تواجه الحكومة المغربية صعوبات مالية لتأمين العلاج مجاناً للفقراء بعد 3 سنوات من إطلاق "نظام المساعدة الطبية" بهدف تمكين الأسر الفقيرة من الاستفادة من خدمات المستشفيات العمومية مجاناً.
وطالب مسؤولون حكوميون مغاربة بضرورة توفير الموارد المالية الضرورية لمراقبة الخدمات الطبيبة التي تقدم للمستفيدين من هذا النظام في مختلف أرجاء البلاد.
وفي هذا السياق، شدد إدريس الأزمي، الوزير المكلف بالميزانية، خلال الندوة الدولية الثالثة لتقييم حصيلة تعميم نظام المساعدة الطبية، أول من أمس الجمعة، بالرباط، على إلزامية توفير الموارد التي تخوّل تمويل تقديم الخدمات الصحية للفقراء.
كذلك دعا الأزمي إلى دراسة تقييمية لحصر مكامن القوة ونقاط الضعف في النظام، معترفا بأنه "رغم الجهود المبذولية من قبل الدولة، ما زالت هناك تحديات يفترض مواجهتها".
وتتمثل هذه التحديات، في تصور وزير الصحة المغربي، الحسين الوردي، في استمرار النظام و ضبط تمويله وتعميم نظام الفاتورة في المستشفيات العمومية التي يلجأ إليها المستفيدون من هذا النظام.
من جهتها، اعتبرت الوالي صفاء، الباحثة في السياسات العمومية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن نظام المساعدة الطبية، يمثل إصلاحاً مهماً في تاريخ التأمين والصحة بالمغرب، ما دام يهتم بالأشخاص الذين لا يتمتعون بأي تغطية صحية، والذين يصل عددهم في المغرب إلى 8.5 ملايين نسمة، من بينهم 4 ملايين فقير و4.5 ملايين يصنفون فئات هشة.
وجُرب النظام في 2008 في منطقة تادلة بني ملال بوسط المغرب، قبل أن يعمم على مجموع التراب الوطني في 2012 . ويستند إلى نظام تمويلي تساهم فيه الدولة بـ 75 في المائة والبلديات بـ 6 في المائة والمستفيدون بـ19 في المائة، حيث تحدد مساهمة كل مستفيد في 12 دولاراً في العام.
غير أن الخبيرة نفسها أشارت إلى أن البرنامج وجد صعوبات على مستوى التمويل، حيث إن البلديات تأخرت في البداية في الوفاء بحصتها في تمويل هذا النظام.
ونبهت الوالي صفاء إلى أن البنيات التحتية الاستشفائية لا تواكب الطلب الناجم عن تطبيق هذا النظام والموارد البشرية الطبية غير كافية حتى الساعة، محذرة من ضعف مراقبة تطبيق البرنامج.
وأفاد الوزير الأزمي بأن النظام استفاد عبر الموازنة العامة للبلاد من 263 مليون دولار، مشيراً إلى أنه أسهم، على مدى السبع سنوات الأخيرة، في إحداث 21 ألف وظيفة في القطاع الصحي من أجل المساهمة في تعميم النظام.
كما ذكر الأزمي برفع موازنة وزارة الصحة من 800 مليون دولار في 2008 إلى 1.28 مليار دولار خلال العام الجاري، بهدف دعم جهودها لتوفير العلاج للفقراء في مختلف المستشفيات التابعة للوزارة.
ولضمان تمويل هذا "نظام المساعدة الطبية"، أقدمت الحكومة المغربية على إحداث صندوق التماسك الاجتماعي الذي يسهر على تأمين نفقات علاج الفقراء. كما تشمل مجالات تدخل هذا الصندوق محاربة انقطاع الأطفال عن المدرسة ودعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن المنتظر أن يشرع الصندوق نفسه في وقت لاحق من العام الجاري في تقديم مساعدات نقدية مباشرة للأرامل في وضعية صعبة.
وبحسب بيانات رسمية، يستفيد حالياً من "نظام المساعدة الطبية" نحو 8 ملايين شخص، ما يعادل 99% من إجمالي الفئة المستهدفة، غير أن وزير الصحة، الحسين الوردي، أقر بأنه ما زال سابقاً لأوانه الحديث عن نجاح النظام في تقديم خدمات جيدة للمستفيدين، في حين أجمع خبراء على ضرورة إحداث مؤسسة خاصة للإشراف على هذا النظام وتمكينها من الموارد المالية والبشرية اللازمة لتأمين العلاج للفقراء.
اقرأ أيضاً: الحكومة المغربية أمام اختبار الفقراء