مندوب المبيعات في مصر.. مهنة من لا مهنة له

09 فبراير 2015
هروب لشباب مصر إلى العمل في مبيعات الأدوية(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

مندوب مبيعات، أصبحت مهنة مَن لا مهنة له في مصر، حيث يلجأ إليها معظم الشباب، ولا سيما خريجو الجامعات، للهروب من شبح البطالة التي بلغت 13.1% من قوة العمل خلال الربع الأول من العام المالي الماضي (من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول عام 2014).
 
مندوب مبيعات الأدوية، محمد رمضان ذكي (27 عاماً)، يحكي قصته منذ انتقاله من مسقط رأسه في المنيا (جنوب مصر) إلى العاصمة المصرية، القاهرة، بعد أن أنهى دراسته في كلية العلوم بجامعة أسيوط (جنوب)، حاملاً معه أحلامه في الحصول على فرصة عمل ذات راتب كبير ليتمكن من تكوين مستقبله والزواج بعد إنهاء مشواره التعليمي.

ويقول ذكي، لـ"العربي الجديد"، إنه عمل في البداية بمجال بيع "كروت" شحن الجوالات في شارع عبد العزيز، (أحد أشهر الشوارع التجارية بوسط العاصمة)، قبل أن يلتحق بعمله مندوباً للمبيعات بإحدى شركات الأدوية، التي تستغرق 14 ساعة يومياً في شوارع العاصمة لعرض بضاعته من الأدوية على الصيدليات.

وحسب إحصائيات رسمية، يبلغ عدد الصيدليات في مصر 55 ألف صيدلية، في حين يبلغ عدد المصانع المحلية المرخصة 137 مصنعاً.
 
ويضيف ذكي: تزايدت آمالنا عقب نجاح ثورة 25 يناير عام 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، وبدأت الدولة في الإعلان عن وظائف خالية، فقدمت في كل الوظائف التي أعلنت عنها حكومات ما بعد الثورة، وكنا نقف في طوابير طويلة لتقديم الأوراق المطلوبة، والأمل يطال الجميع، إلا أننا فوجئنا بتجاهل تام لطلباتنا، بل وصل الأمر إلى أننا وجدنا بعض الطلبات في صناديق القمامة.

ويقول: اضطررت بعد فشلي في الحصول على وظيفة حكومية تناسب شهادتي الجامعية بعد الثورة، إلى الاستمرار في عملي مندوباً للمبيعات.

وتابع ذكي: أبدأ يومي في الساعة السادسة صباحاً حتى أتمكن من الوصول إلى عملي الذي يستغرق قرابة الساعتين، حيث أسكن في شارع الهرم ومقر عملي الرئيسي في مدينة نصر، ثم أتجول على الصيدليات حسب خطة العمل المقررة، حيث تتعامل معي الشركة بأجر ثابت ألف جنيه (نحو 130 دولاراً)، إضافة إلى عمولة من نسبة المبيعات ليصل مجمل المبلغ إلى ألفي جنيه بحد أقصى (نحو 260 دولاراً).

ويضيف أنه كان يحقق مبيعات كبيرة من مستحضرات التجميل لإقبال المستهلكين عليها، خاصة أن مدينة نصر من أرقى أحياء القاهرة، ويقطن بها أصحاب الدخول العالية، ويقبلون على شراء أدوات التجميل، مشيراً إلى أنه بعد تظاهرات 30 يونيو/ حزيران عام 2013 وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، تراجعت المبيعات بشكل كبير، بسبب الحظر الذي فرضه مجلس الوزراء عقب فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، ما انعكس على حجم مبيعاته التي انخفضت وبالتالي أصبح يعتمد على مرتبه الأساسي البالغ 1000 جنيه في معظم الأحيان ما يزيد أعباء حياته المعيشية، حيث إنه يدفع 300 جنيه إيجاراً لمسكنه، وقرابة 450 جنيهاً تنقلات شهرية، فضلاً عن المأكل ومصروفاته اليومية، كما يقول.

ويؤكد محمد أنه، مع استمرار تظاهرات المعارضين، ومطاردتهم من قبل الشرطة والجيش، وإطلاق الخرطوش والأعيرة النارية عشوائياً، قلّل من أوقات تجوله في الشارع خوفاً على حياته، فأدى الوضع الأمني المتدهور وانتشار البلطجة في الشارع إلى عودته إلى منزله قبل التاسعة مساءً، فتراجعت المبيعات بشكل ملحوظ.

ويقول ذكي إنه الأخ الأكبر من أسرة مكونة من 4 بنات وشابين، والتي يزورها في مسقط رأسه (المنيا)، مرة كل 6 أشهر لتقديم بعض المساعدة المالية لهم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في صعيد مصر.

ويضيف ذكي بحزن: كنت أحلم بالعمل في مجالي بوظيفة كيميائي الذي دخلت الجامعة من أجلها، ولكن لم أستطع أن أحقق حلمي في بلدي، فأصبحت أحلم بالسفر إلى دول مجلس التعاون الخليجي لتعويض ما فاتني، ففرص العمل في البلاد تكاد تكون معدومة، وإن وجدت فالدخل المنخفض لا يكفيك لبناء المستقبل.

وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تبلغ نسبة الفقر في الصعيد 49%، في حين يبلغ متوسط الفقر في مختلف أنحاء البلاد نحو ‏‏26% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 88 مليون نسمة.

ويرجع خبراء أسباب زيادة الفقر إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، التي ازدادت تراجعاً عقب ثورة 25 يناير منذ أربع سنوات ووصلت إلى الذروة عقب انقلاب الجيش في 3 يوليو الماضي.

المساهمون