تصاعد هجمات الحوثيين يؤرق الأسواق الغربية: تأخر البضائع وارتفاع الأسعار

10 يناير 2024
تغير شركات تشغيل سفن الحاويات الكبرى مسار السفن بعيداً عن قناة السويس (Getty)
+ الخط -

قال مسؤولون تنفيذيون وخبراء لوكالة "رويترز" إن تجار التجزئة في جميع أنحاء العالم يعمدون إلى تخزين البضائع قبل عطلة العام القمري الجديد في الصين (فبراير المقبل) ويبحثون عن بدائل مثل النقل الجوي أو السكك الحديدية للابتعاد عن البحر الأحمر مع تصاعد هجمات الحوثيين هناك، في محاولة لتجنب نفاد المخزون في الربيع المقبل.

وقال أحد متاجر التجزئة الأوروبية إنه يؤجل الحملات التسويقية لبعض السلع بعينها لحين الحصول على مخزون مناسب.

وتغير شركات تشغيل سفن الحاويات الكبرى مثل "ميرسك" و"هاباغ لويد" مسار السفن بعيداً عن قناة السويس، والتي تعد أقصر طريق من آسيا إلى أوروبا، بعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وتضامناً مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية بدعم أميركي، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

وقالت شركة "هاباغ لويد" الألمانية، الثلاثاء، إن الملاحة البحرية في البحر الأحمر لا تزال خطرة، مؤكدة استمرار العمل بقرارها تحويل رحلاتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، حول القارة الأفريقية.

وأثار تغيير المسار مخاوف من حدوث اضطراب طويل الأمد آخر في التجارة العالمية، يماثل تعطل سلاسل الإمداد بعد تفشي جائحة كوفيد-19. ويضيف الإبحار حول طريق رأس الرجاء الصالح عند الطرف الجنوبي لأفريقيا مليون دولار لتكاليف الوقود ونحو 10 أيام إلى زمن الرحلة.

وقالت شركة "فريتوس" (Freightos) متعددة الجنسيات الأحد الماضي، إن أجور الشحن البحري بين آسيا وأوروبا والأميركيتين قفزت بنسبة وصلت 173% منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بسبب أزمة البحر الأحمر القائمة مع تصاعد هجمات الحوثيين.

عسكرياً، قال وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس، الأربعاء، إن قوات بلاده أحبطت بالتعاون مع قوات البحرية الأميركية "أكبر" هجوم يشنه الحوثيون في البحر الأحمر منذ بدء الهجمات في نوفمبر 2023. كذلك، قالت القيادة المركزية للجيش الأميركي إن "الهجوم المعقد الذي شنه الحوثيون شمل طائرات مسيرة تحمل قنابل وصواريخ كروز مضادة للسفن وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن".

وتظهر المقابلات مع خمسة من تجار التجزئة الذين يبيعون كل شيء من الأثاث إلى المكونات الميكانيكية، ومع المحللين الخطوات غير العادية التي تتخذها الشركات للتكيف مع التطورات.

وتعتمد شركة "بي.دي.آي" للأثاث ومقرها الولايات المتحدة بشكل أكبر على المصانع في تركيا وفيتنام. كما تطلب من وسطاء الشحن تجنب قناتي بنما والسويس وشحن البضائع عبر المحيط الهادي إلى كاليفورنيا، إذ يمكن نقلها بالسكك الحديدية إلى مستودعاتها على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وقال حنا حجار، نائب رئيس العمليات في الشركة، إن هناك تراجعاً في مخزون الشركة من أثاث غرف النوم والأثاث المكتبي الموجود بالفعل على متن السفن. تابع: "لم نتوقع كل هذه التأخيرات الأخيرة" مضيفاً أن الاضطرابات أدت إلى إطالة وقت وصول الرحلات البحرية من فيتنام بما بين 10 و15 يوماً.

