وقفة احتجاجية في لبنان رفضاً لـ"الكابيتال كونترول": يبرّئ ذمة المصارف

30 اغسطس 2022
المحتجون اعتبروا القانون يشرع الاستيلاء على حقوق أصحاب الودائع (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

نظم مواطنون لبنانيون وقفة احتجاجية، اليوم الثلاثاء، أمام مدخل البرلمان اللبناني رفضاً لمشروع قانون "الكابيتال كونترول" بالشكل والمضمون المقترحَيْن، وذلك بالتزامن مع انعقاد جلسة اللجان النيابية المشتركة بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري.
وتعقد لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط جلسة مشتركة لمتابعة درس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9014 الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية في ظلّ رفض شعبي للصيغة المطروحة، وانقسام في البرلمان حولها، مع ارتفاع أصوات الرافضين لها والداعين إلى إسقاطها.

ويعتبر المحتجون من الناشطين وأصحاب الودائع أن الصيغة التي تُدرَس اليوم ويُراد تمريرها تشرّع الاستيلاء على حقوق أصحاب الودائع ولا سيما الصغيرة منها وتحمي أصحاب المصارف، مشددين على رفضهم المطلق لها.

في السياق، عقد اجتماع تشاوري طارئ بين كتلة النواب التغييريين ورابطة المودعين جرت خلاله "مناقشة مشروع قانون الكابيتال كونترول المشوّه، وما يتضمّنه من عفو عام عن المصارف والمصرفيين وتأبيد لحجز الودائع، والتباحث في خطة المواجهة خلال الأيام المقبلة". 

ألغام الكابيتال كونترول 

وأكدت الرابطة على رفضها المطلق للقانون المطروح الذي، وفق تعبيرها، يأتي خارج خطة متكاملة للتعافي، ويتضمّن ألغاما، منها ضرب استقلالية القضاء، منع المودعين من حق التقاضي المكفول بكافة مواثيق حقوق الإنسان، إعطاء عفو عام للمصارف، ضرب مبدأ فصل السلطات، حماية المصرفيين على حساب الدولة والناس والمودعين.
كما تشدد الرابطة على أن القانون لا يتناسب مع متطلبات حلحلة الأزمة وصندوق النقد الدولي.

وتوالت مواقف النواب اليوم قبيل الجلسة، إذا أشار النائب في كتلة "التنمية والتحرير" (برئاسة نبيه بري) قاسم هاشم، إلى أن أي محاولة لإقرار قانون الكابيتال كونترول من دون ضمانات واضحة لأموال المودعين بعيداً عن نصوص لا تسمن ولا تغني، إنما يعتبر إمعاناً في سرقة الودائع والتفافاً على كل محاولات حماية أموال الناس.
ولفت هاشم إلى أن أي " نقاش يجب التعاطي معه بحذر ووفق ما يخدم الناس وودائعهم وكي لا يكون قانون كهذا حماية للمصارف تحت ذرائع واهية، والدولة مسؤولة أولاً وأخيراً والوصول إلى صندوق استثماري، ضمانة أساسية، وغير ذلك هرطقة وحبر على ورق".

احتجاجات في لبنان (حسين بيضون / العربي الجديد)
المحتجون اعتبروا القانون بمثابة تأميم لأموال المودعين

من جهته، شدد النائب في كتلة "الجمهورية القوية" (تمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع برلمانياً) غسان حاصباني على أن القانون بشكله ومضمونه وتوقيته هو بمثابة تأميم لأموال المودعين، معبّراً عن رفضه له في غياب خطة تعافٍ متكاملة، تعالج تحديد الخسائر وتوزيعها وجدولة إعادة حقوق المودعين لدى المصارف.
بدوره، يشير النائب في كتلة التغييريين ميشال دويهي إلى أن مشروع "الكابيتال كونترول" المقدم من الحكومة يطلب حماية المصارف من دعاوى المودعين في الداخل والخارج، ويصنف الودائع بين قديمة وجديدة. القديمة منها وقيمتها نحو 100 مليار دولار مجهولة المصير. 

التضحية بأموال المودعين 

وقال إن "ثمة مخاوف من إقرار هذا القانون من دون إعادة هيكلة المصارف ورسملتها من جديد، ما يعني الاستمرار بصيغة البنوك الزومبي الحالية لفترة طويلة من الزمن، كما يأتي المشروع من دون أي رؤية لتوحيد أسعار الصرف".
ولفت دويهي إلى "أننا أمام إبراء ذمة للمصارف والمصرف المركزي والدولة على حساب المودعين، وأمام تشويه إضافي للمشهد النقدي والمصرفي، وسنتصدى لهذا القانون مع الناس وداخل جلسة اللجان المشتركة".

من جهة أخرى، كشف وزير الاقتصاد الأسبق رائد خوري في تصريح، اليوم، أنه منذ بدء الأزمة تم تبديد نحو 50 مليار دولار تعود للمودعين.

وقال: "المؤسف أن الطبقة السياسية نفسها التي بدّدت هذه الأموال من ضمن سياسات الدعم العشوائية تدعي اليوم حرصها على قدسية الودائع".
وأضاف خوري، وهو أيضاً من كبار المصرفيين، أن "بعض النواب الذين يدّعون الحرص على المحافظة على أموال المودعين وقدسيتها لم يقروا الكابيتال كونترول، كذلك أهملوا إقرار قانون يفرض على من اقترض بالدولار أن يسدد دينه بالفرش وليس تسديده بموجب شيك أو ليرة لبنانية ساهمت برفع نسبة خسارة المودع وقيمة هذه القروض نحو 50 مليار دولار".

وشدد على "ضرورة عدم الغاء (اللولار) حالياً كما يرد في مشروع قانون الكابيتال كونترول، لأنه رغم أن اللولار (تعبير لبناني عن العملة بعد أزمة الدولار) عملة ضعيفة فهو لا يزال سبيلاً لتسيير أمور المودعين"، معتبراً أن "إلغاءه راهناً سيجمّد الحركة الاقتصادية أكثر مما هي عليه الآن"، مطالباً "بمعالجته لاحقاً ضمن قانون خطة التعافي وتوزيع الخسائر".
 

المساهمون