هبوط تاريخي للريال اليمني يثير سخط الشارع: أي أفق لحل الأزمة؟

12 اغسطس 2021
ضبط الأسواق لم ينعكس ارتفاعاً بسعر الريال (Getty)
+ الخط -

يواجه اليمن واحدة من أسوأ أزماته الناجمة عن الحرب، تتمثل بالتراجع الحاد في العملة المحلية (الريال)، ما سبّب تفاقماً أكبر للوضع الإنساني المتدهور في البلاد، وسط عجز حكومي ملحوظ.

وبات تراجع العملة إحدى أبرز القضايا التي حرص اليمنيون على الاهتمام بها وشغلت تفكيرهم بمتابعة جديدها، وسط حالة سخط شعبي من الانهيار الحاصل للعملة.

وبينما كان يُصرَف الدولار الواحد مطلع 2015، بنحو 215 ريالاً فقط، واصلت العملة المحلية تراجعها القياسي، وبات الدولار يُصرَف بنحو 1060 ريالاً في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة.

منذ أسابيع، تظهر الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، اهتماماً أكبر بقضية تراجع العملة، حيث اتخذت عديداً من الإجراءات التي لم تؤتِ أكلها، فالريال مستمر بالتدهور، والأسعار تتواصل في التصاعد، فيما اليمنيون يتحملون ثمن ذلك.

ومن بين تلك الإجراءات، إغلاق عدد كبير من محلات الصرافة غير المرخصة المتهمة بالمضاربة بالعملة، بينها 150 محلاً أغلقت في مدينة تعز (جنوب) لوحدها.

كذلك، أصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، لائحة جديدة لتنظيم عملية الصرافة، ضمن الإجراءات الرامية إلى وقف انهيار العملة.

تزامنت الإجراءات مع مناشدات حكومية متكررة للمجتمع الدولي، لتقديم دعم عاجل لوقف انهيار العملة.

آخر المناشدات، الاثنين، على لسان رئيس الحكومة معين عبد الملك خلال لقائه في العاصمة السعودية الرياض، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن وليام غريسلي.

وتحتاج السوق اليمنية، بشكل عاجل، لكميات كبيرة من النقد الأجنبي (الدولار) وضخها في السوق المحلية، لوقف مضاربة شريحة من التجار الذي يستغلون شحه محلياً.

وليس بوسع الحكومة اليمنية حالياً توفير كميات كبيرة من النقد الأجنبي، إلا في حالة تنشيط قطاعي النفط والغاز، اللذين تضررا كثيراً بفعل تداعيات الحرب.

وفي إشارة إلى وجود عجز حكومي، قال محمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام، إنّ "العملة اليمنية في تدهور مستمر رغم الخطوات التي أعلنها البنك المركزي". وأضاف عبر "تويتر"، السبت، أنّ "عودة الحكومة إلى ‎اليمن بشكل دائم ووضع يدها على المنشآت النفطية والغازية والمؤسسات الإيرادية واتخاذ معالجات حقيقية صادقة، هي التي ستعيد للعملة عافيتها".

ومنذ أشهر، تمارس الحكومة مهامها من العاصمة السعودية الرياض، إثر توتر العلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي (مدعوم إماراتياً) المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن التي تُعَدّ المقر الرسمي للحكومة.

وأدى استمرار الصراع السياسي المتأزم بين الحكومة والمجلس الانتقالي، إلى عدم الثقة بالعملة المحلية، وبالتالي تواصل تراجع قيمتها، وفق مراقبين.

في 4 أغسطس/ آب الجاري، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّ "الريال اليمني فقد ما يزيد على 36% من قيمته مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي".

وأفاد المكتب، في تقرير، بأنه "في الشمال اليمني (المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين) ظل سعر الصرف مستقراً نسبياً منذ أواخر 2019، وظل أقل من 600 ريال يمني لكل دولار".

وحول مستقبل العملة المحلية، أفاد الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي بأنّ "الريال اليمني يتجه نحو الهبوط بشكل متسارع، بحكم أن الحكومة والبنك المركزي لا يقومان بأي إجراءات فعالة".

وأضاف لمراسل "الأناضول"، أنه "في الوقت نفسه تستمر مليشيا الحوثي بممارساتها التي تلتهم إيرادات الدولة وتقسم الاقتصاد ونهب أموال المواطنين، عبر ما يُسمى الفارق في سعر العملة المحلية بين المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة والأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين".

ولفت إلى أنّ ما يجب على الحكومة القيام به يتمثل في "تدعيم الإيرادات عبر زيادة الإنتاج من النفط الخام وإعادة تصدير الغاز المسال".

وتابع "لو أُعيد تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف في محافظة شبوة (جنوب) تستطيع اليمن أن تجني ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً، ستلعب دورها في تدعيم الريال".

ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حرباً، أودت بحياة 233 ألفاً، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

(الأناضول)

المساهمون