هل يواصل البنك الفيدرالي رفع الفائدة رغم أزمة المصارف؟

22 مارس 2023
هل يغمض باول عينيه عما يحدث في البنوك الأميركية ويستمر في رفع الفائدة؟ (Getty)
+ الخط -

يكمل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، اليوم الأربعاء، اجتماعاته التي بدأت أمس، وما زالت الرؤية ضبابية في ما يتعلق بالقرار المنتظر صدوره خلال ثلاث ساعات، في وقتٍ يحاول فيه البنك دق المسمار الأخير في نعش "غول" التضخم الأعلى في البلاد منذ أكثر من أربعين عاماً، بينما يعاني القطاع المصرفي أزمة واضحة، يخشى البعض أن تتسع، لو تم تجاهلها.

ولأول مرة منذ سنوات بعيدة، ينقسم الاقتصاديون في توقعاتهم لقرار البنك المركزي الأكبر في العالم، حيث يتطلب خفض التضخم المضي قدماً في رفع الفائدة، بينما تصرخ البنوك، سراً حتى لا تقلق المودعين، منادية بتوفير السيولة الرخيصة، والتوقف عن الرفع، ولو لبعض الوقت.

وبعد تقلبات عنيفة، في الآراء والأسعار، يبدو أنّ الأغلبية تتوقع رفع الفائدة اليوم بخمس وعشرين نقطة أساس، أي ربع النقطة المئوية، إلا أنّ ما سيحدث في المؤتمر الصحافي بعد إعلان القرار سيكون له التأثير الأكبر على الأسواق والمعنويات، في ما يهم كافة الطوائف، من أول المستثمرين الصغار، وحتى حيتان صناديق التحوط وبنوك الاستثمار.

قرار الفائدة

وفي حالة رفع الفائدة بربع النقطة المئوية، سيتم الوصول إلى نطاق 4.75% - 5%، على الأموال الفيدرالية، لأول مرة منذ عام 2007، الذي شهد إرهاصات الأزمة المالية العالمية.

وتشير العقود المستقبلية والآجلة، حتى منتصف نهار الأربعاء، إلى توقع الأسواق رفع ربع نقطة مئوية، بنسبة تتجاوز 90%.

ومطلع الشهر الجاري، كانت الأسواق قد قبلت واستوعبت رفع الفائدة بنصف نقطة مئوية، حتى جاء إغلاق بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر ليفتح الباب أمام التثبيت، للمرة الأولى منذ عام 2021، أملاً في السيطرة على اضطرابات السيولة لدى المؤسسات المالية، داخل وخارج الولايات المتحدة.

ولا يحصر البنك الفيدرالي مسؤولياته داخل الأراضي الأميركية، حيث يعمل دائماً من خلال دوره الذي أوكله لنفسه، بأن يكون البنك المركزي للبنوك المركزية حول العالم. 

وشهدت تطورات السنوات الأخيرة العديد من القرارات التي تدعم هذا الدور، وكان آخرها الإعلان عن مده لخطوط السيولة، من خلال عمليات مبادلة عملات، مع البنوك المركزية الأوروبية، لضمان توفر السيولة الدولارية لديها، بعد فاجعة بنك كريدي سويس.

المؤتمر الصحافي

بعد إعلان القرار بنصف ساعة تقريباً، يبدأ رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، مبارزته مع الصحافيين، الذين يسعون بكل طاقتهم للعثور على أي كلمة أو إشارة، يمكن من خلالها إلقاء نقطة ضوء على المسار المستقبلي لقرار البنك الفيدرالي المقبل، في أول أسابيع شهر مايو/ أيار.

وستكون إحدى الجمل الرئيسية، في البيان الذي سيقرأه باول، "تتوقع اللجنة (الفيدرالية للسوق المفتوحة FOMC) أن الزيادات المستمرة في النطاق المستهدف ستكون مناسبة، من أجل الوصول إلى موقف من السياسة النقدية يكون مقيدًا بدرجة كافية لإعادة التضخم إلى 2% بمرور الوقت".

وظهرت الاختلافات في هذه الجملة، في بيانات الاجتماعات السابقة، منذ بدء دورة رفع أسعار الفائدة الحالية في مارس/ آذار 2022، وإن كانت هناك توقعات بأن تتغير هذه المرة، بعض الشيء، لتشير إلى نظرة أقل تأكيداً لمزيد من الرفع في المرات القادمة.

علاوة على ذلك، سيتم النظر إلى باول لتقديم تأكيدات بأن البنك الفيدرالي ليس في مسار محدد مسبقًا للمشي لمسافات طويلة، وأنه على دراية جيدة بالضغوط التي تضعها الأزمة المصرفية الحالية على السياسة النقدية في البلاد.

وسيكون الصحافيون مستعدين لعد المرات التي سيذكر فيها باول كلمات مثل "عدم اليقين"، و"النظام المالي آمن"، و"السيطرة على التضخم"، وأخيراً "حماية ودائع العملاء".

مخطط النقاط

ويقوم أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بملء توقعاتهم الفردية لأسعار الفائدة، كل ثلاثة أشهر، على "مخطط النقاط". وقبل الأزمة المصرفية، تجاوزت توقعات المسؤولين والأسواق مستوى 5.10% في ديسمبر/ كانون الأول، ثم 5.40% في أول مارس/ آذار. لكن أغلب تلك التوقعات تغيرت بعد انهيار بنك سيليكون فالي.

ومازال بنك غولدمان ساكس، حتى منتصف نهار الأربعاء، يتوقع ألا يقوم البنك الفيدرالي بأي رفع اليوم، رغم انتظاره رفع الفائدة ثلاثة أرباع نقطة مئوية، قبل نهاية العام الحالي، وصولاً إلى 5.375%.

وقال الاقتصادي بالبنك ديفيد ميركل في مذكرة للعملاء، أول أمس الإثنين "ليس من المنطقي تشديد السياسة النقدية وسط الضغط المستمر في النظام المصرفي الذي يمكن أن يشكل مخاطر هبوط كبيرة على الاقتصاد".

وتشير أغلب التوقعات إلى أنّ رفعاً بخمس وعشرين نقطة أساس فقط سيفتح الطريق لبضعة تخفيضات قبل نهاية العام، لنعود مجدداً إلى نطاق 4.25% - 4.50%.

وكتب أندرو هولينهورست، الاقتصادي في بنك سيتي، أمس الثلاثاء: "تقلل الأسواق بشكل كبير من احتمالية أن ترتفع معدلات السياسة النقدية ثم تظل عند مستويات أعلى لفترة أطول. لكن من وجهة نظرنا، فإنّ صناع السياسة لا يتخلون عن كل شيء لخفض أسعار الفائدة بقوة عندما ترتفع مخاطر الاستقرار المالي".

واستشهد هولينهورست بالعديد من الأزمات التي تعرض لها النظام المالي الأميركي والعالمي، والتي مازالت ماثلة في الأذهان، حيث توقف البنك الفيدرالي مؤقتًا عن الرفع، وخفض الفائدة في بعض الأحيان، ليبدأ بعدها سريعاً في عكس المسار، ورفع الفائدة من جديد.

المساهمون