مصارف لبنان "رهن" التحقيق

02 مارس 2020
مفاوضات مع الدائنين مستمرة لتجاوز استحقاق الديون (فرانس برس)
+ الخط -

يشكل جلب أباطرة المصارف اللبنانية إلى النيابة العامة المالية، يوم الإثنين، سابقة لم يشهد لها لبنان مثيلا في أسوأ ظروفه، حيث خضع عمالقة المال للتحقيق عند المدعي العام المالي علي إبراهيم على خلفية تحويل نحو مليارين و300 مليون دولار إلى الخارج إبّان إغلاق البنوك أبوابها خلال الأحداث الأخيرة، مرة بحجّة اعتراضها على تعرّض فروعها وموظفيها إلى اعتداءات من المشاركين في الحراك، ومرة أُخرى بذريعة اتخاذ اتحادات موظفيها قرارا بالإضراب.

وفي تفاصيل التحقيقات أن القاضي إبراهيم والمحامين العامّين الماليين استمعوا على مدار 3 ساعات تقريبا إلى رئيس مجلس إدارة "جمعية مصارف لبنان"، سليم صفير، ورؤساء مجالس الإدارة وممثلين عن 14 مصرفا، حول تحويل الأموال إلى الخارج بعد انطلاق حراك الشارع في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

ويتمحور التحقيق حول أمور أُخرى، أبرزها عدم تمكين البنوك المودعين من إجراء سحوبات بالدولار من حساباتهم الخاصة، ووقف عمليات التحويل إلى الخارج للمودعين كافة، والتثبّت مما إذا كانت المصارف قد التزمت بزيادة رأس مالها لدى "مصرف لبنان"، إضافة إلى موضوع ما يُسمّى "الهندسات المالية"، وبيع البنوك إلى مؤسسات خارجية سندات دولارية دولية (يوروبوند) تستحق في 9 مارس/ آذار الجاري.

وفيما من المقرر أن يستكمل القاضي إبراهيم الاستماع هذا الأسبوع إلى مسؤولي بقية المصارف المعنية، قبل أن يُطلع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على نتائج التحقيقات لاتخاذ الإجراءات المناسبة، قالت مصادر في جمعية المصارف لـ"العربي الجديد"، إن أي تحويلات أُجريت إلى الخارج هي قانونية مئة في المئة، وبالتالي لا مسؤولية قانونية تقع على إدارات المصارف بهذا الخصوص، رغم أن الادعاء ينطلق في التحقيقات من نقطة أساسية تجعل هذه التحويلات موضع شبهة، وهي أن البنوك أجرت هذه التحويلات في وقت كان يفترض أنها إما مقفلة أمام المودعين، أو أنها تمنع هؤلاء من إجراء التحويلات أو سحب الودائع بينما تتيح الخيارات نفسها للتحويل إلى خارج البلاد، بما ينطوي عليه ذلك من تمييز بين العملاء قد يحمل إدانة على هذا الصعيد.

وأكد مصدر قضائي لـ"العربي الجديد"، أن المرحلة المقبلة ستشهد إعلان مفاجآت لناحية الأموال المحولة والوجهة التي ذهبت إليها، من باب المحاسبة الوطنية أكثر منها القضائية، لأن القانون لا يمنع تحويل الأموال، مؤكدا أن المصارف لم تعمد جميعها إلى التحويل، بل إن الكبرى منها لجأت إلى هذا الإجراء انطلاقا من مصالح سياسية.

وفيما انكفأ كثير من السياسيين عن التعليق على مجريات التحقيقات مع المصارف نظرا لارتباط إداراتها معهم أو مع المحسوبين عليهم، فقد سُجلت بعض المواقف الأُخرى المؤيدة، لا سيما تلك الصادرة عن "كتلة التنمية والتحرير" التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والتي علقت بلسان النائب قاسم هاشم، بالقول عبر حسابه الفيسبوكي، بأنه "لا يمكن لأصحاب المصارف التذرّع بالاقتصاد الحُرّ، لأن تهريب الأموال، بغض النظر عن تصنيفها، في لحظة الأزمة المالية النقدية، يصل إلى حد الخيانة الوطنية".
المساهمون