هل يتعرض الاقتصاد الأميركي لأزمة عام 2008 مرة أخرى؟

30 مايو 2024
شبح أزمة مالية يخيّم على الاقتصاد الأميركي - كاليفورنيا 6 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الشركات الأمريكية تواجه تحديات مالية بسبب ارتفاع معدلات الفائدة، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف إعادة تمويل الديون بمليارات الدولارات، مع توقع دفع 381 مليار دولار إضافية بحلول 2030.
- بنك الاحتياط الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لأعلى مستوى منذ 2001 للسيطرة على التضخم، مما يشير إلى استمرار الضغط المالي على الشركات مع توقعات بزيادات مستمرة لعدة سنوات.
- تزايد القلق بين المسؤولين التنفيذيين حول قدرة شركاتهم على تحمل التكاليف الإضافية، مع توقعات بأزمة مالية مشابهة لعام 2008 ولكن بوتيرة أبطئ، مما يستدعي تطوير استراتيجيات مالية جديدة.

بدأت الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة بمواجهة صعوبات عند سعيها لتجديد التسهيلات التي حصلت عليها من قبل، حيث سبّب ارتفاع معدلات الفائدة تكبّدها مليارات الدولارات الإضافية، الأمر الذي يرى البعض أنه قد يؤدي إلى حدوث أزمة مالية في الاقتصاد الأميركي على النحو الذي شهدناه في عام 2008.

ووجد بحث جديد نشرته شركة بارينغا Baringa، وهي شركة استشارات عالمية، أن الشركات التي تقوم بإعادة التمويل بين هذا العام وعام 2030 ستدفع 381 مليار دولار إضافية بسبب ارتفاع معدلات الفائدة المطبقة على قروضها، وهو ما يمثل أكبر زيادة منفردة في التكاليف المرتبطة بالديون عن الفترات المماثلة، وأعلى إجمالي مدفوعات فائدة تراكمية تواجهها الشركات داخل الاقتصاد الأميركي على الإطلاق.

ومن المتوقع أن تحدث أكبر نفقات للفائدة على هذه القروض في عام 2024، حيث يستحق أكثر من 3 تريليونات دولار من القروض والسندات هذا العام. ومن المرجح أن تدفع الشركات التي تعيد تمويل هذا الدين فوائد إضافية بقيمة 76 مليار دولار في 2024، مقارنة بما كانت تدفعه في ظل أسعار الفائدة المنخفضة، وفقًا لـ"بارينغا"، التي حلّلت بيانات شركة فاكت ست FactSet.

الاقتصاد الأميركي و"تبعات مؤلمة"

وقالت سيندرا مهراج، مسؤولة عمليات الخدمات المالية في "بارينغا": "من المغري أن ننظر إلى أسعار الفائدة المستقرة ونستنتج أن الأسوأ قد تجاوزنا، لكن هذا ببساطة ليس صحيحاً. في الواقع، بدأت الشركات الأميركية، والاقتصاد الأميركي برمته، للتو في تجربة التبعات المؤلمة للتصاعد السريع في أسعار الفائدة، التي يتوقع أن تستمر لعدة سنوات قادمة".

ورفع بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد في عامي 2022 و2023 إلى أعلى مستوى منذ عام 2001، في محاولة لإبطاء الاقتصاد وتهدئة التضخم. وتدور حالياً محادثات شاقة بين المسؤولين داخل البنك وخارجه، للتوصل إلى الموعد المناسب لبدء دورة جديدة لخفض الفائدة، ستكون الأولى منذ عام الجائحة، وسط دلائل على تباطؤ تراجع التضخم.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأشار عدد من صنّاع السياسات في بنك الاحتياط الفيدرالي في الأسابيع الأخيرة إلى أنهم سيبقون أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعاً في السابق، حتى يتأكدوا من التغلب على التضخم المرتفع. ويتوقع أغلب المستثمرين الآن أن يبدأ بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر/ أيلول أو نوفمبر/ تشرين الثاني، على أن يكون هناك تخفيض واحد أو اثنين فقط هذا العام، فيما اعتبر تحولاً جذرياً عن توقعاتهم في بداية العام، حين انتظروا ستة تخفيضات في أسعار الفائدة، تبدأ في مارس/آذار. ووفقاً لـ"بارينغا"، فإن عواقب ارتفاع المعدلات "كبيرة".

وبدأت معدلات التخلف عن السداد بالفعل في الارتفاع، حيث ارتفعت معدلات التخلف عن سداد الديون ذات العائد المرتفع إلى 3.04% في نهاية الربع الأول، من 2.94% في نهاية عام 2023، وفقًا لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني. وبالمقارنة، في عام 2022، كان معدل التخلف عن السداد 1.3% فقط.

وقال نيك فورست، الشريك في "بارينغا"، لشبكة فوكس بيزنس: "نحن نشهد بالفعل ارتفاع معدلات التخلف عن السداد. إنها أعلى مما كانت عليه قبل كوفيد، وقبل أزمة الطاقة، لكننا لا نرى ارتفاعًا سريعًا لأن العامل المسبب لذلك هذه المرة ليس فيروس كورونا أو الحرب الأوكرانية، وهو ما سيجعل التحرك بطيئًا، وأرى زيادة تدريجية مع تغلغل تكلفة الديون المرتفعة داخل النظام المالي".

وقال ما يقرب من نصف كبار المسؤولين التنفيذيين الماليين، حوالى 47%، إن شركاتهم "ليست مستعدة بشكل كامل" بخطة مالية لتغطية التكلفة الإضافية للتمويل، وفقًا لاستطلاع أجرته "بارينغا" في مارس/ آذار على 251 من المديرين الماليين ومسؤولي الخزانة. وقال 41% آخرون إنه على الرغم من أن لديهم السيولة والاحتياطيات النقدية اللازمة للبقاء على قيد الحياة في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أنهم يعتقدون أن شركاتهم ستكافح من أجل البقاء في هذا المناخ. وقال حوالى 2.4% من المشاركين في الاستطلاع إن ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع تكلفة الديون وضع "قد يكون كارثياً".

وقال فورست: "في أسوأ السيناريوهات، قد تؤدي بيئة أسعار الفائدة المرتفعة الجديدة إلى تكرار الأزمة المالية لعام 2008: أزمة ائتمان، ولكن بوتيرة أبطأ، وشركات الخدمات المالية بحاجة إلى الاستعداد".

وخلافاً لأزمة عام 2008، التي بدأت بضغوط كبيرة على الائتمان لم تتم تلبيتها، فسوف يتعين على الشركات الآن أن تفطم نفسها عن سنوات من الديون الرخيصة، أو تجد طرقاً جديدة لإعادة التمويل، أو العمل على خفض مستويات ديونها الحالية.

وهناك أيضًا احتمال حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقًا من الشركات التي تتحمل ديونًا أكثر تكلفة، حيث يمكن أن تتسرب التكلفة المرتفعة إلى المستهلكين. وقال حوالى 22% من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيرفعون الأسعار من أجل تعويض التكاليف المرتفعة لإعادة تمويل ديونهم، الأمر الذي قد يدفع التضخم إلى الارتفاع من جديد، بينما قال حوالى 17% إنهم سيضغطون على هوامش أرباحهم، وقال 14% إنهم سيجمدون التوظيف، وقال 14% آخرون إنهم سيعانون من أزمة سيولة قد تؤدي إلى إنهاء أعمالهم.

المساهمون