فرض الأردن تأشيرات على اليمنيين يُفاقم أزماتهم

13 ديسمبر 2015
تقييد سفر اليمنيين يزيد أزماتهم الاقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -


تقدم الهاجس الأمني على المنافع الاقتصادية في علاقات الدول العربية مع اليمن، حيث قيّدت عدة دول تأشيرات دخول اليمنيين، وكان آخرها الأردن الذي كان يعتبر المنفذ الوحيد لهم، حيث ما زالت تسير رحلات مباشرة من صنعاء وعدن إلى عمّان.

وفرض الأردن، الاثنين الماضي، تأشيرات دخول على اليمنيين الراغبين بزيارته اعتبارا من بعد غد.

وأكدت الملحق الإعلامي بسفارة اليمن في بيروت، مها البريهي، أن الأردن قرر فرض تأشيرات دخول على اليمنيين، وأشارت إلى أن القرار سيضيف متاعب معيشية أخرى على اليمنيين الذين يعانون الحرب.

وقالت الخارجية الأردنية في كتابها الموجه لسفارة اليمن في عمّان، والذي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه، إن الجهات المختصة أفادت بأن المواطنين اليمنيين يحتاجون إلى موافقة مسبقة لدخول البلاد، وبإمكانهم الحصول عليها من المطار أو من سفارات الأردن في دول العالم".

وكان الأردن، ملاذ اليمنيين بعد أن أغلقت مصر أبوابها أمامهم وقررت فرض تأشيرات دخول على الراغبين بزيارتها منذ بدء الحرب في مارس/آذار الماضي، بالإضافة إلى تشديد دول أخرى إجراءات السفر.

وبعد توقف رحلات الطيران اليمني منذ مارس/أذار نتيجة الحظر الجوي المفروض من قبل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، أعلن في منتصف يونيو/حزيران، الإعلان عن استئناف الرحلات بموافقة التحالف العربي، من مطاري صنعاء وعدن إلى وجهة واحدة فقط هي العاصمة الأردنية عمان.

وفيما رفعت الخطوط اليمنية سعر التذكرة إلى عّمان بواقع 300%، فرضت على المسافرين دفع مبلغ إضافي وقالت إن الأردن يشترط على اليمنيين دفع تأمين مالي يبلغ 400 دولار لضمان خروج المسافر من الأردن.

ومثل الأردن ملاذاً لآلاف المرضى ومئات الجرحى جراء المعارك الدائرة، كما مثل خياراً مناسباً للعمل والاستقرار لكثير من اليمنيين، كما قرر عشرات المستثمرين اليمنيين نقل استثماراتهم إلى الأردن.

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي اليمني ياسين التميمي، أن قراري مصر والأردن تقييد سفر اليمنيين إليهما، قد شكل عبئاً إضافياً على الشعب اليمني. وقال التميمي لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن المحاذير الأمنية تحضر بقوة كخلفية لهذين القرارين"، وأضاف: "لا يجوز أن يعتمد بلدان عربيان شقيقان سياسة التقييد وإحكام التضييق على الشعب اليمني".

وفي إطار تفاقم الأعباء المعيشية بسبب القرار، قال عميد كلية الاقتصاد بجامعة صنعاء علي سيف كليب، إن "القرار الأردني يمثل نوعاً من وضع العوائق على حركة اليمنيين وتنقلاتهم وبالتالي سيكون هناك عدد غير محدود لن يستطيع الذهاب، كما سيمثل القرار خسارة على الأردن أيضاً.

وأشار إلى أن هناك عدداَ كبيراً من اليمنيين انتقلوا بعد الحرب للإقامة في الأردن ومنهم تجار ومسؤولون.

وتوقع كليب إنفاق اليمنيين الزائرين للأردن، ما بين 3 و4 مليارات دولار، منها أكثر من مليار دولار كلفة علاج وتكاليف المرضى ونحو مليار دولار كلفة علاج جرحى الحرب وما لا يقل عن مليار دولار استثمارات يمنية في الأردن.

واعتبر كليب أن الهاجس الأمني يقف وراء قرار فرض إقامة تأشيرات على اليمنيين الراغبين بزيارته، معتبرا أن تزايد عدد اليمنيين في الأردن، بالإضافة الى استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري أصبح يشكل عبئاً على دولة صغيرة مثل الأردن.

اقرأ أيضاً: تعهّد خليجي بتأهيل اقتصاد اليمن المدمّر

ويأتي قرار الحكومة الأردنية في ظل علاقات اقتصادية متواصلة بين البلدين، فعقب يوم من قرار فرض تأشيرات على اليمنيين، كان وفد تجاري يمني برئاسة رئيس غرفة تجارة وصناعة صنعاء حسن الكابوس، يزور غرفة تجارة عمّان لبحث سبل توفير الدعم والتسهيلات للاستثمارات اليمنية القائمة بالمملكة.

