يواكيم ناجيل.. صقر ألمانيا في البنك المركزي الأوروبي

28 يوليو 2023
يواكيم ناجيل (Getty)
+ الخط -

تابع المحللون والأسواق تحريك البنك المركزي الأوروبي، أمس الخميس، لسعر الفائدة الرئيسي. وفاجأ البنك الجميع بسياسته المتشددة، فهو الذي عمد إلى دعم الاقتصاد على مدى العقد الماضي.
غير أن مراقبين يرون أن وراء السياسة الحالية ذلك النفوذ الذي أضحى يتمتع به الألمان في البنك المركزي الأوروبي عبر محافظ البنك المركزي الألماني، يواكيم ناجيل، الذي عينه الائتلاف الحكومي في ديسمبر/ كانون الأول 2021.

منذ توليه أمر البنك المركزي الألماني "Bundesbank" في يناير/ كانون الثاني 2022، بدا يواكيم ناجيل "Joachim Nagel"، وهو عضو بمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أيضا، أكثر تشددا من سلفه يانس ويدمان. فقد دأب عضو المركزي الأوروبي، على الدعوة إلى التصدي بحزم للتضخم.
عندما اختاره الائتلاف الحكومي الحالي على رأس البنك المركزي، اعتبر وزير المالية الألماني، كريستيان ليدنر، أن ناجيل سيضمن الاستمرارية في البنك المركزي الألماني، وكان ذلك قبل الحرب الروسية في أوكرانيا.

لم يكن غريبا عن البنك المركزي، فقد قضى به سبعة عشرة عاما، ستة منها بمجلس إدارته. لقد كان على رأس خلية أزمة، ومكلفا بأسواق الرساميل، قبل أن يلتحق في 2017 بالمصرف المملوك للدولة (KfW) الذي انتقل منه في 2020 إلى بنك التسويات الدولية.
درس ناجيل البالغ من العمر ستة وخمسين عاما الاقتصاد بمعهد كارلشرو، قبل أن يقضي بعض السنوات بالولايات المتحدة الأميركية، ويلتحق بعد ذلك بالبنك المركزي الألماني في 1999.

قدمته صحيفة "Handelsblatt" على أنه من دعاة الليبرالية المنظمة "ordoliberalism" المدافع عن اقتصاد السوق، هو الذي لم يتردد في انتقاد لجوء البنك المركزي الأوروبي إلى شراء السندات السيادية، ما دفع المراقبين إلى اعتبار أن وصوله إلى البنك المركزي الألماني سيساهم في الدفاع عن رؤية أول اقتصادية في الفضاء الأوروبي حول السياسة النقدية.

كان ناجيل الذي عمل في السابق مستشارا بالحزب الاشتراكي، معروفا بمواقفه المتشددة حول التضخم ومدافعا عن سياسة موازنية صارمة، حيث اعتبر اقتصاديون ألمان بعد تعيينه على رأس البنك المركزي، أنه مؤهل لترسيخ المواقف التقليدية للبنك المركزي الألماني داخل البنك المركزي الأوروبي.
في الفترة الأخيرة بدا أكثر دفاعا عن تشديد السياسة النقدية الأوروبية. فهو يؤكد على أنه من السابق لأوانه إعلان الانتصار على التضخم ويشدد على أنه إذا طال أمد التضخم سيكون من الصعب التخلص منه، ويرى أن معدلات الفائدة قد تبقى في مستويات مرتفعة لمدة طويلة.

غير أن مراقبين سعوا إلى فهم هذا التشدد في الفترة الأخيرة، حيث يعزو بعضهم ذلك إلى وصول ناجيل، الذي غير موازين القوى داخل البنك المركزي الأوروبي، كما يلاحظ ذلك الخبير الاقتصادي، نيكولا كويتزمان، في تصريحه ليومية لوموند الفرنسية.

يتشكل مجلس المحافظين، الذي يعود له القرار، من ستة وعشرين عضوا، أي أن محافظا يمثل كل بنك مركزي من البنوك المركزية التي تتكون منها منطقة اليورو بالإضافة إلى ستة أعضاء من الإدارة الجماعية.
قبل الحرب في أوكرانيا، استبعدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، رفع معدلات الفائدة، غير أن ناجيل طالب بالتوقف عن شراء الدين ورفع معدلات الفائدة، وهو يعكس تصور الألمان الذين يؤكدون على أنه لا مفر من رفع معدلات الفائدة، حتى وإن ترسخ الركود.
ويعتبر التوجه الذي يدافع عنه ناجيل كما لو كان نوعا من إعادة الأمور لنصابها، في البنك المركزي الأوروبي الذي أحدث قبل خمسة وعشرين عاما على شاكلة البنك المركزي الألماني الذي يستهدف، بشكل خاص، التضخم.
ويرى مراقبون أن الرؤية التي يدافع عنها ناجيل تريد القطع مع التوجه الذي فرضه رئيس البنك المركزي السابق، ماريو دراغي، الذي سعى إلى مواجهة الأزمة في منطقة اليورو عبر شراء السندات السيادية وخفض سعر الفائدة الذي وصل إلي 0.5 في المائة.
يؤكد بعض المراقبين على اعتبار أن البنك المركزي الأوروبي كان دائما حلبة للصراع بين الألمان الذين يدافعون عن نوع من التوجه الأورثوذكسي والإيطاليين الذين يميلون إلي دعم الاقتصاد، حسب كويتزمان، غير أن مراقبين آخرين يرون الظرفية حاكمة مادام التضخم مرتفعا.
في ظل النفوذ الذي أضحى يتمتع به الصقور داخل البنك الألماني بدعم كبير من بلدان من شمال أوروبا، يعول مراقبون على قدرة رئيسة البنك المركزي الأوروبي على خلق بعض التوافق حول القرارات التي تتخذ في مثل هذه الظروف.

المساهمون