لكن لدى حسابك الأرقام المعلنة من الحكومة ستدرك على الفور أنها تفوق ذلك بكثير؛ إذ تتجاوز 200 مليار دولار أي 152 تريليون جنيه وربما أكثر من ذلك.
لا علينا ولا تنزعج .. خاصة وأنها كلها أرقام تصب في خانة مئات المليارات من الدولارات وليس في خانة العشرات، وكأن مصر تناطح الصين أو أميركا في جذب الاستثمارات الخارجية.
ولأن البحث في الأرقام وفحصها وتقليبها والنظر اليها كثيراً هو هوايتي المفضلة فقد توقفت كثيراً أمامها، وفجأة اكتشفت أنني أمام كوميديا سوداء لا يجوز تقديمها في قضية جادة تتعلق بتنمية الاقتصاد القومي وضرورة جذب استثمارات خارجية، أو على الأقل إعادة هروب الاستثمارات الهاربة، ليس فقط بعد 3 يوليو 2013 ولكن بعد ثورة 25 يناير 2011 أيضاً.
خذ مثلا أرقام وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، التي قالت إنها وقعت 24 اتفاقية بتكلفة استثمارية 74 مليار دولار، منها اتفاقيات لتوليد الكهرباء بأكثر من 16 مليار دولار، كما وقعت مصر مع شركة "إيجل هيلز" العقارية الإماراتية عقد إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 45 مليار دولار ترتفع إلى 80 ملياراً.
وقال وزير الإسكان إنه وقع اتفاقات لمشاريع عقارية بإجمالي 12.7 مليار دولار، كما تم توقيع صفقات استثمار في قطاع الغاز بأكثر من 21 مليار دولار، ووقعت الحكومة اتفاقا مع آبار وبالم هيلز لإقامة مشروع باستثمارات 150 مليار جنيه " 19.6 مليار دولار".
واستمرارا لمسلسل الأرقام الضخمة والمبالغ فيها وأحيانا المستفزة فقد أعلنت الحكومة أنها وقعت أيضاً اتفاقية مع شركة بي.بي البريطانية للنفط بقيمة 12 مليار دولار لتطوير 5 تريليونات قدم مكعبة من موارد الغاز و55 مليون برميل من المكثفات في منطقة غرب دلتا النيل، لا يهمنا الآن الحديث عن أن هذه الاتفاقية سبق وأن تم توقيعها عدة مرات أخرها في فترة حكم الدكتور محمد مرسي، كما أعلنت الحكومة أيضاً أن شركة بي.جي البريطانية للطاقة تعتزم استثمار أربعة مليارات دولار في مصر على مدى عامين.
كما تم توقيع اتفاقات مع شركة إيني الإيطالية بقيمة خمسة مليارات دولار، وتم الاتفاق مع البنك الإسلامي للتنمية لتمويل منتجات بترولية لصالح مصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتم إبرام اتفاقيتين مع مجموعة إماراتية لاستثمار ستة مليارات دولار في المركز اللوجيستي للحبوب والغلال.
واستمرارا للصفقات والمليارات قالت الحكومة إن هيئة موانئ البحر الأحمر وقعت أول اتفاق نهائي لإنشاء محطة صب سائل بميناء العين السخنة مع شركة موانئ دبي باستثمارات 4 مليارات جنيه، كما تم توقع مذكرتي تفاهم مع شركتي أكوا السعودية ومصدر الإماراتية بإجمالي 4.5 مليار دولار، ومع شركة كيه.بي.بي.أو الاماراتية بملياري دولار، ومع شركة بيبسيكو لاستثمار 500 مليون دولار في 2015 ، ومع ماجد الفطيم الإماراتية لاستثمار 655 مليون دولار في 5 سنوات، ووقعت الحكومة اتفاقا مع آبار وبالم هيلز لإقامة مشروع باستثمارات 150 مليار جنيه
كما وقعت الحكومة اتفاقية مع شركة دانة غاز الإماراتية لاستثمار 350 مليون دولار في مصر على مدى الثلاثين شهرا المقبلة.
وقالت الحكومة أيضاً إن شركة إيجاس المصرية وقعت مذكرة تبادل معلومات مع قبرص لمد خط أنابيب إلى مصر.
الغريب أن وزير الاستثمار خرج علينا أمس الأحد ليكذّب بشكل مباشر العديد من هذه الأرقام، حينما قال إن القيمة الإجمالية لاتفاقات الاستثمار والمنح والمساعدات التي وقعتها مصر خلال المؤتمر 38.2 مليار دولار، وإن المبلغ يتضمن 33 مليار دولار استثمارات و5.2 مليار دولار منحاً ومساعدات أوروبية، ولا يشمل ذلك 12.5 مليار دولار تعهدت بها السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان.
لكن الوزير عاد و"بوظ" الطبخة، حينما قال إن مصر وقعت مذكرات تفاهم لإقامة مشروعات مع مستثمرين بقيمة 92 مليار دولار، ولمن لا يعرف في علم الاقتصاد والاستثمار فان مذكرات التفاهم قد لا تساوي الحبر الذي كتب به اذا لم تتحول لاتفاقيات ومشروعات قابلة للتنفيذ.
بجد أنا "دخت" وتهت من كثرة الأرقام التي أضعها أمام القارئ ليعرف أن حكومة لا تحترم الأرقام ولا تعرف الشفافية إنما هي حكومة "هجايص" لا يمكن أن تستمر في موقعها.
اقرأ أيضا:
فناكيش جديدة
"إعمار" الإماراتية تنفي مشاركتها في بناء العاصمة الجديدة لمصر
مليارات مؤتمر شرم الشيخ تفشل في رفع بورصة مصر