وقف مسلسل العجز في الجزائر: انتعاشة تاريخية للصادرات النفطية

31 يوليو 2022
ارتفاع الإيرادات يقابله غلاء المواد الأساسية (Getty)
+ الخط -

تنتظر الجزائر انتعاشة تاريخية في صادرات سوناطراك النفطية، مستفيدة من ارتدادات الأزمة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا على الأسواق والبورصات العالمية، وفي مقدمتها أسواق الطاقة، التي تعد عصب الاقتصاد المحلي ومصدر العملة الأجنبية كونها تشكل جل صادرات البلاد، التي تعاني من عجز "مركب" من الموازنة العامة والخزينة العمومية والميزان التجاري.

وقفزت صادرات شركة النفط والغاز الجزائرية سوناطراك بشكل قياسي، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2022، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي 2021، فيما بلغ الإنتاج الأولي من النفط نحو 79.2 مليون طن مكافئ بنهاية مايو/أيار الماضي، بزيادة 2%، بحسب "سوناطراك".

وحسب أرقام الشركة ليوليو/ تموز الحالي، بلغت قيمة صادرات نفط الجزائر، حتى شهر مايو/أيار الماضي، 21.5 مليار دولار، مقابل 12.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت نحو 70%. كما ارتفعت صادرات "سوناطراك" من الغاز من خلال خطوط الأنابيب بنسبة 54%، بجانب ارتفاعها بنسبة 13% من خلال ناقلات الغاز المسال، حسب الشركة.

أما العام الماضي، فحققت صادرات نفط الجزائر نموًا بنسبة 75% مقارنة مع عام 2020، بقيمة 35.4 مليار دولار، وذلك بفضل الأسعار التي ارتفعت بنسبة 76%.

وبهذه الأرقام، يكون ارتفاع أسعار النفط على خلفية الحرب في أوكرانيا قد ساهم في إنعاش خزينة الجزائر، مع بلوغ سعر برميل النفط الجزائري أكثر من مئة دولار، ما يعني أن الخزينة الجزائرية ستستفيد من نحو 70 إلى 80 دولاراً إضافية عن كلّ برميل نفط إذا واصلت الأسعار في هذا المنحى، وهو السيناريو المرجح، حسب مراقبين وبنوك دولية.

ولم تعرف الجزائر طفرة في عائدات النفط منذ عام 2014، وهو تاريخ الخروج من البحبوحة المالية ودخول عهد التقشف وترشيد الإنفاق، ولم يندرج هذا الارتفاع في حسابات الحكومة الحالية التي بنت ميزانيتها على سعر برميل في حدود 50 دولاراً.

إلى ذلك، يتوقع الخبير في الطاقة ومدير معهد إيمرجي للأبحاث بباريس، مراد برور، أن "تكسب الخزينة العمومية ما بين 1.3 مليار وملياري دولار إضافية عن كل شهر، كفارق بين السعر المرجعي في إعداد الموازنة العامة والأسعار في الأسواق".

ويضيف لـ"العربي الجديد": "الآن لا ندري ما سيحدث مستقبلاً ولا مدة هذا الانتعاش في الأسعار، مؤقتاً هناك فائدة للجزائر التي تضررت كثيراً منذ 2014 بتراجع أسعار النفط".

وتابع الخبير الجزائري لـ"العربي الجديد" أنّ "صادرات البلاد من النفط ارتفعت من 20 مليار دولار سنة 2020 إلى 35.4 مليار دولار السنة الماضية، إلا أن هذا لم يكن كافياً لإحداث توازن مالي، كما حدث سنة 2008 عندما لامس سعر النفط 148 دولاراً، ما قفز بعائدات الجزائر النفطية إلى 80 مليار دولار، فيما تبقى قضية الإنتاج أيضاً مطروحة، فالجزائر لا تزال عاجزة تقنياً عن رفع الإنتاج على الأقل بـ30 بالمائة من الحجم الحالي، الذي لا يتعدى 1.4 مليون برميل يومياً في أحسن الأحوال".

وجاءت التطورات الميدانية بين روسيا وأوكرانيا، وما سبقها وصاحبها من تأثيرات على أسعار النفط، كمعجزة لم يحلم بها النظام الجزائري، الذي يبدي عجزا لا يخفى عن أحد في تسيير شؤون البلاد الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، حسب مراقبين، لكن في المقابل ستواجه الحكومة مخاطر العجز المالي لفوائض النفط الكبيرة.

لم تعرف الجزائر طفرة في عائدات النفط منذ عام 2014، وهو تاريخ الخروج من البحبوحة المالية ودخول عهد التقشف وترشيد الإنفاق


وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الطفرة في أسعار النفط لن تنعكس كثيراً بشكل إيجابي على الاقتصاد الجزائري، لا سيّما أن الارتفاع تقابله زيادة تضخم وغلاء المواد الأساسية، وارتفاع العجز في الموازنة العامة وعجز الخرينة العمومية".

وتابع نور الدين أن "العجز المركب الذي سجلته الجزائر في السنوات الأخيرة فاق 60 مليار دولار سنوياً، منها 30 مليار دولار عجزاً للخزينة العمومية و21 مليار دولار عجزاً في الموازنة والباقي عجز في ميزاني المدفوعات والتجاري، ما سيقلص احتمال تحسن احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي هوى إلى ما دون 40 مليار دولار.

وأضاف: "لذلك، الحديث عن انتعاش الاقتصاد بارتفاع أسعار النفط عالميا، يبقى كلاما سابقا لأوانه، لأن الدين الداخلي يتراكم منذ 2014 بطريقة رهيبة، ويحتاج سده إلى ضخ 120 مليار دولار على الأقل كدفعة أولى في الخزينة العمومية، وهذا مستبعد على المديين القريب والمتوسط".

المساهمون