حكومة مصر تتخلى عن 6 ملايين مزارع بخفض الدعم

29 مايو 2014
المزارع هو الأكثر تضرراً في مصر (Getty)
+ الخط -

قال متخصصون واقتصاديون في مصر، اليوم الخميس، إن خفض مخصصات دعم المزارعين، البالغ عددهم نحو 6 ملايين شخص يعملون في هذا القطاع، في موازنة العام المالي المقبل، بأكثر من الربع، يعني تخلي الدولة عن سياسة دعم الأسمدة والقروض، التي يحصل عليها الملايين في هذا القطاع، مما قد يضر بالزراعة بشكل عام.

وخفضت الحكومة في موازنة العام المالي المقبل 2014-2015، والتي يبدأ العمل بها مطلع يوليو/تموز المقبل، دعم المزارعين إلى 3.3 مليار جنيه (460 مليون دولار)، مقابل 4.5 مليار جنيه في العام المالي الجاري.

وقال الدكتور نادر نور الدين، استاذ الأراضي في جامعة القاهرة، إن خفض المخصصات بنحو 1.2 مليار جنيه خلال العام المقبل سيمثل مشكلة كبيرة للمزارعين في الحصول على الأسمدة، والتي سيرتفع سعرها مع عزم الدولة رفع سعر الطاقة. وتستهلك مصر من 10 إلى 12 مليون طن سنويا من الأسمدة.

وبحسب نور الدين، " يبلغ العجز في الأسمدة نحو 50% يتم تغطيته عن طريق الاستيراد ". وتنتج مصر نحو 16 مليون طن أسمدة سنويا تصدر المصانع أغلبها إلى الخارج محققة أرباحاً كبيرة، بفضل الدعم الحكومي الذي تقدمه مصر للغاز.

ويعمل بالزراعة نحو 6 ملايين عامل من إجمالي 23.9 مليون عامل في مصر، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وقال نور الدين إن المزارع يواجه صعوبات كبيرة في الحصول على الأسمدة، مما يضطره غالبا إلى اللجوء إلى السوق الموازية غير الرسمية، والتي ترتفع فيها الأسعار بأكثر من 25% في بعض الأوقات.

ويرى أن خفض الدعم عن الطاقة، سيرفع سعر الأسمدة في السوق الموازية بنحو 50%.

وقال مسؤول في وزارة الزراعة، في مقابلة هاتفية مع العربي الجديد: "الموازنة حتى الوقت الحالي لم تقر بعد. نأمل أن ترفع وزارة المالية مخصصات دعم المزارعين، أو على الأقل عدم خفضه".

وكانت وزارة المالية قد ذكرت، يوم الإثنين الماضي، أنها أحالت مشروع الموازنة إلى رئيس الجمهورية المؤقت، عدلي منصور، للتصديق عليها.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم نشر اسمه، "وزارة الزراعة ستعمل على تبنى استراتيجية التعاقد لشراء المحصول من المزارعين، ودعمهم بالأسمدة وبذور التقاوي".

إلا أن الدكتور نادر نور الدين حذر من رفع سعر الأسمدة، وتخلي الدولة عن دعمه قائلا: "سيسبب ذلك أزمة غذاء في مصر".

ويوضح نور الدين أن تقارير منظمة الأغذية والزراعة، " الفاو"، قالت إن الخلل في منظومة دعم الأسمدة في مصر سيؤدي إلى نقص المحاصيل الاستراتيجية، خاصة القمح، بنحو 30% في الأحوال العادية، وعند اشتداد الخلل سيزيد النقص إلى 50% بما يرفع استيراد مصر من الغذاء.

وتعد مصر أكبر مستورد في العالم للقمح، وتستهلك نحو 16 مليون طن سنويا، تشتري الدولة 9 ملايين طن من الداخل والخارج، ويستورد القطاع الخاص 6 ملايين طن.

وبحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي " يعد قطاع الزراعة في مصر من القطاعات الاقتصادية الوحيدة، التي حافظت على تحقيق نمو خلال السنوات الثلاث الماضية". وبلغ معدل النمو خلال العام الماضي 2 % مقابل 3 % خلال 2012.

ويرى الدكتور منير فودة، أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، أن خفض دعم المزارعين في موازنة العام المالي المقبل يعنى أن الدولة ستخفض تحملها لدعم فائدة القروض، التي يحصل عليها المزارعون من بنك التنمية والائتمان الزراعي التابع للدولة.

ويحصل المزارعون على قروض بفائدة  5%  في حين تتحمل الدولة 7%. وتبلغ قيمة القروض المتعثرة لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي 600 مليون جنيه.

وكان الرئيس المنتخب، محمد مرسي، قد أصدر قرارا بإعفاء المتعثرين، ممن تقل ديونهم عن 10 آلاف جنيه، إلا أن وزير الزراعة الحالي، أيمن فريد أبو حديد، قال إنه لن يتم إعفاء المتعثرين من المديونيات.

ويرى الدكتور منير فودة أن "محفظة التعثرات، التي تصل إلى 600 مليون جنيه، جريمة ساهم فيها مسؤولو البنك والمزارعون أنفسهم، عبر تسهيل الحصول على القروض دون التأكد من صرفها فعليا في أنشطة مرتبطة بالزراعة".

ورفض فودة تخلي بنك التنمية والائتمان الزراعي عن مستحقاته، قائلا: "هذه حقوق للدولة والمودعين، ولا يجب الاستمرار إلى ما لا نهاية في هذه الدائرة المفرغة".

وقال: "المشكلة ليست في وجود دعم للمزارعين، ولكن هناك ضبابية في تنفيذ سياسة الدعم لهم، ولا تصل بالفعل إليهم، خاصة صغارهم والذين يمثلون كتلة كبيرة".

وطالب بضرورة هيكلة الديون عبر إلغاء الفوائد المستحقة على القروض، بدلاً من إسقاط أصل الدين.

 

دلالات
المساهمون