مستقبل عمدة لندن رهن صفقة عقارية

17 نوفمبر 2014
عمدة لندن، بوريس جونسون (أرشيف/getty)
+ الخط -

تضع شبهة فساد في صفقة عقارية مستقبل عمدة لندن، بوريس جونسون، في خطر. وذلك حسب التحقيق الذي فتحته القناة التلفزيونية الرابعة في بريطانيا عن قطعة أرض استراتيجية، مساحتها 35 هكتاراً بيعت العام الماضي لشركة صينية، وبوريس جونسون من أعضاء حزب المحافظين اللامعين الذين يعدون أنفسهم لخلافة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، ربما في الانتخابات المقبلة.

وتثيرالصفقة العقارية التي بلغت قيمتها مليار جنيه إسترليني "حوالى 1.61 مليار دولار" ووقعتها سلطة لندن الكبرى التابعة لعمدة لندن، بوريس جونسون، الكثير من الأسئلة عن الأسلوب الذي طرح به العطاء، وكيفية فوز الشركة الصينية بالعطاء المفتوح، وهل المنافسة كانت شريفة، إضافة إلى علاقات سابقة تربط بين الشركة الصينية وإحدى الشركات التي أسسها عمدة لندن ترويجاً لمدينة لندن كمركز تجاري عالمي.

ومن جانب آخر، تفتح الصفقة الباب حول بعض التبرعات التي دفعتها سيدة أعمال إنجليزية من أصول صينية لحزب المحافظين خلال السنوات السابقة، ورغم أن عمدة لندن، نفى عدم وجود أية مخالفات قانونية، وأكد سلامة الصفقة، إلا أن بعض السياسيين طالبوا بفتح تحقيق في الصفقة وملابساتها.

تعود قصة الصفقة العقارية إلى مايو/أيار من عام 2013، حينما فازت شركة "أدفانس بيزنس بارك" الصينية التي تعرف اختصاراً باسم "أيه بي بي" بعطاء قطعة أرض استراتيجية تابعة لـ "رويال البرت دوك" التاريخية في شرق لندن. وقطعة الأرض موضوع التساؤل، هي أرض حكومية غير مستقلة، تقع في الجهة المقابلة لمطار"لندن سيتي أيربورت" شرقي لندن.
 
وعقب فوزها بالصفقة، تنوي الشركة الصينية" أي بي بي" تطويرها وتحويلها إلى مقر تجمع فيه الشركات الصينية العاملة في بريطانيا، التي ارتفع عددها خلال السنوات الأخيرة، وحسب خطة تطوير الموقع، فإن المشروع العقاري تحت الإنشاء سيحتوي على 3.2 مليون قدم مربع من الوحدات المكتبية و845 شقة سكنية إضافة إلى التجهيزات الحديثة الأخرى الخاصة بالمنتزهات ومنطقة التسوق.

ومن المتوقع أن يشكل تطوير هذه القطعة أكبر مشروع استثمار عقاري صيني في بريطانيا. ويذكر أن الشركات الصينية ارتفع عددها في بريطانيا خلال العامين الماضيين، خصوصاً وأن الصين تنوي استثمار 30 مليار دولار في بريطانيا خلال الأعوام المقبلة. ولكن منذ توقيع الصفقة أثيرت بعض الشبهات التي دفعت القناة التلفزيونية الرابعة البريطانية إلى إجراء تحقيق مطول عن وقائعها والشبهات التي تدور حولها.

وحسب القناة الرابعة، يقول سياسيون بريطانيون سابقون، إن الصفقة يشتم منها رائحة فساد، حيث أن هنالك مصالح ومنافع متبادلة بين أشخاص كانوا يعملون في الشركة الصينية وحزب المحافظين. من بين هؤلاء سيدة الأعمال الإنجليزية – الصينية، زولين بلاك، المتزوجة من وزير دولة بريطاني في حزب المحافظين. وكانت السيدة بلاك تعمل مستشارة لشركة "أيه بي بي" الصينية .

وقدمت السيدة بلاك تبرعات بشكل منتظم لحزب المحافظين قبل توقيع الصفقة، ثم توقفت فجأة هذه التبرعات بعد توقيع الصفقة. ورغم أن السيدة بلاك قالت، إنها لا تزال تقدم بعض التبرعات لحزب المحافظين، ولكن بكميات قليلة لا تتجاوز 5 آلاف جنيه إسترليني، فإن هنالك تساؤلات عن النشاط الكبير في التبرع بين عام 2010 و2012، في هذه الفترة قدمت السيدة زولين بلاك تبرعات قيمتها 162 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين.

وحسب مصادر بريطانية فإن شركة "لندن آند بارتنرز" التي أسسها عمدة لندن، بوريس جونسون، لتسويق لندن عالميّاً، كان مقرها في شنغهاي ، مقر شركة "أيه بي بي" نفسها، التي فازت بالصفقة. وذلك قبيل السنوات التي سبقت توقيع الصفقة وحتى عام 2012.

وحسب الوثائق التي حصلت عليها القناة الرابعة التلفزيونية، فإن شركة " لندن آند بارتنرز" تقوم بدور في تسويق مشروع التطوير العقاري الذي تنفذه شركة" أيه بي بي" في لندن، كما أن أحد رؤساء " شركة لندن آند بارتنرز" السابقين، وهو تونغبو ليو، الذي كان يعمل ممثلاً شخصيّاً للعمدة، بوريس يلتسن، في الصين يعمل حاليّاً في شركة"أيه بي بي" الصينية.

وهنالك توقعات واسعة أن يطالب برلمانيون بفتح تحقيق عن الصفقة. وذلك رغم أن العمدة، بوريس جونسون، طالب بفتح تحقيق داخلي في الصفقة التي يقول إنها سليمة.

من جانبه اقترح سير اليساتر جريهام، الرئيس السابق للجنة الحكومية للمعاييروالسلوكيات في بريطانيا، أن يجرى تحقيق مستقل في أسلوب المزاد الذي حصلت به هذه الشركة على قطعة الأرض. وقال في تعليقات للقناة الرابعة البريطانية "هنالك رائحة لشبهة فساد في ترتيبات الصفقة".

أما عمدة لندن، بوريس جونسون، في التصريحات التي أدلى بها للقناة التلفزيونية الرابعة، نفى، علمه، وجود أية مخالفات في صفقة بيع الأرض للشركة الصينية، وطلب فتح تحقيق في الصفقة التي وقعها مع الشركة الصينية.

ولكن مصادر عقارية في لندن ترى أن عمدة لندن الذي ساهم كثيراً في تسويق لندن، ورفع من معدل جاذبيتها، رجل مشهود له بالنزاهة، وإن كانت هنالك شبهات في هذه الصفقة ربما تعود إلى موظفين كانوا في عجلة لتسويق لندن في الصين. ويذكر أن الشركات الصينية استثمرت بكثافة في العقارات البريطانية خلال الخمس سنوات الماضية.

استثمارات صينية في عقارات لندن

حسب شركة لانغ لاسال للخدمات العقارية، فإن استثمارات المؤسسات الاستثمارية الصينية في الأسواق العقارية في الخارج زادت بنسبة 17% في الأشهر الستة الأولى من هذا العام. وأضافت أن لندن كانت المقصد الأكثر جاذبية للمؤسسات الاستثمارية الصينية، إذ اجتذبت استثمارات بلغت قيمتها الإجمالية 2.3 مليار دولار مع امتداد مساعي العاصمة البريطانية لاجتذاب رؤوس الأمول الصينية إلى مشاريع كبرى للبنية التحتية لتشمل سوقي العقارات السكنية والتجارية.

واحتلت سان فرانسيسكو المرتبة الثانية تليها شيكاغو، باستثمارات بلغت 548 مليون دولار و365 مليون دولار على الترتيب.

وجاءت مدينة سيدني في المرتبة الرابعة تليها مدريد، بعد أن اشترت شركة داليان واندا، أكبر مطور عقاري تجاري في الصين، ناطحة سحاب شهيرة بالعاصمة الإسبانية من "سانتاندر" أكبر بنك في البلاد مقابل 361 مليون دولار.

وبلغ إجمالي الاستثمارات العقارية الصينية التي ذهبت إلى الخارج في النصف الأول من هذا العام 5.4 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار استثمارات في العقارات التجارية.

المساهمون