يتعرض المسافرون لأداء الحج خلال الموسم المقبل لأزمة عدم قدرة الشركات المنظمة للرحلات على استكمال إجراءات السفر، بسبب شح الدولار في البنوك المصرية.
أكدت قيادات بغرفة شركات السياحة أن الحكومة تدفع الشركات إلى "ورطة" في مواجهة الحجاج الذين التزموا بضوابط السفر عبر قرعة علنية نظمتها اللجنة العليا للحج بوزارة السياحة، ودفع تكاليف حجز الرحلات والإقامة بالجنيه، في وقت ترفض البنوك مساعدتهم في تدبير العملة الصعبة لدفع مستحقات الشركات والسلطات السعودية المنظمة للحج.
عبّر عضو غرفة السياحة، ماجد شوشة، عن مخاوفه من امتناع الشركات عن استكمال الرحلات، رغم بدء التجهيز لها مبكرا قبل الحج بستة أشهر في ظاهرة تحدث لأول مرة. قال "شوشة" لـ"العربي الجديد" إن الحكومة ترفض تدبير العملة لرحلات الحج، وسط تجاهل مسؤولي البنوك طلبات الشركات، في وقت تشهد الأسواق ارتفاعا حادا بسعر الدولار والريال والعملات الصعبة، وتراجعا هائلا بقيمة الجنيه في السوق الموازية وعلى الأراضي السعودية، بما يحول دون قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها، في رحلات الحج والعمرة.
وجهت غرفة شركات السياحة طلبا لرئاسة الوزراء، تدعوها إلى سرعة التدخل، بتدبير العملة بسعر أعلى من الموجودة داخل البنوك، محذرة من عدم قدرة الشركات على اللجوء إلى شراء العملة من السوق السوداء خشية الخروج على القانون، وتحملها المزيد من الخسائر.
اعتبر شوشة تجاهل الحكومة ردا على عدم قدرة الشركات على تسويق 28 ألف تأشيرة عرضت الحكومة بيعها للمواطنين مقابل 5000 دولار، مؤكدا أن تراجع قيمة الجنيه ومستوى المعيشة وراء عدم قدرة الراغبين في تكرار الحج على حجز التأشيرات بالدولار، بينما يحرض المصريون على أداء الحج لمرة واحدة باعتباره فرضاً لا يجب أن يتخلوا عنه مهما ساءت أحوالهم المعيشية.
دفع التجاهل الحكومي لطلبات أعضاء غرفة السياحة إلى حالة من الغضب بين مسؤولي غرفة السياحة والشركات، الذين أبدوا دهشتهم من تمييز قيادات الدولة والبنوك بين الحجاج المسافرين عن طريق وزارة الداخلية والتضامن والحاجزين عبر شركات الساحة، بتوفير العملة الصعبة لبعضهم دون الآخرين، رغم تساوي المركز القانوني لكل المسافرين في عدم أسبقية أحدهم لأداء فريضة الحج.
تعهدت الحكومة بتوفير العملة الصعبة للحجاج المسافرين عن طريق وزارة الداخلية والجمعيات الأهلية التي تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي، خلال الموسم الجاري.
اكتفت وزارة السياحة بتشكيل لجنة فنية تضم أعضاء اللجنة العليا للحج ومسؤولي غرفة شركات السياحة، للتوصل إلى حلول فنية بإنهاء الأزمة المتفاقمة، بينما ترفض إدارات البنوك حضور اجتماعات اللجنة لبحث مشكلة تدبير العملة.
عرضت الشركات شراء الدولار أو الريال بأسعار مقبولة من البنوك، تزيد عن الأسعار المحددة رسميا، عند مستوى أقل من 31 جنيها للدولار و8.25 جنيهات للريال السعودي.
تواجه الشركات صعودا مستمرا في سعر الريال بالأسواق، الذي تجاوز 16 جنيها محليا، و17 جنيها بمكة والمدينة، مع رفض شركات الصرافة السعودية قبول التحويلات، ووسط مخاوف من هبوط حاد بقيمة الجنيه خلال المرحلة المقبلة، غير محددة القيمة ولا المدد الزمنية لوقف التراجع بقيمة العملة.
