. وسوف نقوم بذلك".
وقال المدير العام لشركة "زاروبيج نفط" الروسية، سيرغي كودرياشوف، والذي كان ضمن الوفد الرسمي إلى هانوي، إن شركة "روس نفط بترو" الروسية-الفيتنامية المشتركة حققت رقما فريدا في تكاليف الاستخراج، بلغ 3 دولارات فقط للبرميل الواحد. ووفقا له فإنها الشركة الأكثر كفاءة في الإقليم. وأضاف أن "روس نفط بترو" هي الشركة الروسية الوحيدة اليوم التي تبيع النفط عبر البورصة، وأنها تنجز 90% من مبيعاتها عبر السوق الإلكترونية. علما بأن هذه الشركة تم إنشاؤها على أرضية الاتفاق الموقع سنة 2008 بين "زاروبيج نفط" الروسية وشركة "بتروفيتنام" الفيتنامية.
وتقول الحكومة الروسية، إن هناك خططاً لإنشاء شركة روسية فيتنامية مشتركة لتجميع وسائط نقل إلكترونية في فيتنام. ويتم البحث في استثمار مشترك في مجال الاتصالات والتقنيات الطبية. كما يجري الحديث حول تجميع سيارات "كاماز" و "سوليرس" الروسية في فيتنام.
ووقعت روسيا وفيتنام مؤخرا، اتفاقا بين شركتي "نورث باور سيرفس" الروسية و"إنتر راو إكسبورت" الفيتنامية لتحديث محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في فيتنام. كما تم التوصل إلى اتفاق بين شركة الخطوط الحديدية الروسية "آر جي دي" و"سكك الحديد الفيتنامية" لتطوير شبكة الخطوط الحديدية في فيتنام.
وهكذا، تحاول موسكو تنويع أسواق الاستثمار أمام شركاتها، وإيجاد شركاء يعوضونها عن عقوبات الغرب، وتسعى لإيجاد مصلحة لهانوي في التعاون مع روسيا، فيما يحاول الاقتصاديون الروس انتزاع حصة من بين أيدي المتنافسين الكبيرين، الصين والولايات المتحدة الأميركية في بلاد مفتوحة على التطور والنمو.
وغالبا ما يتجه الحجم الأكبر من الصادرات العسكرية الروسية إلى دول منطقة آسيا والمحيط الهادي. واستحوذت هذه المنطقة وحدها، على أكثر من 60% من صادرات روسيا العسكرية خلال العشر سنوات الماضية، ما يغري موسكو لتعزيز وجودها عبر صفقات عسكرية جديدة، في ظل مساعي أغلب دول المنطقة لتحديث وإعادة تجهيز قواتها المسلحة.

اقرأ أيضا:
البنك الدولي يتوقّع ركوداً مطوّلاً في روسيا
المساهمون