وتدرس الشركات التي تنقل البضائع من الصين إلى أوروبا والولايات المتحدة بدائل مثل السكك الحديدية والنقل الجوي، لكن الأسعار المرتفعة تعني أنه يجب أن تكون هناك استراتيجية بشأن تحديد المنتجات ذات الأولوية.

وتهدف "بي.دي.آي" إلى خفض اعتمادها على الصين إلى 40% من إجمالي الطلبيات على مدار العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة من 60 % حالياً، وذلك من خلال الاستعانة بمصادر أكثر من فيتنام وتركيا.

وعلى الرغم من أن التجارة بين آسيا وأوروبا هي الأكثر عرضة لاضطرابات قناة السويس على خلفية هجمات الحوثيين، فإن ما يصل إلى 30% من الشحنات إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة تتحرك عبر القناة. كما يمر عبر مضيق باب المندب جنوبي البحر الأحمر ومنه إلى قناة السويس، ما يقرب من 10% من إجمالي النفط المتداول عبر البحر، كما يمر ما يقدر بنحو تريليون دولار من البضائع عبر المضيق سنوياً. 

 سباق مع الزمن

في 10 فبراير/ شباط المقبل، تغلق المصانع في الصين أبوابها لمدة تتراوح بين أسبوعين وشهر بمناسبة عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، لذلك تحاول الشركات عادة استيراد وتصدير أكبر قدر ممكن مسبقاً. لكن مع إعادة توجيه السفن، سيعود عدد أقل من السفن إلى الصين في الوقت المناسب لتحميل البضائع قبل العطلة. وهذا يعني احتمال حدوث تأخيرات في وصول المنتجات المقرر وصولها إلى المحلات في الدول الغربية في إبريل/ نيسان أو مايو/ أيار المقبلين.

وأبلغ خبراء اللوجستيات بالفعل عن نقص في الحاويات في ميناء نينغبو في الصين.

وقال المدير العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "فلوينت كوميرس" لبرامج إدارة المخزونات، روب شو، إنّ "أسوأ ما يمكن أن يحدث لبائعي التجزئة هو تأخير كبير في منتج لن يتمكنوا من تسويقه بسبب طابعه الموسمي".

كما قالت شركة "ألدي نورد" الأوروبية إنها قد تتسلم سلعاً مثل السلع المنزلية والألعاب والديكورات في وقت متأخر عما كان مخططا له، ونتيجة لذلك، فإنها تؤجل الإعلان عن منتجات بعينها.

كذلك، قالت علامة "نكست" البريطانية إن التأخيرات يمكن التحكم فيها مقارنة بالتأخيرات التي حدثت أثناء كوفيد-19. واستطاعت العلامة التجارية للبيع بالتجزئة، التي تأتي بمعظم منتجاتها من آسيا، تجنب الأزمة من خلال الطلبيات المبكرة واللجوء للشحن الجوي بشكل أكبر.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي للشركة، سايمون ولفسون، لـ"رويترز" إن "الدروس (من كوفيد-19) بشأن تأخر المخزون هي: اطلبوا مبكراً قليلاً واسمحوا بمزيد من الشحن الجوي قليلاً".

وأحد الخيارات هو طريق السكك الحديدية من غرب الصين إلى أوروبا الشرقية.

وفي هذا الإطار، قال المدير الإداري لشركة "كاردينال غلوبال لوجيستكس" في المملكة المتحدة، كريغ بول، إن تكلفة استخدام هذا الطريق قفزت إلى ما بين 9000 و10500 دولار لكلّ حاوية 30 متراً من نحو 7000 دولار في نوفمبر الماضي، وتتزايد يومياً.

في السياق نفسه، قال مؤسس شركة "آي.سي تريد" ماركو كاستيلي إنّ شركته، التي تستورد المكونات الميكانيكية من الصين إلى إيطاليا، تستكشف خيار السكك الحديدية، لكن "ليس من السهل العثور على المساحة... للتعويض عن سفينة واحدة، تحتاج إلى 100 قطار".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون