يبدأ وزير خارجية تونس نبيل عمار، غدا الثلاثاء، زيارة عمل إلى موسكو تستمر يومين، في إطار المساعي الأفريقية الهادفة لحلّ الخلاف الروسي الأوكراني، في إطار المبادرة الأفريقية للسلام، فضلا عن مؤازرة الجهود الأممية والدولية لإحياء اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وأعلنت وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، اليوم الاثنين، في بلاغ لها اليوم، أن الوزير نبيل عمار سيقوم غدا وبعد غد، بزيارة عمل إلى موسكو بدعوة من نظيره الروسي سيرغي لافروف، ترافقه الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب سلوى بن حديد.
وتونس، التي تزيد حاجياتها من الحبوب الموردة عن 80%، هي من بين البلدان المتضررة من الحرب الروسية- الأوكرانية وارتفاع أسعار القمح في السوق العالمية تزامنا مع أزمة جفاف حاد تمر بها البلاد.
وتحاول تونس عبر دبلوماسيتها البحث عن الحبوب في الأسواق العالمية بأسعار تفاضلية، بسبب الفاتورة القياسية لواردات القمح التي تكبدتها، ما تسبب بتواتر أزمات تزويد الأسواق بالخبز، وهو المادة الحيوية في موائد المواطنين.
وتأتي زيارة وزير الخارجية إلى روسيا بعد أشهر قليلة من محادثات ثنائية جمعته برئيس الجمهورية الاتحادية بـ"تتارستان" رستم مينيخانوف، طلب خلالها دعم مسعى بلاده للحصول على أسعار تفضيلية للحبوب، على هامش المنتدى الاقتصادي والإنساني المجتمع في موسكو في يوليو/تموز الماضي.
وتعوّل تونس أساسا على القمح المُورَّد لتوفير الغذاء لمواطنيها الذين يصل استهلاكهم السنوي من الحبوب إلى ما بين 2.5 و3 ملايين طن، أو ما يعادل 136 كيلوغراما من الدقيق والحبوب في العام الواحد لكل مستهلك.
وتواجه تونس نقصا في إمدادات الحبوب بسبب حرب أوكرانيا، إلى جانب تراجع الإنتاج الوطني بأكثر من 80% هذا العام تحت وطأة الجفاف.
وتسبب هذا النقص في ندرة مواد الدقيق والسميد في الأسواق واضطراب إنتاج الخبز الذي يستهلك على نطاق واسع، حيث تشهد المخابز طوابير يومية منذ أشهر.
وتصنع الأفران التونسية يوميا 6.7 ملايين رغيف، منها 3.9 ملايين رغيف كبير و2.7 مليون رغيف من الصنف الأقل حجما، أو ما يصطلح عليه محليا بـ"الباقات"، مصنوعة من 6.5 ملايين قنطار من الدقيق، وفق بيانات رسمية.
وتستورد تونس نحو 90% من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يضع كل 4 أرغفة خبز موردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي، بينما تواجه البلاد فاتورة قياسية لواردات القمح نتيجة الجفاف الذي أضر بنحو 80% من محصول الحبوب.
وارتفعت واردات تونس من الحبوب حتى آخر يوليو 2023، بنسبة 4.4% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022، وخصصت الحكومة 1.4 مليار دينار لشراء القمح فقط من نحو 2.4 مليار دينار صُرفت لشراء الحبوب.
وشكل القمحان، وهما القمح اللين المستخدم لصناعة الخبز والقمح الصلب، وفق بيانات أعدها المرصد الوطني للفلاحة، قرابة 57.5% من واردات تونس من الحبوب.
وكلفت الواردات الغذائية تونس قرابة 4.5 مليارات دينار، أي ما يعادل 1.5 مليار دولار، تشكل قرابة 9.8% من إجمالي واردات البلاد، علما أن قيمة واردات الحبوب سجلت تراجعا بنسبة 14.9% مع نهاية يوليو الماضي على أساس سنوي. (الدولار= 3.1492 دنانير).
وديوان الحبوب في تونس هو المؤسسة الحكومية المشرفة حصريا على توريد الحبوب بمختلف أصنافها، وتوزيع الحصص على المطاحن من أجل صناعة الخبز والمعجنات، كما يتولى الديوان قبول وتجميع محاصيل الحبوب المحلية.
ويعاني ديوان الحبوب من ارتفاع ديونه لدى البنوك التونسية، حيث بلغت وفق أحدث الأرقام الرسمية ما يزيد عن 4.8 مليارات دينار.
ولمواصلة القيام بمهامه، لجأ الديوان إلى الاستدانة من البنوك محلية والمؤسسات المالية العالمية، حيث بلغت ديونه لدى البنك الوطني الفلاحي (حكومي) 4.8 مليارات دينار العام الماضي، وهو ما يمثّل حوالي 27% من إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنك.
وتسببت الوضعية المالية الصعبة لديوان الحبوب في تأخر سداد فواتير شحنات الحبوب، التي أصبحت تتأخر نتيجة إصرار المزودين على الحصول على أموالهم مسبقا، خوفا من انزلاق تونس في دائرة التخلف عن سداد ديونها.