مع تراجع أعداد المسافرين لرحلات العمرة، تتخطى شركات السياحة مشكلة تدبير العملة لحاجزي الرحلات، عبر التوصل إلى اتفاقات طويلة الأجل مع منظمي الرحلات السعوديين، تضمن قيامهم بحجز الفنادق ووسائل الانتقال للمعتمرين بالريال، مع دفع القيمة بالجنيه أو ما يعادله بأي عملة متوافرة على فترات زمنية ممتدة طوال العام.
تسببت إجراءات تنظيمية أصدرتها السلطات السعودية مطلع العام الهجري الحالي، بتقديم مواعيد حجز رحلات الحج مع بداية شهر المحرم سنويا، في ضغوط شديدة على منظمي الرحلات الملزمين باتباع التعليمات السعودية، والحجز المبكر بالريال للفنادق وشركات النقل والطيران ووسائل المعيشة بمنطقة المشاعر في منى وعرفات، والخضوع لإجراء قرعة بين الحاجزين الذين لم يحصلوا على فرصة مسبقة للحج.
تزيد التقارير السلبية التي تصدرها مؤسسات التمويل والتصنيف عن الأداء الاقتصادي بالدولة، بالتوازي مع تراجع إيرادات الدولة من العملة الصعبة، وتزايد الديون وفوائد وخدمات الدين العام الذي يفوق 165 مليار دولار، وشح العملة، آلام الضغوط على العملة المحلية. أدت الضغوط إلى فقد الجنيه أكثر من 20٪ من قيمته خلال الأسبوعين الماضيين، حيث ارتفع الدولار من مستوى 50 جنيها إلى أكثر من 60 جنيها في السوق الموازية.
فشلت الحكومة في دفع الشركات لبيع 28 ألف تأشيرة حصلت عليها مجانا من السلطات السعودية، بسعر 5 آلاف دولار للتأشيرة، بالإضافة إلى تحميل المسافرين تكلفة برامج السفر والإقامة والانتقالات. وبعد حملة تسويق بالشركات استغرقت شهرا، لم يقبل على شراء التأشيرات مقابل الدولار، سوى 500 حالة فقط. يؤكد أعضاء غرفة السياحة أن عدم الإقبال على الشراء، يرجع إلى مبالغة الحكومة في قيمة التأشيرة، ووجود بدائل أمام المواطنين القادرين على دفع مبلغ 5000 دولار للسفر إلى الحج عن طريق جهات سعودية دون تحمل تلك التكلفة، وتراجع القوة الشرائية لدى الشريحة الوسطى من المجتمع، التي اعتادت السفر دوريا للحج خارج نطاق القرعة.
اعتاد المسافرون للعمرة والحج تدبير احتياجاتهم من العملة الصعبة على الأراضي السعودية عبر التحويل النقدي الحر من شركات الصرافة والسحب من بطاقات الائتمان والسحب المباشر التي يحملونها أو مملوكة لآخرين. أوقف البنك المركزي التعامل بالعملة الصعبة على بطاقات السحب المباشر، كما خفضت البنوك الكبرى الحكومية والخاصة، حدود استخدام بطاقات الائتمان بالعملات الأجنبية، منذ مطلع الأسبوع الجاري، قبيل موسم رحلات العمرة الذي يشهد إقبالا كثيفا خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان، ليصبح السحب النقدي الشهري بالعملات الأجنبية في حدود تبدأ من 3 آلاف إلى 7 آلاف جنيه.
تزيد التقارير السلبية التي تصدرها مؤسسات التمويل والتصنيف عن الأداء الاقتصادي بالدولة، بالتوازي مع تراجع إيرادات الدولة من العملة الصعبة
وافق وزير السياحة والآثار، أحمد عيسى، على إمكانية تعديل قيمة تكاليف رحلات الحج، وفقا لأسعار سعر الصرف والزيادة التي تحددها السلطات السعودية، بعد العودة إلى اللجنة العليا للعمرة والحج بالوزارة، عقب فتح قبول طلبات السفر من الشركات، نوفمبر الماضي.
ألزمت الوزارة الشركات بسعر الصرف للريال السعودي عند 8.17 جنيهات، مع دفع 6000 ريال لخدمة الطوافة بفنادق فئة 5 نجوم و2888 ريالا للمستوى الاقتصادي.
وقبلت وزارتا الداخلية والتضامن طلبات الحج في حدود 148 ألفا و500 جنيه، لرسوم الحج مع إضافة 27 ألف جنيه ثمن تذكرة الطيران، تسدد عبر البنوك الحكومية ومكاتب البريد المصري بالمحافظات.