وحسب بيان صحافي للغرفة التجارية بصنعاء، الثلاثاء الماضي، تم خلال اللقاء البحث كذلك في سبل التعاون المشترك بين غرفتي تجارة صنعاء وتجارة عمان وإمكانية توقيع اتفاقية توأمة بين الجهتين لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين على مستوى مؤسسات القطاع الخاص.

ووفقاً لوكالة بترا الأردنية، قال رئيس غرفة تجارة عمان عيسى حيدر مراد، إنه في حال توقيع اتفاقية تعاون بين غرفتي تجارة عمّان وتجارة وصناعة صنعاء يجب أن تكون فعّالة حتى يستطيع التاجر اليمني اللجوء إلى غرفة تجارة عمّان للحصول على جميع المعلومات اللازمة للاستثمار.

ودعا مراد الجانب اليمني إلى تشغيل العمالة الأردنية في الاستثمارات اليمنية المختلفة في الأردن، موضحاً أنها تتمتع بتأهيل علمي وبالسمعة المتميزة من ناحية الخبرة المطلوبة للعمل.

من جهته، عبر رئيس غرفة تجارة صنعاء حسن الكبوس، عن شكره للأردن لاستقباله للمواطنين والمستثمرين اليمنيين وتسهيل دخولهم إلى الأراضي الأردنية سواء للبحث عن العلاج أو الاستثمار، مشيدا ببيئة الأعمال الآمنة بالمملكة والتشريعات المرنة.

وأشار إلى أن الأردن من أوائل الدول التي استقبلت رؤوس الأموال والاستثمارات اليمنية، لافتاً إلى وجود العديد من الاستثمارات اليمنية القديمة والتي ما زالت قائمة وتستفيد من الخبرات الأردنية.

وكان رئيس غرفة تجارة صنعاء حسن الكبوس، وقع باسم شركة الكبوس للتجارة والاستثمار اليمنية، اتفاقية لاستثمار 5 ملايين دينار أردني في صناعة المواد الغذائية، على مساحة 27 الف متر مربع، في مدينة الموقر الصناعية الأردنية، فيما اعلنت عدة مجموعات صناعية يمنية عن بدء استثمارات في مدينة العقبة الأردنية.

وفتح يمنيون نازحون إلى الأردن بسبب الحرب عشرات المشاريع الصغيرة مثل الفنادق والمطاعم التي تقدم أكلات يمنية، وبلغ عدد الشقق التي تم شراؤها من قبل الجالية اليمنية في عمان نحو 83 شقة خلال عام 2013، و73 شقة خلال عام 2014، و55 شقة خلال العام الحالي، وذلك فقا لوكالة الانباء الأردنية بترا عن مصدر حكومي أردني.

وقالت سفارة اليمن في عمان إنها بصدد إجراء حصر لمعرفة عدد اليمنيين في الأردن بعد زيادة اعدادهم بشكل كبير منذ اندلاع الحرب، وتتوقع ألا يقل عدد اليمنيين في الأردن عن مائة ألف شخص.

وتضاعف عدد اليمنيين الذين يقصدون الأردن للعلاج مرتين على الأقل منذ فرض مصر تأشيرات على اليمنيين، في مارس/آذار الماضي.

وأعلن الأردن، في مايو/آيار الماضي، عن قرار، بإعفاء اليمنيين من تأشيرات الدخول، ما ساهم في زيادة إقبال اليمنيين الذين يقصدون المملكة للعلاج أو للاستقرار، إلا أنها تراجعت عن القرار وأعلنت فرض تأشيرات، مؤخراً.

وتفيد تقارير أردنية صدرت قبل الحرب في اليمن، أن متوسط اليمنيين الذين يقصدون البلاد للعلاج سنوياً يبلغ نحو 25 ألف شخص.

وبلغ إجمالي تكلفة علاج 100 شخص من الجرحى اليمنيين الموجودين في الأردن، من الذين يتلقون العلاج في مستشفياته الخاصة نحو 21 مليون دولار، حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتوقعت مصادر بالسفارة اليمنية في عمان، في تصريحات، زيادة عدد الجرحى القادمين إلى الأردن خلال الفترة المقبلة نتيجة وجود نحو 8 آلاف جريح حاليا داخل اليمن في حاجة إلى عناية فائقة.



اقرأ أيضاً:
الحوثيون يدمّرون الاقتصاد الرسمي في اليمن
الديون المتعثّرة تطوّق شركات اليمن

المساهمون