كما يندفع النمل على خلية النحل، اندفع جيش من "الشباب الهواة" على سهم شركة "غيم ستوب" وأسهم بعض الشركات النظيرة خلال ثلاثة أيام بين 26 و29 يناير/ كانون الثاني ليرفعوا سهم الشركة المتخصصة في ألعاب الفيديو بنسبة تقارب 500% في ثلاثة أيام فقط. لكن الأزمة التي حدثت بسبب "هجوم الشباب الهواة" لم تكن فقط بسبب ارتفاع السهم، وإنما بسبب الخسائر التي سببتها لصناديق التحوط التي راهنت عبر آلية البيع على المكشوف على تراجع أسهم "غيم ستوب" ونظيراتها بمعدلات كبيرة. لكن ما هي عملية البيع على المكشوف، وكيف حصل هؤلاء الشباب على المعلومات الخاصة بالأسهم التي راهنت عليها صناديق التحوط وبعض المؤسسات الاستثمارية؟
البيع على المكشوف استراتيجية تجارية أو استثمارية تستخدمها الصناديق والمصارف الاستثمارية الكبرى في تحقيق مكاسب ضخمة عبر اقتراض أسهم الشركات لفترة قصيرة من مالكيها بهدف إرجاعها لاحقاً لهم مقابل حصول المالك على رسوم ضئيلة. وعادة ما يتم ترتيب عمليات البيع على المكشوف عبر شركات الوساطة في أسواق المال أو البورصات.
وتستخدم عمليات البيع المكشوف في اقتراض أسهم الشركات التي تراهن الصناديق أو المصارف الاستثمارية على تراجعها أو انهيارها أو حتى في بعض الأحيان لديها القدرة على دفعها نحو هاوية الانهيار، وبالتالي فهي تقترض السهم من المالك عبر الوسيط وتبيعه بسعر السوق على أمل شرائه بعد فترة قصيرة بسعر أرخص وإرجاعه لمالكه، وهي من آليات المتاجرة عالية المخاطر، ولذلك فهي مقصورة على المحترفين من كبار المستثمرين.
ما حدث بالنسبة لسهم "غيم ستوب" خلال الأسبوع الماضي، أن جيشا من "الشباب الهواة" الذين يعانون من الضجر والملل بسبب إغلاق جائحة كورونا للنشاطات الترفيهية، قرروا التحالف للتأثير على كبار المستثمرين في البورصة. وساعدتهم في ذلك منصات موقع "روبن هود" الذي يوفر الاستثمار في البورصة من دون دفع رسوم، وكذلك موقع "ريد ديت" الذي ينشر بيانات الأسهم التي تتم المتاجرة فيها بـ"البيع على المكشوف". بالتالي استغل هؤلاء الشباب الذين لا يدفعون رسوماً أو يتكبدون مصاريف إدارية في عمليات الاستثمار مثل صناديق الاستثمار للتحالف وضرب بعض كبار المستثمرين.
ولأن عدد هؤلاء الشباب يقدر بالملايين، فإنه يكفي أن يضع كل واحد منهم بضع دولارات والتحدث مع بعضهم بعضا للتأثير على سهم أي شركة في البورصة صعوداً أو هبوطاً.
لكن في حال سهم "غيم ستوب" ونظيراتها، اختار صغار المستثمرين ضرب صناديق التحوط، إذ قاموا بشراء السهم ورفع قيمته لمستويات قياسية في حركة معاكسة لتوقعات تلك الصناديق التي كانت تنتظر خسارة السهم لشرائه مرة أخرى وتحقيق أرباح من فارق السعر، أي الفارق بين بيعه بسعر أعلى بعد اقتراضه وشرائه لاحقاً بسعر رخيص، ضمن آلية البيع على المكشوف، وهو ما أدى إلى اضطرار هذه الصناديق لبيع جزء من أصولها المالية لشراء السهم بسعر خيالي لتغطية مراكزها المكشوفة لدى شركات الوساطة المالية. وهؤلاء الشباب معظمهم يسكنون مع أهاليهم وتسلموا شيكات التحفيز الحكومية أو يعيشون على شيكات إعانات البطالة، وبالتالي لا يتكبدون خسائر في عمليات التأثير على السهم.