واشنطن تعتبر حرب أوكرانيا أكبر تحديات الاقتصاد العالمي.. ومؤشرات التضخم والبطالة الأميركية نحو الأسوأ

14 يوليو 2022
جانيت يلين متحدثة قبل اجتماع "العشرين" في إندونيسيا (فرانس برس)
+ الخط -

فيما كانت واشنطن تصدر مزيداً من المؤشرات السلبية للاقتصاد الأميركي على مستوى التضخم والبطالة، كانت وزيرة الخزانة جانيت يلين تحذر، من جزيرة بالي الإندونيسية، قبل اجتماع وزاري لمجموعة العشرين، اليوم الخميس، من أن حرب أوكرانيا تشكل "التحدي الأكبر" للاقتصاد العالمي.

وارتفع معدل التضخم على مستوى الجملة بنسبة 11.3% في يونيو/حزيران مقارنة بالعام السابق، وهو أحدث تذكير مؤلم بأن التضخم يتزايد بسرعة في الاقتصاد الأميركي، وفقا لوكالة "أسوشييتد برس"، التي نقلت عن وزارة العمل قولها، الخميس، إن مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة - الذي يقيس التضخم قبل أن يصيب المستهلكين - ارتفع بأسرع وتيرة منذ أن سجل 11.6% في مارس/آذار.

وجاء تقرير الخميس عن أسعار الجملة بعد يوم من إعلان وزارة العمل أن ارتفاع أسعار الغاز والأغذية والإيجارات دفع التضخم الاستهلاكي إلى ذروة جديدة على مدى 4 عقود في يونيو/حزيران، ما زاد من الضغط على الأسر، ويرجح رفع البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار كبير. وارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 9.1% مقارنة بالعام السابق، وهي أكبر زيادة سنوية منذ عام 1981.

تزامنا، أعلنت الوزارة ارتفاع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة الأسبوع الماضي، للأسبوع الثاني على التوالي، ما يشير إلى بعض التباطؤ في سوق العمل وسط تحركات لتشديد السياسة النقدية وتأزم الأوضاع المالية، وفقا لرويترز.

وقالت الوزارة إن الطلبات المقدمة لأول مرة للحصول على الإعانات الحكومية قفزت تسعة آلاف إلى 244 ألفا في الأسبوع المنتهي يوم 9 يوليو/تموز. ووردت تقارير عن تسريح عمالة في قطاعي الإسكان والتصنيع، وهما من القطاعات سريعة التأثر بتحركات سعر الفائدة. وعلى الرغم من فقدان بعض الزخم، لا يزال الطلب على العمالة قويا إلى حد ما.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وكانت هناك 11.3 مليون فرصة عمل في نهاية مايو/أيار، مع وجود ما يقرب من فرصتي عمل لكل شخص عاطل عن العمل. ومن المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى في نهاية هذا الشهر، وهي خطوة يعززها تضخم أسعار المستهلكين السنوي.

هذا وقالت يلين، خلال مؤتمر صحافي في جزيرة بالي الإندونيسية، إن "التحدي الأكبر لنا يأتي من الحرب التي بدأتها روسيا" في أوكرانيا. وأضافت: "نشهد تداعيات هذه الحرب في جميع أنحاء العالم، وخصوصا في أسعار الطاقة وتزايد انعدام الأمن الغذائي"، حسب ما نقلت عنها "فرانس برس". وتابعت يلين: "يجب أن تكون لدى المجتمع الدولي رؤية واضحة لكيفية محاسبة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين على العواقب الاقتصادية والإنسانية العالمية لهذه الحرب".

وتزور وزيرة الخزانة في إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن بالي في إندونيسيا للمشاركة في اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة العشرين في 15 و16 يوليو/تموز. وقد أكدت أنها تريد الاستمرار في الضغط على نظرائها في مجموعة العشرين من أجل تحديد سقف لأسعار النفط الروسي، بهدف حرمان موسكو من التمويل اللازم لمواصلة الحرب في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه الحد من التضخم.

وقالت إن "تحديد السعر هو إحدى أقوى أدواتنا" لأنه "سيحرم بوتين من الإيرادات التي تحتاجها آلة الحرب". وتابعت المسؤولة الأميركية أنها تأمل أن تنضم الهند والصين إلى المبادرة، لأنها "تخدم مصالحهما الخاصة" عبر خفض أسعار المحروقات للمستهلكين في جميع أنحاء العالم.

