ضبط الحصص لوقف نزيف أسعار النفط.. رهان أوبك الصعب

17 مارس 2015
حرب الحصص يخفض أسعار النفط (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

رغم التفاؤل الذي أبدته السعودية أخيرا بصعود النفط فوق 60 دولاراً، إلا أن الأسعار أخذت أمس في التراجع، حين هبط سعر الخام الأميركي نحو 3% إلى أدنى مستوياته في ست سنوات، مع ارتفاع الدولار إلى مستويات جديدة، وتراجع طاقة التخزين الاحتياطية للنفط إلى مستويات متدنية في العالم، كما تراجع سعر مزيج برنت 21 سنتا إلى 54.46 دولارا للبرميل. 

وكان مستشار وزير البترول السعودي إبراهيم المهنا، أكد خلال مؤتمر للطاقة في العاصمة القطرية الدوحة، أول من أمس، أن أسعار النفط بدأت في الاستقرار حول 60 دولاراً للبرميل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وإنها ستواصل الصعود، بينما سيواصل الطلب على النفط النمو
بقوة، لكنه قال إن السعودية ستظل ملتزمة باستقرار سوق النفط والأسعار. 

وبناء على تصريحات المهنا التي أطلقها خلال المؤتمر، فإن أكبر مصدّر للنفط في العالم "لا ترى حاجة لتغيير سياستها التي تسمح للسوق بتصحيح أوضاعها تلقائيا من دون خفض إنتاجها، على الرغم من الهبوط الحاد للأسعار منذ يونيو/حزيران الماضي". 

وفي المقابل يرى محللون في مجال الطاقة، أن منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) قد تغير سياساتها النفطية في الأشهر المقبلة من أجل مزيد من الدعم لأسعار النفط، والتي تأمل في تعويض الخسائر التي منيت بها في الأشهر الثمانية الماضية عندما تستعيد الأسعار عافيتها، وعلى الأرجح أن تقرر استمرار سياسة الإنتاج الحالية في اجتماعها التالي في يونيو/حزيران المقبل، لكن مع التشديد على ضبط الحصص. 

ضبط 

يؤكد خبير النفط الكويتي، الدكتور عبد السميع بهبهاني، لـ "العربي الجديد" على أنه من المتوقع أن تتخذ أوبك في اجتماعها المقبل قرارات أكثر جدية لضبط أسعار النفط، مشدداً على أن الوضع الحالي يساعد على اتخاذ مثل هذه القرارات، متوقعا أن يصل سعر النفط مع نهاية العام ما بين 70 و75 دولارا. 

ويقول بهبهاني، إن "اجتماع أوبك المقبل قد يشهد تجانساً أكبر بين المنتجين سيؤدي إلى أعادة توازن الحصص داخل أوبك مرة أخرى، خاصة أن بعض الدول أنتجت ما هو أكبر من حصتها، وأتصور أن الاجتماع المقبل سيشهد اتفاقاً بين الدول على إعادة هذه الحصص". 

ويتوقع الخبير النفطي أن عودة الأمن للعراق سيجعلها تضخ المزيد من النفط في الأسواق، كما أن قرب توصل إيران لاتفاق مع الدول الكبرى حول برنامجها النووي سيجعلها تضخ المزيد من النفط هي الأخرى، وهذا يجعل الحاجة إلى اتفاق جديد بين الدول في أوبك أكثر إلحاحاً.

ويضيف "على الأرجح ستعود سياسيات أوبك لموازنة السوق نحو سعر معين، فما زالت هي القوة الكبرى في سوق النفط والأقدر على تحديد الأسعار بناء على سياسة توزيع الحصص التي توجد نوعا من التوازن في السوق، وسترفع الأسعار مرة أخرى، لهذا نحن متفائلون بهذا التجانس المتوقع".

اقرأ أيضاً: شركات تهاجم و"أوبك" تدافع
ويقلل خبير النفط الكويتي من تأثير تراجع النفط الصخري على الأسعار، مؤكدا أن هذا النوع من النفط لم يكن سبب هبوط الأسعار كما زعم بعضهم. ويضيف أن أوبك لم تأخذ النفط الصخري بعين الاعتبار، فقراراتها لم تكن بهدف تحجيم النفط الصخري، لأن الشركات التي تتعامل به هي شركات صغيرة وقادرة على ضبط ميزانيتها، أنا شخصيا شاركت في حفر خمس
آبار نفط صخري في تكساس، ونجحنا في معادلة سعر برميل النفط عند 50 دولارا فقط، وحققنا ربحا بمقدار 20 دولاراً للبرميل. 

