وزير عراقي: نعتزم تدويل ملف الخلافات المائية مع إيران

26 ديسمبر 2021
وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني (العربي الجديد)
+ الخط -

أكد وزير الموارد المائية في العراق مهدي رشيد الحمداني، اعتزام بلاده تدويل ملف الخلافات المائية مع إيران، مشيراً في مقابلة مع "العربي الجديد" إلى إقدام طهران على قطع وحرف مسارات خمسة أنهار تصبّ في العراق، الأمر الذي أدى إلى تعطيش عدة محافظات عراقية.

وإلى نص المقابلة:

* يشهد نهرا دجلة والفرات نقصاً بالغاً في الموارد المائية، ما سبّب دخول العراق في موجة جفاف مع السحب من المخزون، ما يراه كثيرون مؤشراً خطيراً يستدعي تدخلات سريعة من الوزارة، فما تعليقكم؟

في البداية، لا بد من إيضاح أمر هام، كان يرد للعراق نحو 70 مليار متر مكعب من المياه في سبعينيات القرن الماضي، لكن الوضع اختلف حالياً.

ومع الأسف أقيمت سدود دون مشورة العراق، ولم يُثَر هذا الموضوع في الفترات الماضية، حتى إن لغة التهديد والوعيد التي مارستها حكومات سابقة في بغداد بعد عام 2003 لم تتوصل إلى نتيجة.

 إيران أقدمت على قطع وحرف مسارات خمسة أنهار تصبّ في العراق، الأمر الذي أدى إلى تعطيش محافظة ديالى (شرق) ومناطق هور الحويزة وشط العرب في البصرة (جنوب)

وهناك دول استغلت الفراغ والضعف السياسي في العراق وبدأت تنفذ مشاريعها، ولم تمارس السلطات العراقية دورها في إبلاغ الدول بخطورة مشاريعها على العراق، خصوصاً أنها تخالف القوانين والأعراف الدولية للبلدان المتشاطئة.

وبالنسبة إلى الخزين المائي واستخدامه، فهو أمر طبيعي، لأنّ السدود والبحيرات واجبها تخزين المياه في فترات الوفرة المائية لتعويض النقص في فترات الندرة، لذلك من غير المنطقي اعتبار استخدام الخزين المائي مؤشراً خطيراً، بل هو اعتيادي، وإلا فما فائدة الخزين في حالات الطوارئ!

* وماذا عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الحالية حيال التجاوزات التي تحدثتم عنها من قبل الدول المتشاطئة، وخصوصاً إيران؟

من المعروف أنّ في أوقات شح المياه، تتقاسم البلدان المتشاطئة وذات المياه المشتركة الضرر، لكنّ إيران تتجاوز هذا العرف، ولا تردّ على الطلبات العراقية بشأن عقد اجتماعات. ومنذ عام تقريباً، تؤجّل أي موعد للاجتماع مع العراق لحل أزمة المياه، لذلك نحن نتجه لتدويل التجاوزات الإيرانية على المياه العراقية.

وقد وجهنا كتاباً رسمياً إلى وزارة الخارجية العراقية لتأخذ دورها في مخاطبة الجهات الدولية، ومنها محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.

فقد أقدمت إيران على قطع وحرف مسارات خمسة أنهار تصبّ في العراق، الأمر الذي أدى إلى تعطيش محافظة ديالى (شرق) ومناطق هور الحويزة وشط العرب في البصرة (جنوب)، لأنها تعتمد على روافد الكارون وسيروان والزاب الأسفل وغيرها، وجميعها قطعتها إيران.

* وماذا عن تركيا التي سبّب سد "أليسو" فيها نقصاً كبيراً في المياه العراقية، وهناك من يرى أنّ الوفود العراقية التي زارت أنقرة مراراً لم تنجح في التفاوض؟

لم يفشل المفاوض العراقي، وقد نجحت المفاوضات الفنية بدرجة كبيرة، لكن هناك ملفات في المفاوضات مع تركيا خارجة عن القطاع الفني، ومنها المواضيع السياسية والاقتصادية، ومنها الأمنية أيضاً، مثل قضية حزب العمال الكردستاني في مناطق شمال العراق.