مرحلة جديدة من تسريح العمال في الشركات الأميركية

هذا وبهدف تحمل تحديات الركود الاقتصادي المحتمل في ظل رفع البنوك المركزية معدلات الفائدة للحد من ارتفاعات الأسعار، تقوم شركات التكنولوجيا بخفض عمليات التوظيف، إضافة إلى إعلان بعضها عن تسريحات في القوة العاملة في الأشهر الأخيرة، حيث من المقرر أن تغلق شركة "تسلا" مكتب سان ماتيو في كاليفورنيا، ما قد يؤدي إلى تسريح 229 موظفا.

وثمة قرارات مماثلة أعلنتها "مايكروسوفت"، التي قالت إنها ستخفض عددًا من عامليها وقد يصل حتى اللحظة إلى 1% من إجمالي موظفي الشركي، البالغ عددهم 181 ألف شخص، اعتبارًا من يونيو/حزيران 2021، علما أن الشركة كانت أعلنت عن تسريحات مماثلة في عام 2017 بعد أن قامت بتعديل سياساتها في المبيعات.

وخفضت "ميتا بلاتفورمز" أيضا عدد الموظفين المستهدف في إدارة هندسة البرمجيات هذا العام من 10 آلاف إلى حوالي 6 آلاف. كذلك، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "ريفيان" أنها ستطلع الموظفين في نهاية هذا الأسبوع عن التسريحات المحتملة والخطط المتعلقة بإعادة الهيكلة، حيث أشار الرئيس التنفيذي إلى أن الشركة ليست محصنة ضد الظروف الاقتصادية الحالية.

مجموعة العشرين تسعى لخفض ديون الدول الفقيرة

ولفتت جانيت يلين إلى أن الهدف الآخر لاجتماع مجموعة العشرين يتمثل في تشجيع الدول الدائنة الرئيسية، بما في ذلك الصين، على إبرام اتفاق لخفض ديون الدول الفقيرة، مشيرة خصوصاً إلى اقتصاد سريلانكا المفلس. وقالت: "من الواضح أنّ سريلانكا غير قادرة على سداد ديونها، وآمل أن تكون الصين جاهزة للتعاون معها لإعادة هيكلة الديون".

وشدّدت المسؤولة الأميركية على أنّ "ممثّلي نظام بوتين يجب ألا يكون لهم مكان في هذا المنتدى". لكنها رفضت أن توضح ما إذا كانت الدول الغربية ستوافق على مقاطعة المسؤولين الروس والانسحاب من الاجتماع، كما حصل في اجتماع سابق للمسؤولين الماليين لمجموعة العشرين في إبريل/نيسان.

آفاق غامضة تحيط بالاقتصاد العالمي

إلى ذلك، ذكر المنظمون الإندونيسيون أنّ وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف سيحضر الاجتماع افتراضيا هذه المرة، وسيكون لديه ممثل في مكان الاجتماع.

وتأتي تصريحات جانيت يلين غداة تحذير للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا بشأن توقعات اقتصادية عالمية "قاتمة". وقالت غورغييفا إن المؤسسة المالية ستخفض مرة أخرى هذا الشهر توقعاتها للنمو لعامي 2022 و2023، بعد خفضها في إبريل/نيسان. وفي مذكرة، حذر صندوق النقد الدولي من أن الارتفاع الأكبر مما كان متوقعا في التضخم يمكن أن "يشعل توترات اجتماعية".

مع ذلك، أحرزت روسيا وأوكرانيا تقدما، الأربعاء، في المفاوضات بشأن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، وأعلنت تركيا عن مزيد من المحادثات حول هذا الموضوع الأسبوع المقبل.

وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي قال إنه يأمل في التوصل إلى "اتفاق رسمي" قريبًا، عن "بارقة أمل" لأولئك الذين يعانون من الجوع.

وعلى هامش الاجتماع، وقّعت 11 دولة آسيوية، من بينها إندونيسيا والهند وهونغ كونغ وسنغافورة، على "إعلان بالي" برعاية منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، للالتزام بتعزيز الشفافية الضريبية بين اقتصاداتها.

ورحّب الأمين العام للمنظمة ماتياس كورمان بـ"الالتزام السياسي الواضح" للموقّعين، مشيراً إلى أن دول المنطقة تخسر في الواقع حوالى 25 مليار دولار من عائدات الضرائب سنوياً بسبب الأصول الخارجية.

المساهمون