المنصات ليست مؤثرة 

وشدّد بهبهاني على أن هبوط عدد منصات حفر النفط الأميركية لن يكون عاملا مؤثرا على الإنتاج، معتبرا أن الواقع يقول عكس ذلك، ويضيف، "تقول التقارير إن عدد منصات الحفر الأميركية انخفض، ولكن في المقابل الإنتاج الأميركي زاد لدرجة أنه لم تعد تملك أماكن لتخزين النفط الفائض والذي تجاوز 600 مليون برميل، السبب يعود إلى أن الأميركيين استبدلوا منصات الحفر القديمة بمنصات أكثر حداثة وأغزر إنتاجاً".

وتوقعت أوبك أن تتقلص الإمدادات العالمية المتراكمة والتي تقارب 1.5 مليون برميل يوميا مع تعافي الطلب، وأن يتباطأ إنتاج أميركا من النفط مع تراجع عمليات الحفر من جانب الشركات. 

وفي هذا الإطار قال الخبير النفطي محمد الشتي، لـ "العربي الجديد"، إن منصات إنتاج النفط الصخري في أميركا، انخفضت إلى أقل من النصف خلال الأشهر الخمسة الماضية، وقال، "كان إجمالي عدد أبراج الحفر في الولايات المتحدة الأميركية في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1590 منصة، وانخفض في 13 مارس/آذار إلى 866 منصة". 

تذبذب الأسعار 

وأكد التقرير الأسبوعي لمؤسسة الشال الكويتية المتخصصة في تقديم استراتيجيات الطاقة، على أن "المنطق يرجح أن تستقر أسعار النفط حول 70 دولاراً للبرميل، وهو السعر الذي يحد من الاستثمارات الجديدة للنفط غير التقليدي أو النفوط الصعبة، ولكن يبقى إنتاج العالم عند المستوى المطلوب، والمقدر بنحو 93 مليون برميل يومياً". 

وبحسب الشال يمكن للأسعار أن تتذبذب بعيداً عن هذا المستوى على المدى القصير، من ستة أشهر إلى سنة، وستبقى هناك مخاطر غير محسوبة قد تؤدي إلى هبوط كبير في أسعار النفط، ولفترة طويلة، وأضاف التقرير، "دخل منتجو النفط التقليدي في حرب حصص، إذ تنقسم دول إنتاج النفط التقليدي إلى ثلاث فئات، فئـة تستطيع الاحتمال لبضع سنوات عند مستوى أسعار نفط متدنية، وهي السعودية والكويت والإمارات وقطر، وفئة سوف تتعرض لضغوط هائلة، ومن أمثلتها العراق والجزائر ونيجيريا وفنزويلا وروسيا وعُمان خارج أوبك، وفئة ثالثة تتعرض لضغوط هائلة ولا تنتج بطاقتها القصوى لظروف خاصة ومؤقتة، مثل إيران وليبيا".

وتعافت أسعار النفط في وقت سابق من العام، وارتفع سعر مزيج برنت لأكثر من 60 دولارا
للبرميل للمرة الأولى منذ ديسمبر/كانون الأول، غير أن سعر مزيج برنت استقر قرب أدنى مستوى في شهر دون 55 دولارا للبرميل يوم الجمعة الماضي، بعدما هوى 9% خلال الأسبوع. 

ولكن في المقابل توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج النفط من خارج الأوبك بنحو 270 ألف برميل يومياً على أساس شهري إلى 57.3 مليون برميل يومياً، بدعم من ارتفاع الإنتاج في أميركا الشمالية، وبحسب تقرير الوكالة الدولية زاد المعروض العالمي 1.3 مليون برميل يومياً، على أساس سنوي إلى ما يُقدر بنحو 94 مليون برميل يومياً في فبراير/شباط مدعوماً في الأساس بارتفاع معروض الدول غير الأعضاء في الأوبك 1.4 مليون برميل يومياً.


اقرأ أيضاً: وكالة الطاقة الدولية: "داعش" أصبح تحديّاً كبيراً للنفط
المساهمون