وصل وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، رستم قاسمي، مساء الثلاثاء، إلى العاصمة السورية دمشق، ليبدأ من اليوم الأربعاء، لقاءاته الهادفة إلى "توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية" بين إيران وسورية، حسب التلفزيون الإيراني.
ويترأس قاسمي الذي كان يشغل منصب نائب الشؤون الاقتصادية بـ"فيلق القدس" الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، قبل توليه الوزارة، وفدا اقتصاديا وسياسيا رفيع المستوى.
ومن المقرر أن يلتقي خلال الزيارة التي ستستمر لثلاثة أيام، رئيس النظام السوري، بشار الأسد ووزير الاقتصاد سامر الخليل ورئيس الوزراء حسين عرنوس، ووزير الخارجية فيصل مقداد ورئيس البنك المركزي عصام هزيم ووزيري النقل والسكن.
وفي تصريحات من سورية، نقلتها قناة "الخبر" الإيرانية، قال وزير الطرق الإيراني إن "انتهاء الحرب في سورية يشكل بداية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين"، مشيراً إلى أنه سيبحث "إعادة الإعمار في المجالات البنوية مثل الصناعات والإعمار مع المسؤولين السوريين".
وشهدت الشهور الأخيرة وخاصة بعد مجيء الحكومة الإيرانية الجديدة منذ أغسطس/آب الماضي، زخما في زيارات متبادلة بين طهران ودمشق، دافعها- إيرانيا- هو سد الطريق أمام المحاولات لإبعاد النظام السوري عن إيران.
غير أن هذه الزيارات تتخذ في كثير الأحيان طابعا اقتصاديا وهو يتماشى مع استراتيجية إيرانية بتعزيز التجارة مع سورية، على وقع انتقادات داخلية واسعة من أن حصة إيران من الاقتصاد السوري لا تتجاوز 3 في المائة من التجارة الخارجية السورية المقدرة بنحو 64 مليار دولار، وذلك في وقت تعتبر طهران الحليف الرئيسي للنظام السوري وكان لها دور كبير في إبقاء هذا النظام.
ويشير الخبراء الإيرانيون إلى أن تركيا التي وقفت ضد هذا النظام خلال السنوات العشر الأخيرة، تصل حصتها من التجارة السورية الخارجية إلى نحو 30 في المائة.
وتسعى إيران اليوم إلى زيادة مطردة في تجارتها مع سورية من خلال المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، وترى أن العقوبات المفروضة على النظام السوري تشكل فرصة للشركات الإيرانية للمشاركة في هذا الإعمار، لكون هذه العقوبات من شأنها أن تبعد المنافسين من هذا السوق.
مشروع شلمجة- البصرة- اللاذقية
وثمة مشاريع اقتصادية ذات أبعاد جيواستراتيجية سياسية تبتغي إيران تنفيذها من خلال تكثيف الزيارات لسورية. ويتصدر هذه المشاريع، مشروع السكة الحديدية الذي يربط إيران بميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط من خلال العراق وسورية.
ويحتل هذا الموضوع أولوية لزيارة وزير الطرق الإيراني، رستم قاسمي إلى دمشق، العائد قبل أيام من زيارة مماثلة للعراق توصل فيها إلى اتفاقية لتنفيذ خط السكك الحديدية شلمجة ـ بصرة، الذي يربط إيران بالعراق وذلك على طريق المشروع السككي العملاق لربط البلد بالبحر الأبيض المتوسط.
وفي تصريحاته بعد عودته من العراق، نقلتها صحيفة "إيران" الرسمية، قال قاسمي إن اتفاقية تنفيذ إنشاء الخط الحديدي مع العراق ستدخل حيز التنفيذ خلال شهر، مشيرا إلى أن شركة السكك الحديدية الإيرانية مع نظيرتها العراقية ستنفذان المشروع على أن تؤسس الشركتان شركة مشتركة لتنفيذ المشروع في أقرب وقت ممكني.
وتولي إيران أهمية جيوسياسية كبيرة لمشروع سكة حديد "شلمجة ـ البصرة" المطروح والعالق منذ 20 عاما، معتبرة أنها مشروع استراتيجي يربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط، مرورا بالأراضي العراقية ووصولا إلى ميناء اللاذقية السوري الواقع على شواطئ البحر.
لكن أهداف المشروع تتجاوز الوصول إلى هذا البحر فقط، فكما قال الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني خلال زيارته للعراق في مارس/آذار 2019، فإن ربط سكة حديد شلمجة الإيرانية بمدينة البصرة، سيربط العراق بباكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى وروسيا والصين.
وفي السياق، قال مساعد مدير شركة سكك الحديد الإيرانية مازيار يزداني في وقت سابق، إنه "بقي إنجاز 32 كيلومترا من مشروع الخط الحديدي الذي يربط إيران بالعراق عبر إنشاء جسر متحرك بطول 800 متر فوق نهر أروند رود" (شط العرب)".
إلى ذلك، تريد إيران ربط الخط الحديدي شلمجة ـ البصرة بالخليج عبر شبكة خطوط داخلية، فكشف المدير العام لشركة السكك الحديدية الإيرانية سعيد رسولي بعد اجتماع ثلاثي مع مسؤولي خطوط السكك الحديدية للعراق وسورية في العاصمة طهران، عام 2019 أن إيران بدأت تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ربط ميناء "الإمام الخميني" في الخليج بمدينة "خرمشهر" جنوب غربي البلاد من خلال خطوط حديدية، على أساس أن يتم اتصاله بخطوط "الشلامجة (الإيرانية) ـ البصرة".
وأضاف رسولي أنه بعد اكتمال المشروع سيربط الجانب الإيراني من الخليج بميناء اللاذقية السوري عبر خطوط حديدية في البصرة العراقية، واصفا بأنه مشروع استراتيجي و"الأهم من بقية خطوط النقل البرية".
وأوضح أن "هناك إرادة جادة لدى الدول الثلاث لتعزيز التعاون في المجال النقلي والربط بينها من خلال شبكة السكك الحديدية"، مؤكدا أن ذلك "مطلب السلطات العليا في البلدان الثلاثة".