 وجهنا كتاباً رسمياً إلى وزارة الخارجية العراقية لتأخذ دورها في مخاطبة الجهات الدولية، ومنها محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان

وسد "أليسو" نُفِّذ من دون العودة إلى العراق، وكان هناك مشروع تركي آخر غير سد "أليسو"، وقد تحفظنا عنه بشكل بالغ. وهناك أمر مهم أيضاً لا بد من كشفه، وهو أنّ هناك ملفاً في مفاوضات عام 2017 مع أنقرة، تعرّض للإخفاء، وهو عبارة عن مذكرة تفاهم كانت ميتة منذ عام 2009 موقعة، تُلزم تركيا بإطلاق حصة عادلة ومنصفة من المياه للعراق، وقد أعدنا العمل بهذه المذكرة. وبطبيعة الحال، إنّ المفاوضات مع تركيا تجري على نحو جيد، لكنّ المشكلة في التفاوض مع إيران.

* وهل من إجراءات محلية للحد من مخاطر نقص المياه؟

بالفعل، هناك خطوات قمنا بها، ونجحنا في هذا الملف، وقد حظينا بدعم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ومجلس القضاء الأعلى. ويمكن القول إنّنا رفعنا نحو 60% من حجم التجاوزات المؤثرة التي نفذها متنفذون، والمشكلة في هذا الملف، أنّ هناك محافظين بينهم محافظ واسط الذي يشجع المزارعين على التجاوز على المياه وعدم التزام الخطة الزراعية، وقد رفعنا دعوى رسمية ضده. ويمكن الاعتراف بأنّ هناك موظفين فاسدين يتبعون وزارة الموارد المائية، وقد أحلنا الكثير منهم على التحقيق.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

* إلى أي مدى تأثرت الزراعة بالوضع المائي الحالي؟

لم تتأثر الزراعة، رغم شحّ الموارد المائية، إذ لدينا خزين مائي وافر، ونقوم بسلسلة من الإجراءات ضد من يتوسع في الزراعة من دون حسابات، حيث إنه يتحمل نتائج فعله. وقد تمكنا من الزراعة بشكل كامل، رغم وجود ثلاثة مواسم شحيحة.

* غير المحاسبة والعقاب، هل لديكم حلول لمنع التجاوزات المحلية على المياه؟

قبل عام 2003 كان هناك نظام معمول به، هو "أجور السقي"، فالمنشآت التي تعمل على توزيع المياه على المزارعين والبساتين تفرض أجوراً مالية رمزية على مستخدمي السقي، وكانت هذه الأموال تمثل وارداً مهماً لوزارة الموارد المائية، كذلك فإنها تعالج ملف التجاوزات. فالمزارع الذي يدفع أموالاً مقابل السقي، لن يسمح لأحد بالتجاوز على حصته، وبالتالي هذا القانون يعزز المسؤولية الاجتماعية لدى المزارعين. لكنّ هذا القانون تعطل، وقد سعت الوزارة لطرحه أكثر من مرة في مجلس النواب، لكن أحد الوزراء الذين تولوا وزارة الزراعة، بدلاً من أن يكون سنداً لنا، تحوّل إلى رافض لهذا القانون، لكننا نحاول العودة من جديد للعمل به.

* تعمل وزارة الموارد المائية حالياً على مشروع يعرف بـ"سد مكحول"، فماذا عنه؟

المشروع يتمثل بإنشاء سد على نهر الزاب الأعلى (في نينوى شمالي العراق) لتغذية نهر دجلة بطريقة جيدة وعدم هدر الموارد المائية وجعلها عرضة للتبخر، إذ لا تتوافر في المسافة بين سد الموصل وسد سامراء (نحو 500 كيلومتر) أي منشآت للسيطرة على المياه، لذلك لا بد من إنشاء هذا السد.

كذلك فإنّ سد مكحول سيدعم زيادة الطاقة التخزينية لمياه العراق، مع العلم أنه كان قد حظي بموافقة الحكومة في خمسينيات القرن الماضي، وكان يسمى سد الفتحة، ونحن نعمل حالياً على تأهيل جسر خدمي بالقرب من المشروع وربط الكهرباء وترميم مجمع سكني كان مهملاً، وهناك تخصيصات مالية في السنة المالية القادمة لهذا المشروع.

المساهمون