استمع إلى الملخص
- رغم فتح تركيا معابر جديدة، يبقى الوضع غير مستقر، حيث أظهرت دراسة أن 5% فقط يخططون للعودة قريباً، بينما 63% يرغبون في العودة مستقبلاً بسبب مخاوف الأمان والاقتصاد.
- المشهد السياسي غير واضح مع قيادة "هيئة تحرير الشام"، مما يعقد الاستقرار. بعض الدول الأوروبية تدرس ترحيل اللاجئين، بينما تدرس ألمانيا حوافز للعودة الطوعية. الوضع الاقتصادي في سوريا يشكل تحدياً كبيراً للعائدين.
أثار سقوط نظام بشار الأسد مؤخرًا نقاشات بين اللاجئين السوريين والمجتمع الدولي حول احتمالات عودتهم إلى سورية. ورغم أن نهاية نظام ديكتاتوري قد تشير إلى احتمال عودة جماعية، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا، إذ تتأثر هذه القضية بعوامل مثل الأمن والاستقرار السياسي والظروف الاقتصادية، إضافة إلى الظروف الشخصية.
ووفقًا لتقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عام 2021، نزح حوالي 6.6 ملايين سوري من البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، واستقر معظمهم في بلدان مجاورة، بينما أعيد توطين عدد كبير في أوروبا وأميركا الشمالية. ومع الانهيار المفاجئ لنظام الأسد وجيشه، جاءت ردود الفعل متفاوتة بين السكان النازحين.
وفي أعقاب سقوط الأسد، بدأ الآلاف من اللاجئين السوريين في العودة إلى وطنهم مدفوعين بآمال بمستقبل أفضل، ورغبة في لمّ شملهم مع أفراد أسرهم. وزادت تركيا من عدد العائدين يوميًا وفتحت معابر حدودية جديدة لتسهيل العملية، إلا أن الوضع ما زال غير مستقر، ما دفع العديد من اللاجئين إلى توخي الحذر، قبل اتخاذ القرار الصعب: هل يعودون إلى وطن حر لكنه مدمر، أم يظلون في البلدان التي تستضيفهم؟
وأظهرت دراسة نُشرت في British Journal of Political Science أن 5% فقط من اللاجئين السوريين خططوا للعودة خلال العام المقبل، بينما أعرب 63% عن رغبتهم في العودة في وقت ما في المستقبل. ويرجع هذا التردد إلى مخاوف تتعلق بالأمان والفرص الاقتصادية، كما توفر الخدمات العامة في سورية.
ولا يزال المشهد السياسي في سورية غير واضح، فالتحالف الذي أطاح الأسد تقوده جماعة "هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة إسلامية، يقول موقع vox.com المتخصص في "تحليل الأخبار" إنها مصنفة منظمة إرهابية من قبل عدة دول، ما يعقد احتمالات الاستقرار ويثير تساؤلات حول احتمالات تدخل قوى إقليمية أو دولية في المشهد السوري.
وبالنسبة للكثيرين، يعتمد قرار العودة على مكان إقامتهم الحالي. ويعيش الملايين من اللاجئين السوريين في بلدان مجاورة لسورية، مثل لبنان وتركيا والأردن، ويعانون من ظروف هشة في مخيمات اللاجئين المكتظة التي تفتقر إلى الموارد الأساسية، بينما نزح آخرون داخليًا باتجاه بعض المناطق التي كانت خارج سيطرة نظام الأسد.
واستُقبل أكثر من مليون لاجئ آخر في دول أوروبية، وفي الولايات المتحدة، وكندا، وقد يفضل هؤلاء الانتظار لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، بينما قد يكون لبعضهم تشوق لإعادة التواصل مع العائلة والأصدقاء، لكنهم مترددون في اقتلاع حياتهم من جديد، خاصة إذا كان لديهم أطفال لا يتذكرون الحياة في سورية.
وعلى الجانب الآخر، فإن بعض الدول لا تنتظر قرار اللاجئين أو إعادة بناء سورية، حيث أعلنت النمسا، التي تستضيف حوالي 100 ألف مهاجر سوري، بالفعل عن خطط للترحيل. وبالتزامن، علقت دول مثل بلجيكا وألمانيا واليونان وفنلندا وأيرلندا والسويد والدنمارك والنرويج والمملكة المتحدة طلبات اللجوء من السوريين، وتدرس فرنسا اتخاذ إجراء مماثل. وتستكشف ألمانيا، التي تستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، حالياً تقديم حوافز مالية لتشجيع العائدين الطوعيين.
وفي بعض الدول الأوروبية، عبّر اللاجئون السوريون عن قلقهم إزاء رغبة بعض السياسيين في تسهيل عودتهم، حيث اندمج الكثير منهم بنجاح في المجتمع الألماني ويرون أن اقتراح العودة سابق لأوانه، نظرًا لعدم الاستقرار الواضح في سورية. وينعكس هذا الشعور أيضًا في مجتمعات اللاجئين السوريين في أجزاء أخرى من العالم.
ويشكل الوضع الاقتصادي في سورية تحدياً كبيراً للعائدين، إذ دمّرت سنوات الصراع البنية التحتية، مما أدى إلى نقص في الخدمات الأساسية وتراجع الفرص الاقتصادية. ولا تزال جهود إعادة الإعمار في مراحلها الأولى، وبدون تحسين اقتصادي كبير، قد يجد العديد من اللاجئين صعوبة في إعالة أنفسهم عند العودة.
وتلعب العوامل الشخصية أيضاً دوراً حاسماً في قرار العودة، حيث أظهرت دراسة مقارنة بين اللاجئين السوريين في ألمانيا وتركيا أن النساء والأفراد ذوي التعليم العالي أقل رغبة في العودة، ما جعل اللاجئين المتزوجين أقل ميلاً للعودة على المدى القصير، في حين أعرب الفقراء عن رغبتهم في العودة على المدى البعيد.